الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مغربها، فيقفل باب التوبة، فلا ينفع الكافر إيمانه، ولا التائب توبته، ثمّ تظهر بعد ذلك الدَّابَّة، فتميِّز بين النَّاس، فيُعْرَف الكافر من المؤمّن؛ لأنّها تسم المؤمّن وتخطم الكافر؛ كما سيأتي ذكر ذلك، ثمّ يكون آخر ذلك ظهور النّار الّتي تحشر النَّاس.
وقد جريتُ في ذكرى لأشراط السّاعة الكبرى على لهذا التّرتيب الّذي ذكره الطيبي؛ لأنّه - في نظري - أقرب إلى الصواب، والله أعلم.
وقبل ذكري لهذه العلّامات العشر الكبرى تحدثتُ عن المهدي؛ لأنّ ظهوره يكون سابقًا لهذه العلّامات، فهو الّذي يجتمع عليه المؤمنون لقتال الدَّجَّال، ثمّ ينزل عيسى عليه السلام، ويصلّي خلفه؛ كما سيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
*
ثانيًا: تتابع ظهور الأشراط الكبرى:
إذا ظهر أول علامات السّاعة الكبرى، تتابعت الآيات كتتابع الخرز في النظام، يتبع بعضها بعضًا.
روى الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ قال: "خروج الآيات بعضها على إثر بعض، يتتابعْنَ كما تتابع الخرز في النظام
(1)
"
(2)
.
(1)
(النظام): العقد من الجوهر والخرز ونحوهما. و (سلكه): خيطه.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(5/ 79)، و"جامع الأصول"(10/ 411).
(2)
قال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصّحيح؛ غير عبد الله بن أحمد بن حنبل و داود الزهراني، وكلاهما ثقة". "مجمع الزوائد"(7/ 331). =
وروى الإِمام أحمد عن عبد الله بن عمرو؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الآيات خرزات منظومات في سلك، فإن يُقْطَعِ السلك؛ يتبعْ بعضها بعضًا"
(1)
.
والذي يظهر لي - والله أعلم - أن المراد بهذه الآيات هي علامات الساعةِ الكبرى؛ فإن ظاهر لهذه الأحاديث يدلُّ على تقارب ظهورها تقاربًا شديدًا.
ويؤيِّد ذلك ما سبق ذكره في الكلام على ترتيب أشراط السّاعة الكبرى؛ من أن بعض الأحاديث ذكرت أن بعض لهذه العلّامات تظهر في زمن متقارب؛ فإن أول العلّامات الكبرى بعد المهدي ظهور الدَّجَّال، ثمّ نزول عيسى عليه السلام لقتله، ثمّ ظهور يأجوج ومأجوج، ودعاء عيسى عليه السلام عليهم، فيهلكهم الله، ثمّ قال عيسى عليه السلام:"ففيما عهد إليَّ ربي عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك؛ فإن السّاعة كالحامل المُتِمِّ الّتي لا يدري أهلُها متى تفجؤهُم بولادها ليلًا أو نهارًا"
(2)
.
وهذا دليلٌ على قرب السّاعة قربًا شديدًا؛ فإن بين موت عيسى عليه
= وقال الألباني: "صحيح". انظر: "صحيح الجامع الصغير"(3/ 110)(ح 3222).
(1)
"مسند أحمد"(12/ 6 - 7)(ح 7040)، شرح أحمد شاكر، وقال:"إسناده صحيح".
وقال الهيثمي: "رواه أحمد، وفيه علي بن زيد، وهو حسن الحديث". "مجمع الزوائد"(7/ 321).
(2)
"مسند الإِمام أحمد" من حديث ابن مسعود رضي الله عنه (5/ 189 - 190)(ح 3556)، تحقيق أحمد شاكر، وقال:"إسناده صحيح".
السّلام وقيام السّاعة شيء من العلّامات الكبرى؛ كطلوع الشّمس من مغربها، وظهور الدَّابَّة، والدُّخان، وخروج النّار الّتي تحشر النَّاس، فهذه العلّامات تقع في وقت قصير جدًّا قبل قيام السّاعة؛ مثلها كمثل العقد الّذي انفرط نظامه، والله أعلم.
وقد وجدتُ ما يؤَيدُ ما ذكرتُه، فقد قال الحافظ ابن حجر:"وقد ثبت أن الآيات العظام مثل السلك، إذا انقطع؛ تناثر الخرز بسرعة، وهو عند أحمد"
(1)
.
* * * * *
(1)
"فتح الباري"(13/ 77).