الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الإِقْرَارِ)
وهو: الاعترافُ بالحقِّ، مأخوذٌ مِن المَقَرِّ، وهو المكانُ، كأنَّ المُقِرَّ يَجعَلُ الحقَّ في موضِعِه، وهو إخبارٌ عمَّا في نفسِ الأمرِ لا إنشاءٌ.
و(يَصِحُّ) الإقرارُ (مِنْ مُكَلَّفٍ)، لا مِن صغيرٍ غيرِ مأذونٍ (1) في تجارةٍ، فيصحُّ في قَدرِ (2) ما أُذِنَ له فيه، (مُخْتَارٍ، غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ)، فلا يصحُّ مِن سَفيهٍ إقرارٌ بمالٍ.
(وَلَا يَصِحُّ) الإقرارُ (مِنْ مُكْرَهٍ)، هذا محترزُ قولِه:(مُخْتَار)، إلا أنْ يُقِرَّ بغيرِ ما أُكرِهَ عليه، كأن يُكرَهَ على الإقرارِ بدرهَمٍ فيُقِرَّ بدينارٍ.
ويصحُّ مِن سَكرانَ، ومِن أخرسَ بإشارةٍ معلومةٍ.
ولا يصحُّ بشيءٍ في يَدِ غيرِه أو تحتَ ولايةِ غيرِه؛ كما لو أقرَّ أجنبيٌّ على صغيرٍ، أو وقفٍ في وِلايةِ غيرِه أو اختصاصِه.
وتُقبَلُ مِن مُقِرٍّ دَعْوَى إكراهٍ بقرينةٍ؛ كترسيمٍ عليه.
(1) في (ح): مأذون له.
(2)
في (ع): بقدر.
وتُقدَّمُ بيِّنةُ إكراهٍ على طواعيةٍ.
(وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ مَالٍ فَبَاعَ مُلْكَهُ لِذَلِكَ)، أي: لوزنِ ما أُكرِه عليه؛ (صَحَّ) البيعُ؛ لأنَّه لم يُكرَهْ على البيعِ.
ويصحُّ إقرارُ صبيٍّ أنَّه بَلَغ باحتلامٍ إذا بَلَغ عشراً، ولا يُقبَلُ بسنٍّ إلا ببيَّنةٍ؛ كدَعْوَى جنونٍ.
(وَمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ) ولو مَخوفاً ومات فيه (بِشَيْءٍ؛ فَكَإِقْرَارِهِ فِي صِحَّتِهِ)؛ لعدمِ تُهمتِه فيه، (إِلَّا فِي إِقْرَارِهِ)، أي: إقرارِ المريضِ (بِالمَالِ لِوَارِثِهِ) حالَ إقرارِه، بأن يقولَ: له (1) عليَّ كذا، ويكونُ (2) للمريضِ عليه دَيْنٌ فيُقِرُّ بقبضِه منه، (فَلَا يُقْبَلُ) هذا الإقرارُ مِن المريضِ؛ لأنَّه مُتَّهمٌ فيه، إلا ببيِّنةٍ أو إجازةٍ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) المريضُ (لامْرَأَتِهِ بِالصَّدَاقِ؛ فَلَهَا مَهْرُ المِثْلِ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِإِقْرَارِهِ)؛ لأنَّ الزوجيةَ دلَّت على المهرِ ووجوبِه، فإقرارُه إخبارٌ بأنَّه لم يُوَفِّهْ.
(وَلَوْ أَقَرَّ) المريضُ (أَنَّهُ كَانَ أَبَانَهَا)، أي: زوجتَه (فِي صِحَّتِهِ؛ لَمْ يَسْقُطْ إِرْثُهَا) بذلك إن لم تُصدِّقْهُ؛ لأنَّ قولَه غيرُ مقبولٍ عليها بمُجرَّدِه.
(1) قوله (له) سقطت من (ق).
(2)
في (ح): أو يكون.
(وَإِنْ أَقَرَّ) المريضُ بمالٍ (لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ المَوْتِ أَجْنَبِيًّا)، أي: غيرَ وارثٍ؛ بأن أقرَّ لابنِ ابنِه ولا ابنَ له، ثمَّ حَدَثَ له ابنٌ؛ (لَمْ يَلْزَمْ إِقْرَارُهُ) اعتباراً بحالتِه؛ لأنَّه كان مُتَّهماً، (لَا أَنَّهُ)، أي: الإقرارَ (بَاطِلٌ)، بل هو صحيحٌ موقوفٌ على الإجازةِ؛ كالوصيةِ لوارثٍ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) المريضُ (لِغَيْرِ وَارِثٍ)؛ كابنِ ابنِه مع وجودِ ابنِه، (أَوْ أَعْطَاهُ) شيئاً؛ (صَحَّ)(1) الإقرارُ والإعطاءُ، (وَإِنْ كَانَ (2) عِنْدَ المَوْتِ وَارِثاً)؛ لعدمِ التُّهمةِ إذْ ذاك.
ومسألةُ العطيَّةِ ذَكَرها في الترغيبِ (3)، والصحيحُ: أنَّ العبرةَ فيها بحالِ الموتِ؛ كالوصيةِ، عكسُ الإقرارِ.
وإن أقرَّ قِنٌّ بمالٍ، أو بما يوجِبُه؛ لم يُؤخَذْ به إلا بعدَ عتقِهِ، إلا مَأذوناً له فيما يَتعلَّقُ بتجارةٍ، وإن أقرَّ بحَدٍّ، أو طلاقٍ، أو قَوَدِ طَرفٍ؛ أُخِذَ به في الحالِ.
(وَإِنْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ) ولو سفيهةً (عَلَى نَفْسِهَا بِنِكَاحٍ، وَلَمْ يَدَّعِهِ)، أي: النكاحَ (اثْنَانِ؛ قُبِلَ) إقرارُها؛ لأنَّه حقٌّ عليها، ولا تُهمةَ فيه.
وإن كان المدَّعِي اثنين؛ فمفهومُ كلامِه: لا يُقبَلُ، وهو روايةٌ،
(1) ليست من المتن في الأصل وح
(2)
في (أ) و (ب) و (ع) و (ق): صار.
(3)
انظر: الإنصاف (12/ 138).
والأصحُّ: يصحُّ إقرارُها، جَزَم به في المنتهى وغيرِه (1).
وإن أقاما بيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ أقدمُ (2) النكاحَينِ، فإن جُهِلَ فقولُ وليٍّ، فإن جَهِلَه الوليُّ فُسِخَا، ولا ترجيحَ بيدٍ.
(وَإِنْ أَقَرَّ وَلِيُّهَا المُجْبِرُ بِالنِّكَاحِ)؛ صحَّ إقرارُه (3)، (أَوْ) أقرَّ به الوليُّ (الَّذِي أَذِنَتْ لَهُ) أن يُزوِّجَها؛ (صَحَّ) إقرارُه به؛ لأنَّه يَملِكُ عقدَ النكاحِ عليها، فمَلَكَ الإقرارَ به؛ كالوكيلِ.
ومَن ادَّعَى نكاحَ صغيرةٍ بيدِه؛ فَرَّق حاكمٌ بينهما، ثم إن صدَّقَتْهُ إذا بَلَغَت؛ قُبِلَ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) إنسانٌ (بِنَسَبِ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ أَنَّهُ ابْنُهُ؛ ثَبَتَ نَسَبُهُ (4) ولو أسقَطَ به وارِثاً مَعروفاً؛ لأنَّه غيرُ متَّهَمٍ في إقرارِه؛ لأنَّه لا حقَّ للوارِثِ في الحالِ، (فَإِنْ (5) كَانَ) المُقَرُّ به (مَيْتاً؛ وَرِثَهُ) المُقِرُّ.
وشَرْطُ الإقرارِ بالنَّسبِ: إمكانُ صِدقِ المُقِرِّ، وألا يَنفي به نَسباً
(1) منتهى الإرادات (2/ 420)، والتنقيح المشبع (ص 509).
(2)
في (أ) و (ب) و (ع): أسبق.
(3)
زاد في (ق): لأن من ملك إنشاء شيء ملك الإقرار به كالوكيل يملك بيع الموكل فيه فيصح إقراره به.
(4)
في (ح): نسبه منه.
(5)
في (ق): وإن.