الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ مِيرَاثِ المَفْقُودِ)
وهو: مَن انقطعَ خبرُه فلم تُعلَمْ له حياةٌ ولا موتٌ.
(مَنْ خَفِيَ خَبَرُهُ بِأَسْرٍ، أَوْ سَفَرٍ غَالِبُهُ السَّلَامَةُ؛ كَتِجَارَةٍ) وسياحةٍ؛ (انْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ تِسْعِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ)؛ لأنَّ الغالبَ أنَّه لا يَعيشُ أكثرَ مِن هذا، وإن فُقِدَ ابنُ تسعين؛ اجتهد الحاكمُ.
(وَإِنْ كَانَ غَالِبُهُ الهَلَاكَ؛ كَمَنْ غَرِقَ فِي مَرْكَبٍ فَسَلِمَ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ، أَوْ فُقِدَ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ، أَوْ فِي مَفَازَةٍ مَهْلَكَةٍ (1) كدربِ الحجازِ؛ (انْتُظِرَ بِهِ تَمَامُ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ تَلِفَ)، أي: فُقِد؛ لأنَّها مدَّةٌ يَتكرَّرُ فيها تردُّدُ المسافرين والتُّجارِ، فانقطاعُ خَبرِهِ عن أهلِهِ يُغلِّبُ على الظنِّ هلاكُهُ؛ إذ لو كان حيًّا لم يَنقطِعْ خَبرُه إلى هذه الغايةِ.
(ثُمَّ يُقْسَمُ مَالُهُ فِيهِمَا)، أي: في مسألتَي غلبةِ السَّلامةِ بعدَ
(1) قال في المطلع (ص 374): (قال الجوهري: المفازة: واحدة المفاوز، وقال ابن الأعرابي: سميت بذلك تفاؤلاً بالسلامة، قلت: ويجوز أن يكون سميت مفازة: من فاز يفوز: إذا مات، حكاها ابن القطاع، وغيره، وقال: وهو من الأضداد.
والمهلكة: بفتح الميم واللام، ويجوز كسرها، حكاها أبو السعادات وغيره، ويجوز ضم الميم مع كسر اللام: اسم فاعل من أهلكت فهي مهلكة، وهي الأرض يكثر بها الهلاك، يقال: هلك الشيء يهلِك، بكسر اللام، وأهلكه غيره، وحكى ابن القطاع، هلكه بمعنى أهلكه، وحكاها أبو عبيد عن تميم).
التسعين، وغلبةِ الهلاكِ بعدَ الأربعِ سنين، فإن رَجَع بعدَ قَسْمٍ (1)؛ أَخَذ ما وَجَد ورَجَع على مَن أتلفَ شيئاً به.
(فَإِنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ) السابقةِ؛ (أَخَذَ كُلُّ وَارِثٍ إِذاً)، أي: حينَ الموتِ (اليَقِينَ)، وهو ما لا يُمكِنُ أن يَنقُصَ عنه مع حياةِ المفقودِ أو موتِهِ، (وَوُقِفَ مَا بَقِيَ) حتى يتبيَّنَ أمرُ المفقودِ، فاعْمَل مسألةَ حياتِه ومسألةَ موتِه، وحَصِّلْ أقلَّ عَددٍ يَنقَسِمُ على كلٍّ منهما، فيأخُذُ وارِثٌ منهما - لا ساقِطٌ في إحداهما- اليقينَ.
(فَإِنْ قَدِمَ) المفقودُ؛ (أَخَذَ نَصِيبَهُ) الذي وُقِفَ له.
(وَإِنْ لَمْ يَأْتِ)، أي: ولم تُعلَمْ حياتُه حينَ موتِ مُورِّثِهِ؛ (فَحُكْمُهُ)، أي: حكمُ ما وُقِفَ له (حُكْمُ مَالِهِ) الذي لم يخلِّفْهُ مُورِّثُهُ، فيُقضَى منه دَيْنُه، ويُنفَقُ على زوجتِه منه مدَّةَ تربُّصِه؛ لأنَّه لا يُحكَمُ بموتِه إلا عندَ انقضاءِ زمنِ انتظارِهِ.
(وَلِبَاقِي الوَرَثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى مَا زَادَ عَنْ حَقِّ المَفْقُودِ فَيَقْتَسِمُونَهُ) على حَسَبِ ما يَتَّفِقون عليه؛ لأنَّه لا يَخرُجُ عنهم.
(1) في (ق): قسم ماله.