الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثّالث: نزول عيسى عليه السلام
-
قبل أن نتحدَّث عن نزول عيسى بن مريم عليه السلام يحْسن بنا أن نتعرَّف على صفته الّتي وردت بها النّصوص الشرعية
…
*
صفة عيسى عليه السلام
-.
صفته الّتي جاءت بها الروايات أنَّه رجلٌ، مربوع القامة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أحمر، جعدٌ، عريض الصدر، سبط الشعر، كأنما خرج من ديماس -أي: حمَّام- له لمة
(1)
قد رجَّلها تملأ ما بين منكبيه.
الأحاديث الواردة في ذلك:
منها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي لقيتُ موسى
…
(فنعتَهُ إلى أن قال:) ولقيتُ عيسى
…
(فنعته فقال:) ربعةٌ، أحمرُ، كأنما خرج من ديماس (يعني:
(1)
(اللمة)؛ بكسر اللام: شعر الرّأس. يقال له إذا جاوز شحمة الأُذُنَين: لمة. وإذا زاد عن ذلك فهو: جمة.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(4/ 273).
الحمام) "
(1)
.
وروى البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ عيسى وموسى وإبراهيم، فأمّا عيسى؛ فأحمر جعدٌ عريضُ الصَّدر"
(2)
.
وروى مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيتَني في الحجر وقريشٌ تسألني
…
(فذكر الحديث، وفيه:) وإذا عيسى بن مريم عليه السلام قائمٌ يصلّي، أقرب النَّاس به شبهًا عروة ابن مسعود الثقفي
(3)
".
(1)
"صحيح البخاريّ"، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} [مريم: 16]، (6/ 76 - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، باب الإِسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم -وفرض الصلوات، (2/ 232 - مع شرح النووي).
(2)
"صحيح البخاريّ"، كتاب آحاديث الأنبياء، باب قول الله:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} ، (6/ 477 - مع الفتح).
(3)
هو الصحابي الجليل أبو مسعود عروة بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفي رضي الله عنه، أسلم بعد انصراف النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الطائف، وكانت له اليد البيضاء في تقرير صلح الحديبية، وكان رجلًا محببًا مطاعًا في قومه أهل الطائف، فلما دعاهم إلى الإسلام؛ قتلوه، ولما أصابه سهم منهم؛ قيل له: ما ترى في دمك؟ قال: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إليَّ، فليس فيَّ إِلَّا ما في الشهداء الذين قُتِلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم، فقال فيه النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"مثل عروة مثل صاحب ياسين، دعا قومه إلى الله، فقتلوه".
وقيل: إنّه المراد بقوله تعالى: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31].
انفر: "الاستيعاب في معرفة الأصحاب"(3/ 1066 - 1067) تحقيق علي البجاوي لابن عبد البرّ، و"الإصابة في تمييز الصّحابة"(2/ 477 - 478) لابن حجر، =
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أراني ليلة عند الكعبة، فرأيت رجلًا آدم
(1)
كأحسن ما أنت راءٍ من أدم الرجال، له لِمَّةٌ كأحسن ما أنت راء من اللِّمم، قد رجَّلها، فهي تقطر ماء، متَّكئًا على رجلين أو على عواتق رجلين، يطوف بالبيت، فسألت: مَنْ هذا؟ فقيل: هذا المسيح بن مريم"
(2)
.
وفي رواية للبخاري عن ابن عمر؛ قال: "لا والله؛ ما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعيسى أحمر، ولكن قال: (فذكر تمام الحديث بنحو الرِّواية السابقة) "
(3)
.
وفي رواية لمسلم عنه رضي الله عنه؛ قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا رجُلٌ آدَمُ
…
(إلى أن قال:) رَجِلُ الشَّعر"
(4)
.
والجمع بين هذه الروايات من كونه في بعضها أحمر، وبعضها آدم، وما جاء أنّه سبط الشعر، وفي بعضها بأنّه جعد:
= و"تجريد أسماء الصّحابة"(1/ 380) للذهبي.
والحديث في "صحيح مسلم"، باب ذكر المسيح ابن مريم عليه السلام، (2/ 237 - 238 - مع شرح النووي).
(1)
(آدم): الآدم هو الأسمر الشديد السمرة، وقيل: هو من أئمة الأرض؛ أي: لونها، وبه سمي آدم عليه السلام.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 32).
(2)
"صحيح البخاريّ"، كتاب أحاديث الأنبياء، (6/ 477 - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، باب ذكر المسيح ابن مريم عليه السلام، (2/ 233 - مع شرح النووي).
(3)
"صحيح البخاريّ"(6/ 477).
(4)
"صحيح مسلم"(2/ 236).