الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأوّل: تعريف أشراط السّاعة
معنى الشرط:
الشَّرَط - بالتحريك -: هو العلّامة، جمعه أشراط، وأشراط الشيء: أوائله، ومنه: شُرَط السلطان، وهم نُخْبَة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده، ومنه: الاشتراط الّذي يشترطه النَّاس بعضهم على بعض، فالشرط علامةٌ على المشروط
(1)
.
معنى السّاعة في اللُّغة:
هي جزءٌ من أجزاء اللّيل والنهار، جمعها: ساعات وساع، واللّيل والنهار معًا أربع وعشرون ساعة.
معنى السّاعة في الاصلاح الشرعي:
والمراد بالساعة في الاصطلاح الشرعي: الوقت الّذي تقوم فيه القيامة، وسُمِّيت بذلك لسرعة الحساب فيها، أو لأنّها تفجأ النَّاس في
(1)
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر"(2/ 460)، و"لسان العرب"(7/ 329 - 330) لأبي الفضل ابن منظور، ط. دار الفكر ودار صادر، بيروت.
ساعة، فيموت الخلق كلهم بصيحة واحدة
(1)
.
فأشراط السّاعة: هي علامات القيامة الّتي تسبقها وتدل على قربها. وقيل: هي ما تُنْكِرُه النَّاس من صغار أمورها قبل أن تقوم السّاعة. وقيل: هي أسبابها الّتي هي دون معظمها وقيامها
(2)
.
والساعة تُطْلَق على ثلاثة معان:
أ - السّاعة الصغرى: وهي موت الإِنسان، فمَن مات، فقد قامت قيامته؛ لدخوله في عالم الآخرة.
ب - والساعة الوسطى: وهي موت أهل القرن الواحد، ويؤيِّد ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان الإعراب إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ سألوه عن السّاعة: متى السّاعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم، فقال:"إن يعش هذا لم يدركه الهرم؛ قامت عليكم ساعتكم"
(3)
؛ أي: موتهم، وأن المراد ساعة المخاطبين
(4)
.
(1)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 422)، و "لسان العرب"(8/ 169)، و "ترتيب القاموس المحيط"(2/ 647) للأستاذ الطّاهر أحمد الزواوي، دار الكتب العلمية، (1399 ه ـ).
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 460)، و"لسان العرب"(7/ 329 - 330).
(3)
"صحيح البحاري"، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت، (11/ 361 - مع الفتح)، و "صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب قرب السّاعة، (18/ 90 - مع شرح النووي).
(4)
"فتح الباري"(11/ 363).
ج - والساعة الكبرى: وهي بعث النَّاس من قبورهم للحساب والجزاء.
وإذا أطلقت السّاعة في القرآن؛ فالمراد بها القيامة الكبرى:
قال تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ (63)} [الأحزاب: 63]؛ أي: عن القيامة.
وقال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} [القمر: 1]؛ أي: اقتربت القيامة.
وقد ذكر الله تعالى القيامتين الصغرى والكبرى في القرآن الكريم، فتجده يذكر القيامتين في السورة الواحدة؛ كما في سورة الواقعة:
فإنّه ذكر في أولها القيامة الكبرى: فقال تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} [الواقعة: 1 - 7].
ثمّ في آخرها ذكر القيامة الصغرى، وهي الموت، فقال:{فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: 83 - 85].
وذكر القيامتين أيضًا في سورة القيامة، فقال:{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)} [القيامة: 1]، وهذه القيامة الكبرى.
ثمّ ذكر الموت، فقال:{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26)} [القيامة: 26]، وهو القيامة الصغرى.
وغير ذلك كثير في سور القرآن الكريم، ممَّا يضيق المقام عن ذكره. والقيامة الكبرى هي الّتي نحن بصدد بيان أشراطها الّتي جاءت في الكتاب والسُّنَّة
(1)
.
* * * * *
(1)
انظر: "مجموع الفتاوى"(4/ 263 - 265) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و "فتح الباري"(11/ 364)، و "تاج العروس من جواهر القاموس"(5/ 390).