الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصالح لبناء السدِّ العظيم؛ ليحجز بين يأجوج ومأجوج القوم المفسدين في الأرض وبين النَّاس، فإذا جاء الوقت المعلوم، واقتربت السّاعة؛ اندكَّ هذا السدُّ، وخرج يأجوج ومأجوج بسرعة عظيمة، وجمعٍ كبير، لا يقف أمامه أحدٌ من البشر، فماجوا في النَّاس، وعاثوا في الأرض فسادًا.
وهذا علامةٌ على قرب النفخ في الصور، وخراب الدنيا، وقيام السّاعة
(1)
؛ كما سيأتي بيان ذلك في الأحاديث الثابتة.
ب - الأدلَّة من السنَّة المطهَّرة:
الأحاديث الدَّالَّة على ظهور يأجوج ومأجوجِ كثيرة، تبلغ حدَّ التواتر المعنوي، سبق ذكر بعض منها، وسأذكر هنا طرفًا من هذه الأحاديث:
1 -
فمنها ما ثبت في "الصحيحين" عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يومًا فَزِعًا يقول: "لا إله إِلَّا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتح اليوم من رَدْم يأجوج ومأجوج مثل هذه (وحلَّق بأصبعيه الإِبهام والتي تليها) ". قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله! أفنهلِكُ وفينا الصالحون؟ قال: "نعم؛ إذا كَثُرَ الخَبَثُ"
(2)
.
انظر: "البداية والنهاية"(2/ 102 - 106)، و"تفسير ابن كثير"(5/ 185 - 186).
(1)
انظر: "الطّبريّ"(16/ 15 - 28 و 17/ 87 - 92)، و"تفسير ابن كثير"(5/ 191 - 196 و 5/ 366 - 372)، و"تفسير القرطبي"(11/ 341 - 342).
(2)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، (6/ 381 - مع الفتح)، وكتاب الفتن، (13/ 106 - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب الفتن =
2 -
ومنها ما جاء في حديث النوَّاس بن سمعان رضي الله عنه، وفيه: "إذا أوحى الله إلى عيسى أني قد أخرجتُ عبادًا لي لا يُدان لأحد بقتالهم، فحرِّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حَدَب ينسلون
(1)
، فيمرُّ أولئك على بحيرة طبريَّة، فيشربون ما فيها، ويمرُّ آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرَّة ماء، ويُحْصَرُ نبي الله عيسى وأصحابه حتّى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مئة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب إلى الله عيسى وأصحابُه، فْيرسلُ الله عليهم النَّغَف
(2)
في رقابهم، فيصبحون فرسى
(3)
كموت نفسٍ واحدةٍ، ثمّ يُهْبَط بنبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إِلَّا ملأه زهمُهم ونَتَنُهم، فيرغب نبىُّ الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرًا كأعناق البُخت
(4)
، فتحملهم، فتطرحهم حيث شاء الله"
(5)
.
= وأشراط السّاعة، (18/ 2 - 4 - مع شرح النووي).
(1)
(الحدب): هو كلّ موضع غليظ مرتفع، والجمع أحداب وحداب، والمعنى يظهرون من غليظ الأرض ومرتفعها.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 349)، و"لسان العرب"(1/ 301).
(2)
(النغف)؛ بالتحريك: دود يكون في أنوف الإِبل والغنم، واحدتها نغفة.
"النهاية في غريب الحديث"(5/ 87).
(3)
(فرسى)؛ بفتح الفاء؛ أي: قتلى. الواحد: فريس، من فَرْس الذئب الشاة وافترسها إذا قتلها. "النهاية في غريب الحديث"(3/ 228).
(4)
(البخت): هي جمال طوال الأعناق، وهي لفظة معرَّبة، واحدتها بختية للأنثي، وبختي للذكر، وقد سبق شرحها (ص 165).
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 101).
(5)
"صحيح مسلم"، باب ذكر الدجال، (18/ 68 - 69 - مع شرح النووي).
رواه مسلم، وزاد في رواية -بعد قوله:"لقد كان بهذه مرّة ماء"-: "تم يسيرون حتّى ينتهوا إلى جبل الخّمْرِ
(1)
، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا مَنْ في الأرض، هلمَّ فلنقتل مَنْ في السَّماء، فيرمون بنشابهم
(2)
إلى السَّماء، فيردُّ الله عليهم نشابهم مخضوبة دمًا"
(3)
.
3 -
وجاء في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه في ذكر أشراط السّاعة، فذكر منها:"يأجوج ومأجوج"
(4)
.
4 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: لما كان ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فتذاكروا السّاعة
…
إلى ان قال: "فردُّوا الحديث إلى عيسى (فذكر قتل الدَّجَّال، ثمّ قال:) ثمّ يرجع النَّاس إلى بلادهم، فيستقبلهم يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حَدَبِ يَنْسِلون، لا يمرون بماء إِلَّا شربوه، ولا بشيء إِلَّا أفسدوه، يجأرودن إليًّ فأدعو الله، فيميتهم، فتَجْوى الأرض من ريحهم، فيجأرودن إليَّ، فأدعو الله، فيرسل السَّماء بالماء، فيحملهم،
(1)
(جبل الخّمْرِ): الخّمْرِ بخاء معجمة وميم مفتوحة، والخمر: الشجر الملتف الّذي يستر من فيه، وقد جاء تفسيره في الحديث بأنّه جبل ببت المقدس.
انظر: "شرح النووي لمسلم"(18/ 71).
(2)
(النشاب): بطلق على النبل والسهام، واحدته: نشابه.
انظر: "لسان العرب"(1/ 757).
(3)
"صحيح مسلم"، باب ذكر الدجال، (18/ 70 - 71 - مع شرح النووي).
(4)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 27 - مع شرح النووي).
فيقذف بأجسامهم في البحر"
(1)
.
5 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم (فذكر الحديث، وفيه): "ويخرجون على النَّاس، فيستقون المياه، ويفرُّ النَّاس منهم، فيرمون سهامهم في السَّماء، فترجع مخضبةً بالدماء، فيقولون: قهرنا أهل الأرض، وغلبنا مَنْ في السَّماء قوَّةً وعلوًّا". قال: "فيبعث الله عز وجل عليهم نَغَفًا في أقفائهم". قال: "فيهلكهم، والذي نفس محمّد بيده؛ إن دوابَّ الأرض لتسمن، وتبطر، وتشكر شكرًا
(2)
، وتسكر سكرًا
(3)
من لحومهم"
(4)
.
(1)
"مستدرك الحاكم"(4/ 488 - 489)، قال الحاكم:"صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
ورواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 189 - 190)(ح 3556)، تحقيق أحمد شاكر، وقال:"إسناده صحيح".
وقال الألباني: "ضعيف". انظر: "ضعيف الجامع الصغير"(5/ 20 - 21)(ح 4712).
قلت: الشواهد من الأحاديث ترجح أنّه صحيح. والله أعلم.
(2)
(تشكر شكرًا)؛ يقال: شكِرت الشاة -بالكسر- تشْكَر شَكَرًا- بالتحريك-: إذا سمنت وامتلأ ضرعها لبنًا، والمعنى أن دواب الأرض تسمن وتمتلىء شحمًا.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 494).
(3)
(تسكر سكرًا): السَّكَر -بفتح السين والكاف- الخّمْرِ، ويطلق السَّكَر على الغضب والامتلاء.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 383)، و"لسان العرب"، (4/ 373 - 374).
(4)
"سنن التّرمذيّ"، أبواب التفسير، سورة الكهف، (8/ 597 - 599)، قال =