الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
إن الحمد الله؛ نحمده، ونستعينُه، ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شُرور أنفسنا، ومِن سيِّئات أعمالِنا، مَن يهدِه الله؛ فلا مضلَّ له، ومَن يُضْلِل؛ فلا هاديَ له.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} [آل عمران: 102].
(1)
(1)
هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه. =
[الأحزاب: 70 - 71].
أمّا بعد:
فإن الله تعالى أرسل محمَّدًا صلى الله عليه وسلم بالحق بشيرًا ونذيرًا بين يدي السّاعة، فلم يترك خيرًا؛ إِلَّا دلَّ أمَّتَه عليه، ولا شرًّا؛ إِلَّا حذَّرها منه.
ولمَّا كانت هذه الأمة هي آخر الأمم، ومحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم هو خاتَم الأنبياء؛ خَصَّ الله تعالى أمَّته بظهور أشراط السّاعة فيها، وبيَّنَها لهم على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم أكمل بيان وأتمَّه، وأخبر أن علامات السّاعة ستخرج فيهم لا محالة، فليس بعد محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نبيٌّ آخر يبيِّنُ للناس هذه العلّامات، وما سيكون في آخر الزّمان من أُمور عظامٍ مؤذِنَةٍ بخراب هذا العالم، وبداية حياة جديدة؛ يُجازى فيها كلٌّ بحسب ما قدَّمت يداه، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ.
= انظر: "خطبة الحاجة" للشيخ محمّد ناصر الدين الألباني، طبع المكتب الإسلامي.
وهي في "سنن ابن ماجه"، كتاب النِّكاح، باب خطبة النِّكاح، من رواية عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، (1/ 609 - 610)، تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقي،، ط. دار إحياء التراث العربي، عام (1395 هـ).
ورواه الإمام أحمد (5/ 272)(ح 3721)، تحقيق أحمد شاكر وقال:"إسناده من طريق أبي عبيدة ضعيف لانقطاعه، ومن طريق أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة صحيح لاتصاله". "المسند"، طبع دار المعارف بمصر، (1367 هـ).
وقال الألباني على الطريق الثّاني: "صحيح على شرط مسلم". "خطبة الحاجة"(ص 14).
وقد ورد ذكر طرف من هذه الخطبة في "صحيح مسلم"، كتاب الجمعة، باب خطبته صلى الله عليه وسلم في الجمعة، (6/ 157 - مع شرح النووي)، طبعة دار الفكر، ط. ثالثة، (1389 هـ).
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7 - 8].
ولمَّا كان من العقائد الّتي يجب الإِيمان بها: الإِيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، ولما كان نظر الإِنسان قد لا يعدو هذه الحياة وما فيها من مَتاعٍ، فينسى اليوم الآخر، ولا يعمل له؛ جَعَلَ اللهُ بين يدي السّاعة أماراتٍ تدلُّ على تحقُّقها، وأنّها ستقع حتمًا، حتّى لا يخامر النَّاس أدنى شك فيها، ولا يفتنهم شيءٌ عنها.
فمن المعلوم أن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إذا ذكر من أشراطها شيئًا، ورأى النَّاس وقوعَ ذلك الشيء؛ علموا يقينًا أن السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها، فيعملوا لها، ويستعدُّوا لذلك اليوم، ويتزوَّدوا بالصَّالحات قبل فوات الأوان وانقضاء الأجل المحدود:{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر:56 - 58].
وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين".
وكان إذا ذَكَر السّاعة؛ احمرَّتْ وجنتاهُ، وعلا صوتُه، واشتدَّ غضبه؛ كأنّه نذير جيش يقول: صبَّحكم مسَّاكم
(1)
.
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الجمعة، باب خطبته صلى الله عليه وسلم في الجمعة، (6/ 153 - مع شرح النووي)، و"سنن النسائي" - واللفظ له-، كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، (3/ 188 - 189 - مع شرح السيوطيّ وحاشية السندي)، تصحيح حسن المسعودي، طبع دار إحاء التراث العربي، الشركة العامة، بيروت، و "سنن ابن ماجه"، المقدِّمة، باب اجتناب البدع والجدل، (1/ 17)، تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقي.