الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ اليَمِينِ فِي الدَّعَاوَى)
أي: بَيانِ ما يُستَحلَفُ فيه وما لا يُستَحلَفُ فيه.
وهي تَقطَعُ الخصومةَ حالاً ولا تُسقِطُ حقًّا.
و(لَا يُسْتَحْلَفُ) مُنكِرٌ (فِي العِبَادَاتِ)؛ كدَعوى دَفعِ زكاةٍ وكفارةٍ ونذرٍ، (وَلَا فِي حُدُودِ اللهِ) تعالى؛ لأنها يُستحبُّ سَترُها والتعريضُ للمقرِّ بها ليَرجِعَ عن إقرارِه.
(وَيُسْتَحْلَفُ المُنْكِرُ) على صفةِ جوابِه بطَلَبِ خَصمِه (فِي كُلِّ حَقٍّ لآدَمِيٍّ)؛ لما تقدَّم مِن قولِه عليه السلام: «وَلَكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ» (1)، (إِلَّا النِّكَاحَ، وَالطَّلَاقَ، وَالرَّجْعَةَ، وَالإِيلَاءَ، وَأَصْلَ الرِّقِّ)؛ كدَعوى رِقِّ لقيطٍ، (وَالوَلَاءَ، وَالاسْتِيلَادَ) للأَمةِ، (وَالنَّسَبَ، وَالقَوَدَ، وَالقَذْفَ)، فلا يُستَحلَفُ مُنكِرُ شيءٍ (2) مِن ذلك؛ لأنها ليست مالاً، ولا يُقصَدُ بها المالُ، ولا يُقضى فيها بالنُّكولِ.
ولا يُستَحلَفُ شاهدٌ أنْكَر تَحمُّلَ الشهادةِ، ولا حاكمٌ أنْكَر الحُكمَ، ولا وَصيٌّ على نَفيِ دَيْنٍ على مُوصٍ.
(1) رواه مسلم (1711) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
في (ق): بشيء.
وإن ادَّعَى وصيٌّ وصيةً للفقراءِ، فأنكر الورثةُ؛ حُلِّفُوا (1)، فإن نَكَلُوا قُضِيَ عليهم.
ومَن تَوجَّهَ عليه حقٌّ لجماعةٍ؛ حَلَف لكلِّ واحدٍ يميناً، إلا أن يَرضَوا بواحدةٍ.
(وَاليَمِينُ المَشْرُوعَةُ) هي (اليَمِينُ بِاللهِ) تعالى، فلو قال الحاكمُ لمنكرٍ: قُل واللهِ لا حقَّ له عندي؛ كَفَى؛ «لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَحْلَفَ رُكَانَةَ بنَ عَبْدِ يَزِيدَ فِي الطَّلَاقِ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةٍ» (2).
(1) في (ق): حلفوا على نفي العلم.
(2)
رواه أبو داود (2206)، والترمذي (1177)، وابن ماجه (2051)، وأحمد كما في أطراف المسند المعتلي (7548)، وابن حبان (4274)، والحاكم (2807)، من طريق جرير بن حازم، عن الزبير بن سعيد، عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده: أنه طلق امرأته البتة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«ما أردت؟ » ، قال: واحدة، قال:«آلله؟ » ، قال: آلله، قال:«هو على ما أردت» . قال ابن حجر: (صححه أبو داود، وابن حبان، والحاكم)، وقال ابن ماجه:(سمعت الطنافسي يقول: ما أشرف هذا الحديث).
وقال الترمذي: (هذا حديث، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمداً -يعني: البخاري- عن هذا الحديث، فقال: فيه اضطراب)، وقال ابن الجوزي:(قال أحمد: حديث ركانة ليس بشيء)، وضعفه العقيلي، والإشبيلي، وابن تيمية، وابن القيم، قال ابن تيمية:(رواة هذا مجاهيل الصفات لا يعرف عدلهم وحفظهم، ولهذا ضعف أحمد، وأبو عبيد، وابن حزم وغيرهم)، وأعله الألباني بأربع علل: الأولى: جهالة علي بن يزيد بن ركانة. الثانية: ضعف عبد الله بن علي بن يزيد. الثالثة: ضعف الزبير بن سعيد. الرابعة: الاضطراب. ينظر: الضعفاء 2/ 89، التحقيق 2/ 293، الأحكام الوسطى 3/ 196، مجموع الفتاوى 32/ 311، زاد المعاد 5/ 241، تحفة المحتاج 2/ 397، التلخيص الحبير 3/ 458، الإرواء 7/ 139.
(وَلَا تُغَلَّظُ) اليمينُ (إِلَّا فِيْمَا لَهُ خَطَرٌ)؛ كجِنايةٍ لا تُوجِبُ قَوَداً، وعِتقٍ، ونِصابِ (1) زكاةٍ، فللحاكمِ تَغليظُها، وإن أبَى الحالِفُ التغليظَ؛ لم يَكُن ناكِلاً.
(1) في (ق): أو عتق أو نصاب.