الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر ابن حجر رحمه الله أن السؤال عن عدم ذكر الدَّجَّال في القرآن لا يزال واردًا؛ لأنَّ الله تعالى ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن، وفتنتهم قريبة من فتنة الدَّجَّال
(1)
.
هذا؛ ولعلّ الجواب الأوّل هو الأقرب، والله أعلم، فيكون الدَّجَّال قد ذُكِرَ ضمن بعض الآيات، ويكون النّبيّ صلى الله عليه وسلم تكفَّل ببيان ذلك المجمل.
*
هلاك الدَّجَّال:
يكون هلاك الدَّجَّال على يدي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام؛ كما دلَّت على ذلك الأحاديث الصحيحة، وذلك أنَّ الدَّجَّال يظهر على الأرض كلِّها إِلَّا مكّة والمدينة، ويكثر أتباعه، وتعمُّ فتنتّه، ولا ينجو منها إِلَّا قلَّة من المؤمنين، وعند ذلك ينزل عيسى بن مريم عليه السلام على المنارة الشرقية بدمشق، ويلتف حولَه عبادُ الله المؤمنون، فيسير بهم قاصدًا المسيح الدَّجَّال، ويكون الدَّجَّال عند نزول عيسى متوجِّهًا نحو بيت المقدس، فيلحق به عيسى عند باب (لد)
(2)
، فإذا رآه الدَّجَّال؛ ذاب كما يذوب الملح، فيقول له عيسى عليه السلام:"إن لي فيك ضربة لن تفوتني"، فيتدراكه عيسى، فيقتله بحربته، وينهزم أتباعه، فيتبعهم المؤمنون، فيقتلونهم، حتّى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهوديٌ خلفي، تعال فاقتله؛ إِلَّا الغرقد؛ فإنّه من شجر اليهود
(3)
.
(1)
"فتح الباري"(13/ 91 - 92 - مع الفتح).
(2)
(لد): بلدة في فلسطين قرب بيت المقدس.
انظر: "معجم البلدان"(5/ 15).
(3)
انظر: "النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 128 - 129)، تحقيق د. طه زيني.
وإليك بعض الأحاديث الواردة في هلاك الدَّجَّال وأتباعه:
روى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدَّجَّال في أمَّتي
…
(فذكر الحديث، وفيه:) فيبعث الله عيسى بن مريم كأنّه عروة بن مسعود، فيطلبه، فيهلكه"
(1)
.
وروى الإِمام أحمد والترمذي عن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه؛ يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقتل ابنُ مريم الدَّجَّالَ بباب لد"
(2)
.
وروى مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه حديثًا طويلًا عن الدَّجَّال
…
(وفيه قصة نزول عيسى وقتله للدَّجَّال، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:)"فلا يحلُّ لكافرٍ يجد ريح نفسه إِلَّا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه، حتّى يدركه بباب لد، فيقتله"
(3)
.
وروى الإِمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدَّجَّال في خفقة من الدين وإدبار من العلم
…
(فذكر الحديث، وفيه:) ثمَّ ينزل عيسى بن مريم، فينادي من السَّحَر، فيقول: أيها النَّاس! ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذَّاب الخبيث.
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر الدَّجَّال، (18/ 75 - 76 مع شرح النووي).
(2)
"الفتح الرباني ترتيب مسند أحمد"(24/ 83)، والترمذي (6/ 513 - 514 - مع تحفة الأحوذي).
(3)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر الدجال، (18/ 67 - 68 - مع شرح النووي).
فيقولون: لهذا رجلٌ جنيٌّ. فينطلقون، فإذا هم بعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فتقام الصّلاة، فيُقال له: تقدَّم يا روح الله! فيقول: ليتقدَّم إمامُكُم، فليصلِّ بكم، فإذا صلَّى صلاة الصُّبح؛ خرجوا إليه. قال: فحين يرى الكذاب ينماث
(1)
كما ينماث الملح في الماء، فيمشي إليه، فيقتله، حتّى إن الشجر والحجر ينادي: يا روح الله! هذا يهوديٌّ، فلا يَتْرُك ممّن كان يتبعه أحدًا إِلَّا قتله"
(2)
.
وبقتله -لعنه الله- تنتهي فتنته العظيمة، وينجي الله الذين آمنوا من شرِّه وشرِّ أتباعه على يدي روح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام وأتباعه المؤمنين، ولله الحمد والمنة.
* * * * *
(1)
(ماث الشيء ميثًا)؛ أي: مرسه. وماث الملح في الماء؛ أي: أذابه. انظر: "لسان العرب"(2/ 192).
(2)
" الفتح الرباني ترتيب مسند أحمد"(24/ 85 - 86).
قال الهيثمي: "رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصّحيح". انظر: "مجمع الزوائد"(7/ 344).