الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَبعْتُموهُم"
(1)
.
قال النووي: "والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدَّة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم"
(2)
.
هذا؛ والفتن ليس لها حصرٌ، ففتنة النِّساء، وفتنة المال، وحب الشهوات، وحب السلطان والسيادة والزعامة؛ كلها فتنٌ ربما تهلك الإِنسان، وتعصف به إلى مهاوي الرَّدى، نسأل الله العافية والسلامة.
7 - ظهور مدَّعي النبوَّة:
ومن العلّامات الّتي ظهرت: خروج الكذَّابين الذين يدَّعون النيوَّة، وهم قريبٌ من ثلاثين كذَّابًا، وقد خرج بعضُهم في الزمن النبويَّ وفي عهد الصّحابة، ولا يزالون يظهرون.
وليس التحديد في الأحاديث مرادًا به كلّ من ادَّعى النبوَّة مطلقًا؛ فإنهم كثيرٌ لا يُحْصَوْنَ، وإنّما المراد مَنْ قامت له شوكة، وكَثُر أتباعه، واشتُهِرَ بين النَّاس
(3)
.
ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم السّاعة حتّى يبعث دجَّالون كذَّابون قريبٌ من ثلاثين؛ كلهم يزعم أنّه رسول الله"
(4)
.
(1)
مر تخريجه في الصفحة الّتي قبل هذه.
(2)
"شرح النووي لمسلم"(16/ 219 - 220).
(3)
انظر: "فتح الباري"(6/ 617).
(4)
"صحيح البخاريّ"، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، (6/ 616 - مع =
وعن ثوبان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم السّاعة حتّى تلحق قبائل من أمَّتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان، وإنه سيكون في أمَّتي ثلاثون كذَّابون، كلهم يزعم أنّه نبيٌّ، وأنا خاتم النبيِّين، لا نبيَّ بعدي"
(1)
.
والأحاديث في ظهور هؤلاء الدَّجاجلة كثيرة، وفي بعضها وقع أنّهم ثلاثون بالجزم؛ كما في حديث ثوبان، وفي بعضها أنّهم قريبٌ من الثلاثين؛ كما في حديث "الصحيحين"، ولعلّ رواية ثوبان على طريقة جبر الكسر
(2)
.
وممَّن ظهر من هؤلاء الثلاثين مسيلمة الكذَّاب، فادَّعى النبوَّة في آخر زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وكاتَبَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسماه مسيلمة الكذاب، وقد كثر أتباعه، وعَظُم شرُه على المسلمين، حتّى قضى عليه الصّحابة في عهد أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه، في معركة اليمامة المشهورة.
وظهر كذلك الأسود العَنَسي في اليمن، وادَّعى النبوَّة، فقتله الصّحابة قبل موت النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
= الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 45 - 46 - مع شرح النووي).
(1)
"سنن أبي دواد"(11/ 324 - مع عون المعبود)، و"التّرمذيّ"(6/ 466 - مع تحفة الأحوذي)، وقال:"هذا حديث صحيح".
وقال الألباني: "صحيح". انظر: "صحيح الجامع الصغير"(6/ 174)(ح 7295).
(2)
انظر: "فتح الباري"(13/ 87).
وظهرت سَجاح، وادَّعت النبوة، وتزوَّجها مسيلمة، ثمّ لما قُتِل؛ رجعت إلى الإسلام.
وتنبأ أيضًا طليحة بن خويلد الأسدي، ثمّ تاب ورجع إلى الإسلام، وحسن إسلامه.
ثمّ ظهر المختار بن أبي عُبيد الثقفي، وأظهر محبَّة أهل البيت، والمطالبة بدم الحسين، وكَثُر أتباعه، فتغلَّب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، ثمّ أغواه الشيطان، فادَّعى النبوَّة ونزول جبريل عليه
(1)
.
والذي يقَّوي أنّه من الدَّجالين ما رواه أبو داود بعد سياقه لحديث أبي هريرة الّذي في "الصحيحين" في ذكر الكذابين: "عن إبراهيم النخعي أنّه قال لعُبيدة السلماني
(2)
: أترى هذا منهم- يعني: المختار-؟ قال: فقال عُبيدة: أمّا إنّه من الرؤوس"
(3)
.
ومنهم الحارث الكذَّاب، خرج في خلافة عبد الملك بن مروان، فقُتِل. وخرج في خلافة بني العباس جماعةٌ
(4)
.
وظهر في العصر الحديث ميرزا أحمد القادياني بالهند، وادَّعى
(1)
انظر: "فتح الباري"(6/ 617).
(2)
عبيدة السلماني المرادي الكوفي الفقيه المفتي، أسلم في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولقي عليًّا وابن مسعود. قال فيه الشّعبيّ:"كان يوازي شريحًا في القضاء".
انظر: ترجمته في "شذرات الذهب"(1/ 78 - 79).
(3)
"سنن أبي داود"(11/ 486 - مع عون المعبود).
(4)
"فتح الباري"(6/ 617).