الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنتظر"
(1)
.
8 -
وللشوكاني: "التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدَّجّال والمسيح"
(2)
.
9 -
وقال صديق حسن: "وقد جمع السَّيِّد العلًّامة بدر الملة المنير محمَّد بن إسماعيل الأمير اليماني
(3)
الأحاديث القاضية بخروج المهدي من آل محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وأنّه يظهر في آخر الزّمان"
(4)
.
*
المنكِرون لأحاديث المهدي والرد عليهم:
ذكرت فيما سبق طائفة من الأحاديث الصحيحة الّتي تدلُّ دِلالة قاطعة على ثبوت ظهور المهدي في آخر الزّمان حَكَمًا عدلًا وإمامًا مقسطًا، ونقلتُ طائفة من كلام العلماء الذين نصُّوا على تواتر أحاديث المهدي، وكذلك بعض المصنَّفات الّتي ألَّفها العلماء في شأنّه.
ومما يؤسف له أن طائفة من الكتاب
(5)
ظهرت في لهذا الزمن تنكر
(1)
"لوامع الأنوار"(2/ 76)، و"الإذاعة"(ص 147 - 148).
(2)
انظر: "الإذاعة"(ص 113).
(3)
هو محمَّد بن إسماعيل بن صلاح بن محمَّد الحسني الكحلاني ثمَّ الصنعاني، صاحب كتاب "سبل السّلام شرح بلوغ المرام"، وله عدة مصنفات، توفي بصنعاء سنة (1182 هـ).
انظر: "الأعلام"(6/ 38).
(4)
"الإذاعة"(ص 114).
(5)
من أبرزهم: الشّيخ محمَّد رشيد رضا في "تفسيره المنار"(9/ 499 - 504)، ومحمد فريد وجدي في "دائرة معارف القرن العشرين"(10/ 480)، وأحمد أمين في كتابه =
ظهور المهدي، وتصف أحاديثه بالتناقض والبطلان، وأن المهدي ليس إِلَّا أسطورة اخترعها الشيعة، ثمَّ دخلت في كتب أهل السنة.
وقد تأثَّر بعض هؤلاء الكتاب بما اشتُهِرَ عن ابن خلدون المؤرِّخ
(1)
من تضعيفٍ لأحاديث المهدي، مع أن ابن خلدون ليس من فرسان هذا الميدان حتّى يُقْبَل قوله في التصحيح والتضعيف، ومع هذا؛ فقد قال -بعد أن استعرض كثيرًا من أحاديث المهدي، وطعن في كثير من أسانيدها-: "فهذه جملة الأحاديث الّتي خرَّجها الأئمة في شأن المهدي، وخروجه آخر الزّمان، وهي -كما رأيتَ- لم يخلص منها من النقد إِلَّا القليل أو الأقل
= "ضحى الإسلام"(3/ 237 - 241)، وعبد الرّحمن محمَّد عثمان في تعليقه على "تحفة الأحوذي"(6/ 474)، ومحمد عبد الله عنان في كتابه "مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام"(ص 359 - 364)، ومحمد فهيم أبو عبية في تعليقه على "النهاية/ الفتن والملاحم" لابن كثير (1/ 37)، وعبد الكريم الخطيب في كتابه "المسيح في القرآن والتوراة والإِنجيل"(ص 539)، وأخيرًا الشّيخ عبد الله بن زيد آل محمود في كتابه "لا مهدي ينتظر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم خير البشر".
وقد تولى الرد على جميع هؤلاء فضيلة الشّيخ عبد المحسن بن محمَّد العباد في كتابه القيم "الرَّدِّ على مَنْ كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي"، وخص منها رسالة الشّيخ ابن محمود، حيث بيَّن أن ما فيها مجانب للحق والصواب، فجزاه الله عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء.
(1)
هو عبد الرّحمن بن محمَّد بن محمَّد بن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإِشبيلي، أشتهر بكتابه "العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر"، طبع في سبعة مجلدات، أولها "المقدِّمة"، وله عدة مصنفات وشعر، وقد نشأ في تونس، ورحل منها إلى مصر، وتولى قضاء المالكية فيها، وتوفي بالقاهرة سنة (808 هـ) رحمه الله.
انظر: "شذرات الذهب"(7/ 76 - 77)، و"الأعلام"(3/ 330).
منه"
(1)
.
فعبارته تدلُّ على أنّه قد سلم من نقده القليل من الأحاديث.
ونقول: لو صحَّ حديثٌ واحد؛ لكفى به حجَّة في شأن المهدي، كيف والأحاديث فيه صحيحة ومتواترة؟!
قال الشّيخ أحمد شاكر ردًّا على ابن خلدون: "إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين "الجرح مقدَّم على التَّعديل"، ولو اطلع على أقوالهم وفقهها؛ ما قال شيئًا ممّا قال، وقد يكون قرأ وعرف، ولكنه أراد تضعيف أحاديث المهدي بما غلب عليه من الرأي السياسي في عصره"
(2)
.
ثمَّ بيَّن أن ما كتبه ابن خلدون في هذا الفصل عن المهدي مملوءٌ بالأغاليط الكثيرة في أسماء الرجال ونقل العلل، واعتذر عنه بأن ذلك قد يكون من الناسخين، وإهمال المصحِّحين، والله أعلم.
وإيثارًا للاختصار فسأذكر هنا ما قاله الشّيخ محمَّد رشيد رضا في المهدي، وهو نموذجٌ لغيره ممَّن أنكر أحاديث المهدي:
قال رحمه الله: "أمّا التَّعارض في أحاديث المهدي؛ فهو أقوى وأظهر، والجمع بين الروايات فيه أعسر، والمنكرون لها أكثر، والشبهة فيها أظهر، ولذلك لم يعتدَّ الشيخان بشيء من رواياتها في صحيحيهما، وقد كانت أكبر مثارات الفساد والفتن في الشعوب الإسلامية"
(3)
.
(1)
"مقدمة تاريخ ابن خلدون"، المجلد الأوّل، (ص 574).
(2)
من تعليق الشّيخ أحمد شاكر على "مسند الإمام أحمد"(5/ 197 - 198).
(3)
"تفسير المنار"(9/ 499).
ثمَّ ذكر نماذج من تعارض أحاديث المهدي وتهافتها -كما يزعم- ومن ذلك قوله: "إن أشهر الروايات في اسمه واسم أبيه عند أهل السنة أنّه محمَّد بن عبد الله، وفي رواية: أحمد بن عبد الله، والشيعة الإِمامية متَّفقون على أنّه محمَّد بن الحسن العسكري، وهما الحادي عشر والثّاني عشر من أئمَّتهم المعصومين، ويلقَّبون بالحجة، والقائم، والمنتظر
…
وزعمت الكيسانية
(1)
أن المهدي هو محمَّد بن الحنفية، وأنّه حيٌّ مقيمٌ بجبل رضوى
…
"
(2)
.
وقال: "المشهور في نسبه أنّه علويٌ فاطميٌّ من ولد الحسن، وفي بعض الروايات من ولد الحسين، وهو يوافق قول الشيعة الإمامية، وهنالك عدة أحاديث مصرِّحة بأنّه من ولد العباس"
(3)
.
ثمَّ ذكر أن كثيرًا من الإِسرائيليات دخلت في كتب الحديث، "وكذلك فإن للعصبيات العلّوية والعباسية والفارسية دورًا كبيرًا في وضع كثير من الأحاديث في المهدي، وكل طائفة تدَّعي أنّه منها، وإن اليهود والفرس روَّجوا لهذه الروايات؛ بقصد تخدير المسلمين، حتّى يتَّكلوا على ظهور
(1)
(الكيسانية): إحدى فرق الرافضة، وهم أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب، وينسبون إلى كيسان مولى علي رضي الله عنه، وقيل: إن كيسان لقب لمحمد بن الحنفية.
انظر: "الفرق بين الفرق"(ص 38)، تحقيق الشّيخ محمَّد محيي الدين عبد الحميد.
(2)
"تفسير المنار"(9/ 501).
(3)
"تفسير المنار"(9/ 502).
المهدي، الّذي يؤيِّد الله به الدين، وينشر العدل في العالمين"
(1)
.
ويجاب عما قاله الشّيخ رشيد رضا بأن الروايات في خروج المهدي صحيحة ومتواترة تواترًا معنويًا؛ كما سبق أن ذكرت طائفة من هذه الأحاديث، ومَن نصَّ من العلماء على صحَّتها وتواترها.
وأمّا دعوى أن الشيخين لم يعتدّا بشيء من الأحاديث في المهدي؛ فنقول: إن السنة كلها لم تدوَّن في الصحيحين فقط، بل ورد في غيرهما أحاديث كثيرة صحيحة في السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها من دواوين الحديث.
قال ابن كثير رحمه الله: "إن البخاريّ ومسلمًا لم يلتزما بإخراج جميع ما يُحْكَم بصحَّته من الأحاديث، فإنهما قد صحَّحا أحاديث ليست في كتابيهما؛ كما ينقل التّرمذيّ وغيره عن البخاريّ تصحيح أحاديث ليست عنده، بل في السنن وغيرها"
(2)
.
وأمّا كون الأحاديث قد دخلها كثيرٌ من الإسرائيليات، وأن بعضها من وضع الشيعة وغيرهم من أهل العصبيات؛ فهذا صحيح، ولكن أئمة الحديث قد بيَّنوا الصّحيح من غيره، وصنَّفوا الكَتب في الموضوعات، وبيان الروايات الضعيفة، ووضعوا قواعد دقيقة في الحكم على الرجال، حتّى لم يبق صاحب بدعة أو كذب إِلَّا وأظهروا أمره، فحفظ الله السنة من
(1)
انظر: "تفسير المنار"(9/ 501 - 504).
(2)
"الباعث الحثيث/ شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير"(ص 25)، تأليف: أحمد شاكر، طبع دار الكتب العلمية.
عبث العابثين، وتحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وهذا من حفظ الله لهذا الدين.
وإذا كان هناك روايات موضوعة في المهدي تعصّبًا؛ فإن ذلك لا يجعلنا نترك ما صحَّ من الروايات فيه، والروايات الصحيحة جاء فيها ذكر صفته واسمه واسم أبيه، فإذا عيّن إنسانٌ شخصًا، وزعم أنّه هو المهدي، دون أن يساعده على ذلك ما جاء من الأحاديث الصحيحة؛ فإن ذلك لا يؤدِّي إلى إنكار المهدي على ما جاء في الحديث.
ثمَّ إن المهدي الحقيقي لا يحتاج إلى أن يدعو له أحدٌ، بل يظهره الله للناس إذا شاء، ويعرفونه بعلامات تدلُّ عليه، وأمّا دعوى التعارض؛ فقد نشأت عن الروايات الّتي لم تصحّ، وأمّا الأحاديث الصحيحة؛ فلا تعارُض فيها ولله الحمد.
وأيضًا؛ فإن خلاف الشيعة مع أهل السنة لا يُعْتَدُّ به، والحكم العدل هو الكتاب والسُّنَّة الصحيحة، وأمّا خرافات الشيعة وأباطيلهم؛ فلا يجوز أن تكون عمدة يُرَدُّ بها ما ثبت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العلَّامة ابن القيم في كلامه على المهدي: "وأمّا الرافضة الإِمامية؛ فلهم قولٌ رابعٌ، وهو أن المهدي هو محمَّد بن الحسن العسكري
(1)
المنتظر، من ولد الحسين بن علي، لا من ولد الحسن،
(1)
ولد سنة (256 هـ)، وتوفي سنة (275 هـ) على القول بوجوده، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنّه لم يوجد.
انظر: "منهاج السنة (2/ 131)، و"الأعلام" للزركلي (6/ 80).