الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرى، أو كما يفضل إحداهما الأخرى
(1)
، ويدلُّ على ذلك رواية التّرمذيّ:"بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين - وأشار أبو داود بالسبابة والوسطى - فما فضل إحداهما على الأخرى"
(2)
، وفي رواية مسلم:"قال شعبةُ: وسمعتُ قتادة يقول في قصصه: كفضل إحداهما على الأخرى. فلا أدري أذكره عن أنس أو قاله قتادة"
(3)
.
قال القرطبي: "أولها النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنّه نبي آخر الزّمان، وقد بُعِثَ وليس بينه وبين القيامة نبىٌّ"
(4)
.
قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40)} [الأحزاب: 40].
2 - موت النّبيّ صلى الله عليه وسلم
-:
من أشراط السّاعة موتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث عن عوف بن مالك رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعدُدْ ستًّا بين يدي السّاعة: موتي
…
"
(5)
الحديث.
(1)
انظر: "التذكرة"(ص 625 - 626)، و "فتح الباري"(11/ 349)، و "تحفة الأحوذي شرح التّرمذيّ"(6/ 460).
(2)
"جامع التّرمذيّ"، باب ما جاء في قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين"،
(6/ 459 - 460)، وقال:"هذا حديث حسن صحيح".
(3)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب: قرب السّاعة، (18/ 89 - مع شرح النووي).
(4)
"التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة"(ص 626).
(5)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الجزية والموادعة، باب ما يُحذر من الغدر، (6/ 277 - مع الفتح).
فقد كان موت النّبيّ صلى الله عليه وسلم من أعظم المصائب الّتي وقعت على المسلمين، فقد أظلمتِ الدُّنيا في عيون الصّحابة رضي الله عنهم عندما مات عليه الصلاة والسلام.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "لما كان اليوم الّذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؛ أضاء منها كلّ شيء، فلما كان اليوم الّذي مات فيه؛ أظلمَ منها كلّ شيء، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي - وإنا لَفي دَفْنِه - حتّى أنكرنا قلوبَنا"
(1)
.
قال ابن حجر: "يريد أنّهم وجدوها تغيَّرت عمّا عهدوه في حياته من الألفة، والصفاء، والرقة؛ لفقدان مَا كان يمدُّهم به من التعليم والتأديب"
(2)
.
فبموته صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي من السَّماء؛ كما في جواب أم أيمن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهم عندما زاراها بعد موت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم"نتهيا إليها؛ بكت، فقالا لها: "ما يُبكيكِ؟ ما عند الله خير لرسوله. فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أنَّ ما عند الله خيرٌ لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكني أبكي أن الوحي قد انقطع من السَّماء. فهيَّجَتْهُما على البكاء، فجعلا يبكيان
(1)
"جامع التّرمذيّ"، أبواب المناقب، (10/ 87 - 88 - مع تحفة الأحوذي)، وقال التّرمذيّ:"هذا حديث صحيح غريب".
وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده صحيح". انظر: "شرح السنة" للبغوي، (14/ 50)، تحقيق شعيب الأرناؤوط.
قال ابن حجر: "قال أبو سعيد فيما أخرجه البزار بسند جيد: ما نفضنا أيدينا من دفنه حتّى أنكرنا قلوبنا". "الفتح"(8/ 149).
(2)
"فتح الباري"(8/ 149).
معها"
(1)
.
فقد مات عليه الصلاة والسلام كما يموت النَّاس؛ لأنّ الله تعالى لم يكتب الخلود في هذه الحياة الدُّنيا لأحد من الخلق،. بل هي دار ممرٍّ لا دار مقرٍّ؛ كما قال تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 34 - 35].
إلى غير ذلك من الآيات الّتي تبيِّن أن الموت حقٌ، وأن كلّ نفس ذائقة الموت، حتّى ولو كان سيد الخلق وامام المتَّقين محمَّد صلى الله عليه وسلم.
وكان موته كما قال القرطبي: "أول أمرٍ دَهَمَ الإِسلامَ
…
ثمَّ بعده موتُ عمر، فبموت النّبيّ صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي، وماتت النبوَّة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب، وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير، وأول نقصانه. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
فَلَتَحْدُثَنَّ حَوَادِثٌ مِنْ بَعْدِهِ
…
تُعْنَى بِهِنَّ جَوانِحٌ وصُدُورُ
وقالت صفيَّة بنت عبد المطَّلب رضي الله عنها:
لَعَمْرُكَ مَا أَبْكِي النَّبِىَّ لِفَقْدِهِ
…
ولكِنَ مَا أَخْشَى مِنَ الهَرْجِ
(2)
آتِيا"
(3)
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب فضائل الصّحابة رضي الله عنهم، باب فضائل أم أيمن رضي الله عنها، (16/ 9 - 10 - مع شرح النووي).
(2)
(الهَرْج): هو القتل؛ كما سيأتي.
(3)
"التذكرة" للقرطبي، (ص 629 - 630) بتصرُّف بسيط، وانظر:"الإذاعة" لصديق حسن، (ص 67 - 69).