الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعني: الدُّخان، فعندها عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم مادته، وأنّها شيطانية، فقال له:(اخسأ؛ فلن تعدو قدرك) "
(1)
.
وفاته:
عن جابر رضي الله عنه قال: "فقدنا ابن صيَّاد يوم الحرَّة"
(2)
.
وقد صحَّح ابن حجر لهذه الرِّواية، وضعَّف قول مَنْ ذهب إلى أنّه مات في المدينة، وأنّهم كشفوا عن وجهه، وصلَّوا عليه
(3)
.
هل ابن صيَّاد هو الدَّجَّال الأكبر
؟
مضى في الكلام على أحوال ابن صيَّاد وامتحان النّبيّ صلى الله عليه وسلم له ما يدلُّ على أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان متوقِّفًا في أمر ابن صيَّاد؛ لأنّه لم يوحَ إليه أنّه الدَّجّال ولا غيره.
وكان عمر رضي الله عنه يحلف عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن ابن صياد هو الدَّجّال، ولم يُنْكِر عليه ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
وكان بعض الصّحابة رضي الله عنهم يرى رأي عمر، ويحلف أن ابن صيّاد هو الدَّجال، كما ثبت ذلك عن جابر، وابن عمر، وأبي ذر.
ففي الحديث عن محمَّد بن المنكدر
(4)
؛ قال: "رأيتُ جابر بن
(1)
"تفسير ابن كثير"(7/ 234).
(2)
"سنن أبي داود"(11/ 476 - مع عون المعبود).
(3)
انظر: "فتح الباري"(13/ 328).
(4)
هو أبو عبد الله محمَّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى التيمي، تابعي، وأحد الأئمة الأعلام، روى عن بعض الصّحابة، وتوفي سنة (131 هـ) رحمه الله. =
عبد الله يحلف بالله إن ابن صياد هو الدَّجّال. قلتُ: تحلف بالله؟! قال: إنِّي سمعتُ عمر يحلف على ذلك عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره النّبيّ صلى الله عليه وسلم"
(1)
.
وعن نافعٍ
(2)
؛ قال: "كان ابن عمر يقول: والله ما أشكُّ أن المسيح الدَّجّال ابن صياد"
(3)
.
وعن زيد بن وهب
(4)
؛ قال: "قال أبو ذر رضي الله عنه: لأنَّ أحلف عشر مرات أن ابن صائد هو الدَّجّال أحبُّ إليَّ من أن أحلف مرّة واحدة أنّه ليس به"
(5)
.
وعن نافع؛ قال: لقي ابن عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة،
= انظر: "تهذيب التهذيب"(9/ 473 - 475).
(1)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، باب من رأى ترك النكير من النّبيّ صلى الله عليه وسلم حجة لا من غير الرسول، (13/ 223 - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر ابن صياد، (18/ 52 - 53 - مع شرح النووي).
(2)
هو أبو عبد الله الفقيه المدني مولى ابن عمر، أصابه في بعض مغازيه، روى عن كثير من الصّحابة، وكان ثقة كثير الحديث، توفي سنة (119 هـ) رحمه الله.
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب"(10/ 412 - 414).
(3)
"سنن أبي داود"(11/ 483).
قال ابن حجر: "سنده صحيح": "فتح الباري"(13/ 325).
(4)
هو أبو سليمان زيد بن وهب الجهني الكوفي، رحل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقبض وهو في الطريق، روى عن كثير من الصّحابة؛ كعمر، وعثمان، وعلي، وأبي ذر، وغيرهم رضي الله عنهم، وكان ثقة كثير الحديث، توفي سنة (96 هـ) رحمه الله.
انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب"(3/ 427).
(5)
رواه الإِمام أحمد، وسبق تخريجه (ص 268).
فقال له قولًا أغضبه، فانتفخ حتّى ملأ السكة، فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها، فقالت له: رحمك الله! ما أردتَ من ابن صائد؟! أمّا علمتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّما يخرُجُ من غضبةٍ يغضبها"
(1)
؟!
وفي رواية عن نافع؛ قال: قال ابن عمر: لقيته مرتين؛ قال: فلقيته، فقلت لبعضهم: هل تَحَدَّثون أنَّه هو؟ قال: لا والله. قال: قلت: كذبتني، والله لقد أخبرني بعضكم أنّه لن يموت حتّى يكون أكثركم مالًا وولدًا، فكذلك هو زعموا اليوم. قال: فتحدَّثنا، ثمَّ فارقته. قال: فلقيتُه مرَّة أخرى وقد نفرت عينيه. قال: فقلتُ: متى فعلت عينُك ما أرى؟ قال: لا أدري. قلتُ: لا تدري وهي في رأسك؟! قال: إن شاء الله خلقها في عصاك هذه. قال: فنخر كأشد نخير حمار سمعت. قال: فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتّى تكسَّرت، وأمّا أنا فوالله ما شعرتُ. قال: وجاء حتّى دخل على أم المؤمنين، فحدَّئَها، فقالت: ما تُريد إليه؟! ألم تعلم أنّه قد قال: "إن أول ما يبعثه على النَّاس غضبٌ يغضبه"
(2)
.
وكان ابن صيَّاد يسمع ما يقوله النَّاس فيه، فيتأذَّى من ذلك كثيرًا، ويدافع عن نفسه بأنّه ليس الدَّجَّال، ويحتجُّ على ذلك بأن ما أخبر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم من صفات الدَّجَّال لا تنطبق عليه.
ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: "خرجنا حجَّاجًا أو عُمّارًا ومعنا ابن صائد. قال: فنزلنا منزلًا، فتفرَّق النَّاس، وبقيتُ
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر ابن صياد، (18/ 57 - مع شرح النووي).
(2)
"صحيح مسلم"(18/ 57 - 58 - مع شرح النووي).
أنا وهو، فاستوحشتُ منه وحشة شديدة ممّا يُقال عليه. قال: وجاء بمتاعه، فوضعه مع متاعي. فقلتُ: إن الحرَّ شديد، فلو وضعته تحت تلك الشجرة. قال: ففعل. قال: فرُفِعت لنا غنمٌ، فانطلق، فجاء بعس
(1)
، فقال: اشرب أبا سعيد! فقلتُ: إن الحرير شديد، واللبن حارٌّ. ما بي إِلَّا أني أكره أن أشرب عن يده، أو قال: آخذ عن يده. فقال: أبا سعيد! لقد هممتُ أن آخذ حبلًا، فأعلقه بشجرة، ثمّ أختنق ممّا يقول لي النَّاس. يا أبا سعيد! من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ما خفي عليكم معشر الأنصار. ألستَ من أعلم النَّاس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو كافرٌ. وأنا مسلم؟ أوليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو عقيمٌ لا يولَدُ له. وقد تركتُ ولدي بالمدينة؟ أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل المدينة ولا مكّة. وقد أقبلتُ من المدينة، وأنا أُريد مكّة؟ قال أبو سعيد الخُدري: حتّى كدتُ أن أعذره. ثمَّ قال: أمّا والله إنِّي لأعرفه وأعرف مولده، وأين هو الآن. قال: قلتُ له: تبًّا لك سائر اليوم"
(2)
.
وقال ابن صيَّاد في رواية: "أمّا والله إنِّي لأعلم الآن حيث هو، وأعرف أباه وأمه. قال: وقيل له: أيسرُّك أنك ذاك الرَّجل؟ فقال: لو عُرِضَ
(1)
(عُسي)؛ بضم العين: وهو القدح الكبير، وجمعه عساس؛ بكسر العين، وأعساس.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 236)، و"شرح النووي لمسلم"(18/ 51).
(2)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر ابن صياد، (18/ 51 - 52 - مع شرح النووي).
عليَّ ما كرهت"
(1)
.
وهناك بعض الروايات الّتي جاءت في شأن ابن صيَّاد، تركتُ ذكرها هنا خشية الإِطالة، ولأن بعض المحقِّقين كابن كثير وابن حجر وغيرهما ردُّوها لضعف أسانيدها
(2)
.
وقد التبس على العلماء ما جاء في ابن صيَّاد، وأشكل عليهم أمره: فمن قائل: إنّه الدَّجَّال. ويحتج على ذلك بما سبق ذكره من حلف بعض الصّحابة رضي الله عنهم على أنّه الدَّجَّال، وبما كان من أمره مع ابن عمر وأبي سعيد رضي الله عنهم.
وذهب بعض العلماء إلى أن ابن صياد ليس هو الدجَّال، ويحتج على ذلك بحديث تميم الدّاري رضي الله عنه، وقبل أن أسوق أقوال الفريقين أذكر حديث تميم بطوله:
روى الإِمام مسلم بسنده إلى عامر بن شراحيل الشّعبيّ
(3)
- شعب
(1)
"صحيح مسلم"(18/ 51 - مع شرح النووي).
(2)
انظر: "النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 127)، تحقيق د. طه زيني، و"فتح الباري"(13/ 326).
(3)
هو الإِمام الحافظ عامر بن شراحيل، وقيل: عامر بن عبد الله بن شراحيل الشّعبيّ الحميري، ولد لست سنين خلت من خلافة عمر، وروى عن كثير من الصّحابة، وكان يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء ولا حدثني رجل بحديث إِلَّا حفظته، توفي بعد المئة وله من العمر تسعون سنة، رحمه الله.
انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (2/ 643)، و"تهذيب التهذيب"(5/ 65 - 69)
همدان - أنّه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضَحّاك بن قيس - وكانت من المهاجرات الأوّل - فقال: حدثيني حديثًا سمعتيهِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم تسنديه إلى أحد غيره. فقالت: لئن شئت لأفعلنَ. فقال لها: أجل؛ حدَّثيني. فذكرت قصة تأيُمِها من زوجها، واعتدادها عند ابن أم مكتوم، ثمّ قالت: فلمَّا انقضت عدَّتي؛ سمعتُ نداء المنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: الصّلاة جامعة، فخرجتُ إلى المسجد، فصلّيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنتُ في صف النِّساء الّتي تلي ظهور القوم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته؛ جلس على المنبر وهو يضحك، فقال:"ليلزم كلّ إنسان مصلَّاه"، ثمَّ قال:"أتدرونَ لم جمعتُكُم؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "إنِّي والله ما جمعتُكم لرغبةٍ ولا لرهبةٍ، ولكن جمعتُكُم لأنَّ تميمًا الدَّاريَّ
(1)
كان رجلًا نصرانيًّا، فجاء، فبايع، وأسلم، وحدَّثني حديثًا وافق الّذي كنتُ أحدثكم عن مسيح الدَّجَّال، حدَّثني أنّه ركب في سفينة بحريَّة مع ثلاثين رجلًا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرًا في البحر، ثمّ أرفؤوا
(2)
إلى جزيرةٍ في البحر، حتّى مغرب الشّمس، فجلسوا في
(1)
هو أبو رقية، تميم بن أوس بن خارجة الداري، من بني لخم رضي الله عنه، كان من علماء أهل الكتاب، وقدم المدينة، وأسلم سنة تسع من الهجرة، وروى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وروى عنه جماعة من الصّحابة؛ كابن عمر، وابن عبّاس، وأنس، وأبي هريرة رضي الله عنهم، انتقل إلى الشّام بعد قتل عثمان، ونزل بيت المقدس، وتوفي سنة (40 هـ).
انظر: "تهذيب التهذيب"(1/ 511 - 512).
(2)
(أرفؤوا): أرفأت السفينة إذا قربتها من الشط، والموضع الّذي تشد فيه: المرفأ.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 241).
أقرُب
(1)
السفينة، فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابَّه أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قُبُلُه من دُبُرِه من كثرة الشعر، فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة. قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم! انطلقوا إلى هذا الرَّجل في الدَّير
(2)
؛ فإنّه إلى خبركم بالأشواق. قال: لما سمَّت لنا رجلًا؛ فرِقْنا منها أن تكون شيطانة. قال: فانطلقنا سراعًا حتّى دخلنا الدَّير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قطُّ خَلْقًا، وأشدُّه وثاقًا، مجموعةٌ يداه إلى عنقه، ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد؛ قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحريًة، فصادَفْنا البحر حين اغتلم
(3)
، فلعب بنا الموج شهرًا، ثمَّ أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقرُبها، فدخلنا الجزيرة، فلقينا دابة أهلب كثير الشعر لا يُدرى ما قُبُلُه من دُبُرِه من كثرة الشعر. فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجسَّاسة. قلنا: وما الجساسة؟ قالت: عمدوا إلى لهذا الرَّجل
(1)
(أقرب)، بضم الراء: سفن صغار تكون مع السفن الكبار كالجنائب لها يتصرف فيها الركاب لقضاء حوائجهم، واحدها: قارب، وجمعه قوارب، وإما أقرب: فهو صحيح، ولكنه خلاف القياس. وقيل: أقرب السفينة: أدانيها وما قارب الأرض منها.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(4/ 35)، و"شرح النووي لمسلم"(18/ 81).
(2)
(الدير): بيت يتعبد فيه الرهبان، ويقال له دير إذا كان في الصحاري ورؤوس الجبال، وأمّا إذا كان في الأمصار؛ فيقال له بيعة أو كنيسة.
انظر: "معجم البلدان"(2/ 495).
(3)
(اغتلم): أي: هاج واضطرمت أمواجه.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 382).
في الدَّير؛ فإنّه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعًا، وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة. قال: أخبروني عن نخل بيسان
(1)
؟ قلنا: عن أي شأنّها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها: هل يُثْمِر؟ قلنا له: نعم. قال: أمّا إنّه يوشك أن لا تثمر. قال: أخبروني عن بحيرة طبريَّة؟ قلنا* عن أي شأنّها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: إن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر
(2)
؟ قالوا: عن أي شأنّها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم؛ هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها. قال: أخبروني عن نبي الأمبين؛ ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكّة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنّه قد ظهر على مَنْ يليه من العرب وأطاعوه. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أمّا إن ذاك خيرٌ لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني: إنِّي أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذَنَ
(1)
(بيسان)، بالفتح ثمّ السكون وسين مهملة ونون، مدينة بالأردن بالغور الشامي، ويقال: هي لسان الأرض، وهي بين حوران وفلسطين، وبها عين الفلوس، وهي عين فيها ملوحة يسيرة، وتوصف بكثرة النخل.
قال ياقوت: "وقد رأيتها مرارًا فلم أر فيها غير نخلتين حائلتين، وهو من علامات خروج الدجَّال". انظر: "معجم البلدان"(1/ 527).
(2)
(زغر): على وزن زفر وصرد، وآخره راء مهملة.
قال ياقوت: "حدثني الثقة أن زغر هذه في طرف البحيرة المنتنة في واد هناك بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيّام، وهي من ناحية الحجاز، ولهم هناك زروع".
انظر: "معجم البلدان"(3/ 142 - 143)، و"النهاية في غريب الحديث"(2/ 304).
لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إِلَّا هبطتها في أربعين ليلة؛ غير مكّة وطيبة، فهما محرَّمتان عليَّ كلتاهما، كلما أردتُ أن أدخل واحدة -أو واحدًا- منهما؛ استقبلني ملكٌ بيده السيف صلتًا يصدُّني عنها، وإن على كلّ نَقْب
(1)
منها ملائكة يحرسونها".
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -وطعن بمخصرته
(2)
في المنبر-: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة -يعني: المدينة-. ألَّا هل كنت حدَّثتكم ذلك؟ ". فقال النَّاس: نعم. "فإنّه أعجبني حديث تميم أنّه وافقال في كنتُ أحدِّثكم عنه، وعن المدينة ومكة، ألَّا إنّه في بحر الشّام، أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو (وأومأ بيده إلى المشرق) ".
قالت: فحفظتُ لهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
قال ابن حجر: "وقد توهَّم بعضُهم أنّه -أي: حديث فاطمة بنت قيس- غريب فرد، وليس كذلك، فقد رواه مع فاطمة بنت قيس: أبو هريرة، وعائشة، وجابر"
(4)
؛ رضي الله عنهم.
(1)
(نقب): هو الطريق بين الجبلين.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(5/ 102).
(2)
(المخصرة): هي ما يختصره الإنسان بيده، فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب، وقد يتكىء عليه.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 36).
(3)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر ابن صياد، (18/ 78 - 83 - مع شرح النووي).
(4)
"فتح الباري"(13/ 328). =