الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شاهد الموتى، ورأى القبور؛ نشز بطبعه، ونفر بسجيَّتِهِ من تمنِّيه، فلقوّة الشدة لم يصرفه عنه ما شاهده من وحشة القبور، ولا يناقض هذا النّهي عن تمني الموت؛ لأنّ مقتضى هذا الحديث الإِخبار عما يكون، وليس فيه تعرُّض لحكم شرعيٍّ"
(1)
.
وأخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه سيأتي على النَّاس شدَّةٌ وعناءٌ، حتّى يتمَنَّوْنَ الدَّجَّال، ففي الحديث عن حُذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على النَّاس زمانٌ يتمَنوْنَ فيه الدَّجَّال". قلت: يا رسول الله! بأبي وأُمي مم ذاك؟ قال: "ممَّا يلقون من العناء والعناء"
(2)
.
51 - كثرة الروم
(3)
وقتالهم للمسلمين:
قال المستورد القرشي عند عمرو بن بن العاص رضي الله عنهما: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقوم السّاعة والروم أكثر النَّاس". فقال له عمرو: أبصر ما تقول. قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4)
.
وجاء في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه ث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعدُدْ ستًّا بين يدي السّاعة
…
(فذكر منها:) ثمّ هدنة
(1)
"فيض القدير"(6/ 418)، وانظر:"فتح الباري"(13/ 75 - 76).
(2)
رواه الطبراني في "الأوسط"، والبزار بنحو، ورجالهما ثقات. انظر:"مجمع الزوائد"(7/ 284 - 285).
(3)
(الروم): من سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام. انظر: "النهاية/ الفتن والملاحم"(ص 58)، تحقيق د. طه ريني.
(4)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 22 - مع شرح النووي).
تكون بينكم وبين بني الأصفر
(1)
، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية
(2)
، تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفًا"
(3)
.
وعن جابر بن سمرة عن نافع بن عُتبة؛ قال: كنا مع رسوك الله صلى الله عليه وسلم
…
فحفظتُ منه أربع كلمات أعدُّهن في يدي؛ قال: "تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثمّ فارس فيفتحها الله، ثمّ تغزون الروم فيفتحها الله، ثمّ تغزون الدَّجَّال فيفتحه الله".
قال: فقال نافع: "يا جابر! لا نرى الدَّجَّال يخرج حتّى تفتح الروم"
(4)
.
وقد جاء وصفٌ للقتال الّذي يقع بين المسلمين والروم، ففي الحديث عن يسير بن جابرة قال: هاجت ريحّ حمراء بالكوفة، فجاء رجلٌ ليس له هجيري
(5)
إِلَّا: يا عبد الله بن مسعود! جاءت السّاعة. قال: فقعد - وكان متَّكئًا -، فقال: إن السّاعة لا تقوم حتّى لا يُقْسَم ميراث، ولا يُفْرَحَ
(1)
بنو الأصفر: هم الروم. انظر: "فتح الباري"(6/ 678).
(2)
إلخاية)، أي: راية. وسميت بذلك لأنّها غاية المتبع إذا وقفت وقف.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 404)، و"فتح الباري"(6/ 678).
(3)
رواه البخاريّ، وقد سبق تخريجه (ص 60).
(4)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 26 - مع شرح النووى).
(5)
(هجيرى)؛ بكسر الهاء والجيم المشدودة مقصورة الألف؛ أي: دأبه وشأنّه وعادته وديدنه ذلك.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(5/ 246)، و "شرح النووي لمسلم"(18/ 24).
بغنيمة. ثمّ قال بيده لهكذا، ونحاها نحو الشّام، فقال: عدوٌّ يجمعون لأهل الإِسلام، ويجمع لهم أهل الإِسلام. قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردَّة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة
(1)
للموت لا ترجع إِلَّا غالبة، فيقتتلون حتّى يحجز بينهم اللّيل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلّ غير غالب، وتفنى الشرطة، ثمّ يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إِلَّا غالبة، فيقتتلون، حتّى يحجز بينهم اللّيل، فيفيء هؤلاء ولهؤلاء كلّ غير غالب، ثمّ تفنى الشرطة، ثمّ يشترط المسلمون شرطة للموت لاترجع إِلَّا غالبة، فيقتتلون حتّى يمسوا، فيفيء لهؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرّابع؛ نَهَدَ
(2)
إليهم بقيَّة أهل الإِسلام، فيجعل الله الدبرة
(3)
عليهم، فيقتتلون مقتلة؛ إمّا قال: لا يُرى مثلها، وإما قال: لم يُر مثلها، حتّى إن الطائر ليس بجنباتهم، فما يخلفهم حتّى يخر ميتًا، فيتعادُّ بنو الأب كانوا مئة، فلا يجدونه بقي منهم إِلَّا الرَّجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح، أو أي ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك؛ إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ: إن الدَّجَّال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم، ويُقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة.
(1)
(الشرطة)، بضم الشين، وهي أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 460)، و"شرح النووي لمسلم"(18/ 24).
(2)
(نهد)؛ بفتح النون والهاء، أي: نهض وتقدم.
"شرح النووي لمسلم"(18/ 24).
(3)
(الدبرة): بفتح الدال والباء؛ أي: جعل الله الهزيمة عليهم.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 98) لابن الأثير.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ"
(1)
.
وهذا القتال يقع في الشّام في آخر الزّمان، قبل ظهور الدجال، كما دلَّت على ذلك الأحاديث، ويكون انتصار المسلمين على الروم تهيئة لفتح القسطنطينية، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم السّاعة حتّى ينزل الروم بالأعماق
(2)
أو بدابق
(3)
، فيخرج إليهم جيشٌ من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافُّوا؛ قالت الروم: خلوا بيننا وبين الّذي سبوا منا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا والله لا نخلِّي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدًا، ويُقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، وبفتح الثلث لا يفتنون أبدًا، فيفتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشّام؛ خرج، فبينما هم يعدون
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 24 - 25 - مع شرح النووي).
(2)
(الأعماق): قال ياقوت الحموي: "هي كورة قرب دابق، بين حلب وأنطاكية، وهما في الشّام".
"معجم البلدان"(1/ 222).
(3)
(دابق): بكسر الباء وروي بفتحها وآخره قاف: قرية قرب حلب، من أعمال عزاز، بينها وبين حلب أربعة فراسخ.
"معجم البلدان"(2/ 416).
للقتال، يسوُّون الصفوف، إذ أُقيمت الصّلاة، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم
(1)
.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن فسطاط
(2)
المسلمين يوم الملحمة في أرضٍ بالغوطة
(3)
، في مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشّام"
(4)
.
قال ابن المنير
(5)
: "أمّا قصة الروم؛ فلم تجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنّهم غزوا في البرّ في لهذا العدد، فهي من الأمور الّتي لم تقع بعد، وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنّه دلَّ على أن العاقبة للمؤمنين، مع كثرة ذلك
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 21 - 22 - مع شرح النووي).
(2)
(الفسطاط): بضم الفاء وكسرها: المدينة الّتي فيها مجتمع النَّاس، وكل مدينة فسطاط.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 445).
(3)
(الغوطة)؛ بضم الغين ثمّ واو ساكنة وطاء مهملة: من الغائط، وهو المطمئن من الأرض، وهي موضع بالشام تحيط بها جبال عالية وبها أنّهار وأشجار متصلة، وفيها تقع مدينة دمشق.
انظر: "معجم البلدان"(4/ 219).
(4)
"سنن أبي داود"، كتاب الملاحم، باب في المعقل من الملاحم، (11/ 406 - مع عون المعبود".
والحديث صحيح. انظر: "صحيح الجامع الصغير"(2/ 218)(ح 2112).
(5)
هو الحافظ زين الدين عبد اللطيف بن تقي الدين محمّد بن منير الحلبي ثمّ المصري، توفي سنة (804 هـ) رحمه الله.
انظر: "شذرات الذهب"(7/ 44).