الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التّاسع: النّار الّتي تحشر النَّاس
ومنها خروج النّار العظيمة، وهي آخر أشراط السّاعة الكبرى، وأول الآيات المؤذِنة بقيام السّاعة.
*
مكان خروجها:
جاءت الروايات بأن خروج هذه النّار يكون من اليمن، من قعرة عدن
(1)
، وتخرج من بحر حضرموت؛ كما جاء في روايات أخرى.
وإليك طائفة ممّن الأحاديث الّتي تبيِّن مكان خروج هذه النّار، وهي من الأدلَّة على ظهورها.
1 -
جاء في حديثَ حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط السّاعة الكبرى قوله صلى الله عليه وسلم: "وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن، تطرد النَّاس إلى محشرهم".
(1)
(عدن): هي المدينة المعروفة في اليمن جنوب الجزيرة العربيّة، وهي واقعة على بحر حضرموت، ويسمى اليوم: البحر العربي.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 192).
رواه مسلم (1).
2 -
وفي رواية له عن حذيفة أيضًا: "ونارٌ تخرج من قعرة عدن ترحل النَّاس"(2).
3 -
وروى الإِمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستخرج نارٌ من حضرموت أو من بحر حضرموت، قبل يوم القيامة، تحشر النَّاس"
(3)
.
4 -
وروى الإِمام البخاريّ عن أنس رضي الله عنه أن عبد الله بن سلام لما أسلم سأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن مسائل، ومنها: ما أول أشراط السّاعة؟ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "أمّا أول أشراط السّاعة؛ فنار تحشر النَّاس من المشرق إلى المغرب"
(4)
.
والجمع بين ما جاء أن هذه النّار هي آخر أشراط السّاعة الكبرى وما جاء أنها أول أشراط السّاعة: أن آخريتها باعتبار ما ذُكِر معها من الآيات
(1 و 2)"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 27 - 29 - مع شرح النووي).
(3)
"مسند الإِمام أحمد"(7/ 133)(ح 5146)، قال أحمد شاكر:"إسناده صحيح". والترمذي (6/ 463 - 464 - مع تحفة الأحوذي).
قال الألباني: "صحيح". انظر: "صحيح الجامع الصغير"(3/ 203)(ح 3603).
(4)
"صحيح البخاريّ"، كتاب أحاديث، الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، (6/ 362 - مع الفتح)(ح 3329).
الواردة في حديث حذيفة، وأوليتها باعتبار أنها أوَّل الآيات الّتي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلًا، بل يقع بانتهاء هذه الآيات النفخ في الصور؛ بخلاف ما ذُكِرَ معها من الآيات الواردة في حديث حذيفة؛ فإنّه يبقى بعد كلّ آية منها أشياء من أمور الدُّنيا
(1)
.
وأمّا ما جاء في بعض الروايات بأن خروجها يكون من اليمن، وفي بعضها الآخر أنها تحشر النَّاس من المشرق إلى المغرب؛ فيجاب عن ذلك بأجوبة:
1 -
أنه يمكن الجمع بين هذه الروايات بأن كون النّار تخرج من قعر عدن لا ينافي حشرها النَّاس من المشرق إلى المغرب، وذلك أن ابتداء خروجها من قعر عدن، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها، والمراد بقوله:"تحشر النَّاس من المشرق إلى المغرب"؛ إرادة تعميم الحشر لا خصوص المشرق والمغرب
(2)
.
2 -
أن النّار عندما تنتشر يكون حشرها لأهل المشرق أوَّلًا، ويؤيِّد ذلك أن ابتداء الفتن دائمًا من المشرق، وأمّا جعل الغاية إلى المغرب؛ فلأن الشّام بالنسبة إلى المشرق مغرب.
3 -
يحتمل أن تكون النّار المذكورة في حديث أنس كناية عن الفتن المنتشرة الّتي أثارت الشر العظيم والتهبت كما تلتهب النّار، وكان ابتداؤها من قِبَل المشرق، حتّى خرب معظمه، وانحشر النَّاس من جهة المشرق
(1)
"فتح الباري"(13/ 82).
(2)
"فتح الباري"(13/ 82).