الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضًا، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمّن: هذه، هذه
…
فمَن أحبَّ أن يُزَحْزح عن النّار ويدخل الجنَّة؛ فلتأته منيَّتُه، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر".
رواه مسلم
(1)
.
وأحاديث الفتن كثيرة جدًّا، فقد حذَّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمَّته من الفتن، وأمر بالتعوُّذ منها، وأخبر أن آخر هذه الأمة سيصيبها بلاءٌ وفِتَنٌ عظيمة، وليس هنالك عاصمٌ منها، إِلَّا الإِيمان بالله واليوم الآخر، ولزوم جماعة المسلمين، وهم أهل السنة - وإن قلُّوا -، والابتعاد عن الفتن، والتعوُّذ منها، فقد قال عليه الصلاة والسلام:"تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن".
رواه مسلم
(2)
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه.
أ - ظهور الفتن من المشرق:
أكثر الفتن الّتي ظهرت في المسلمين كان منبعها من المشرق، من حيث يطلُعُ قرنُ الشيطان، وهذا مطابِقٌ لما أخبر به نبيُّ الرّحمة صلى الله عليه وسلم.
فقد جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول: "ألَّا إن الفتنةَ هاهُنا، ألَّا إن الفتنة ها هُنا، من جيث يطلُعُ قرنُ الشيطان"
(3)
.
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الإِمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأوّل فالأول، (12/ 232 - 233 - مع شرح النووي).
(2)
"صحيح مسلم"، كتاب الجنَّة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميِّت عليه واثبات عذاب القبر والتعوذ منه، (17/ 203 - مع شرح النووي).
(3)
(قرن الشيطان): قوة الشيطان وأتباعه، أو أن للشمس قرن على الحقيقة. =
رواه الشيخان
(1)
.
وفي رواية لمسلم أنّه قال: "رأس الكفر من هاهُنا، من حيث يطلُعُ قرنُ الشيطان"؛ يعني: المشرق
(2)
.
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما؛ قال: دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ بارِك لنا في صاعِنا ومُدِّنا، وبارك لنا في شامِنا ويمنِنا". فقال رجلٌ من القوم: يا نبي الله! وفي عراقنا. قال: "إن بها قَرن الشيطان، وتهيج الفتن، وإن الجفاء بالمشرق"
(3)
.
قال ابن حجر: "وأول الفتن كان منبعها من قِبَلِ المشرق، فكان ذلك سببًا للفرقة بين المسلمين، وذلك ممّا يحبُّه الشيطان ويفرحُ به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة"
(4)
.
فمن العراق ظهر الخوارج، والشيعة، والروافض، والباطنية،
= وقيل: إن الشيطان يقرن رأسه بالشمس عند طلوعها ليقع سجود عبدتها له.
انظر: "فتح الباري"(13/ 46).
(1)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الفتن، باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"الفتنة من قبل المشرق"، (13/ 45 - مع الفتح)، و "صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 31 - مع شرح نووي).
(2)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن، (18/ 31 - 32 - مع شرح النووي).
(3)
رواه الطبراني، ورواته ثقات.
"مختصر الترغيب والترهيب"(ص 87) للحافظ ابن حجر، تحقيق عبد الله بن السَّيِّد أحمد بن حجاج، مطبعة التقدم، الناشر مكتبة السّلام، القاهرة، الطبعة الرّابعة، (1402هـ).
(4)
"فتح الباري"(13/ 47).
والقَدَرية، والجهميَّة، والمعتزلة، وأكثر مقالات الكفر كان منشؤها من المشرق؛ من جهة الفرس المجوس؛ كالزردشتية
(1)
، والمانويّة
(2)
، والمزدكية
(3)
، والهندوسية
(4)
، والبوذيَّة
(5)
، وأخيرًا وليس آخرًا: القاديانية
(6)
،
(1)
(الزردشتية): هم أصحاب زردشت بنيورشب، وأبوه من أذربيجان، ومن عقيدتهم أن النور والظلمة أصلان متضادان، وهما مبدأ موجودات العالم، وزردشت يقول: إن الباري تعالى هو خالق النور والظلمة ومبدعهما، والزردشتية جماعة منظمة، ولها درجات ومراتب، وموطنهم فارس.
أنظر: "الملل والنحل"(1/ 236 - 237) للشهرستاني، وكتاب "وجاء دور المجوس"(ص 24) للدكتور عبد الله الغريب.
(2)
(المانوية): هم أصحاب ماني بن فاتك المجوسي، وعقيدتهم أن العالم مخلوق من أصلّين قديمين هما النور والظلمة. انظر:"الملل والنحل"(1/ 244).
(3)
(المزدكية): أصحاب مزدك بن بافداد، الّذي دعا إلى الإباحية واشتراك النَّاس في النِّساء والأموال، وليست الشيوعية الحديثة إِلَّا امتدادًا للمزدكية.
انظر: "الملل والنحل"(1/ 249)، وكتاب "وجاء دوو المجوس"(ص 27 - 29).
(4)
(الهندوسية): ديانة الجمهرة العظمى في الهند الآن، وقد جاء بها الأريون عندما فتحوا الهند، وليس لها مؤسس معيَّن، وهي مجموعة عقائد، ولهم آلهة كثيرة، ويقسمون النَّاس إلى أربع طبقات، أعلاها البراهمة، وأدناها المنبوذون، ولهم كتاب مقدس اسمه "الويدا"، وهو عبارة عن تاريخ للآربين، وهم طبقة البراهمة، وفيه مجموعة تعاليم.
انظر: "مقارنة الأديان/ أديان الهند الكبرى"(4/ 49 - 46) لأحمد شلبي.
(5)
(البوذية): مؤسس هذه النحلة اسمه (سيد هارتا)، ثمّ تسمى بـ (بوذا)، ودعوته تقوم على التقشف، والزهد، والرياضات، ويقول بالتناسخ - والتناسخ أساس أديان الهند -، وبوذا لا يؤمن بوجود إله.
وقد امتزجت البوذية بالهندوسية، وذابت فيها، وأصبح بوذا من آلهة الهندوس.
انظر: "مقارنة الأديان/ أديان الهند الكبرى"(4/ 137 - 170).
(6)
(القاديانية): نسبة إلى مؤسسها الميرزا غلام أحمد القادياني، وكان ظهور هذه =
والبهائية
(1)
…
إلى غير ذلك من المذاهب الهدَّامة.
وأيضًا؛ فإن ظهور التتار في القرن السابع الهجري كان من المشرق، وقد حدث على أيديهم من الدَّمار والقتل والشرِّ العظيم ما هو مدوَّنٌ في كتب التاريخ.
وإلى اليوم لا يزال المشرق منبعًا للفتن والشرور والبدع والخرافات والإِلحاد، فالشيوعية الملحدة مركزها روسيا والصين الشيوعية، وهما في المشرق، وسيكون ظهور الدجَّال ويأجوج ومأجوج من جهة المشرق، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ولا بدَّ لي هنا من أن أنبَّه على أن بعض الفتن هو من أشراط السّاعة
= النحلة في أواخر القرن التّاسع عشر الميلادي في الهند، في إقليم (بنجاب) بباكستان، وادَّعى النبوة، وأنّه المسيح الموعود، وساعده الإِنكليز في نشر دعوته، ومن أباطيله نسخ الجهاد، وفرض طاعة الحكومة البريطانية، وأن نزول عيسى من نسج النصارى، ومَن قال: إن عيسى ما مات؛ فقد أشرك، وكان هلاكه سنة (1908 م).
انظر: "القادياني ومعتقداته" للشيخ منظور أحمد الباكستاني، و "القاديانية ثورة على النبوة والإسلام"، و "القادياني والقاديانية دراسة وتحليل"؛ كلاهما لأبي الحسن الندوي.
(1)
(البهائية): مؤسس هذه النحلة رجل من فارس، اسمه الميرزا علي محمّد الشيرازي، الّذي لقَّب نفسه بـ (الباب)، وقد سجنته حكومة فارس، ثمّ قتلته، وخلفه أحد أتباعه، وهو بهاء الله ميرزا حسين علي، ومن عقائده نسخ القرآن، وهدم الكعبة، وإبطال الحجِّ، وادَّعى النبوة، وله كتاب سماه "الكتاب الأقدس".
وقد تطوَّر مذهب البهائبين حتّى ادَّعوا أن البهاء إله، فقد كان نقش (إكليشة) نشراتهم:"بهاء يا إلهي".
انظر: كتاب "دراسات عن البهائية والبابية"، مجموعة رسائل لجماعة من الكتاب المسلمين، طبع المكتب الإِسلامي، ط. الثّانية، (1397 هـ)، دمشق.