الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عهودهم وأماناتهم، واختلفوا، فكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) "
(1)
.
وذهاب الصالحين يكون عند كثرة المعاصي، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرة فإن الصالحين إذا رأوا المنكر ولم يغيِّروه وكَثُر الفساد؛ عَمَّهُم العذاب مع غيرهم إذا نزل؛ كما جاء في الحديث لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنّهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم؛ إذا كَثُرَ الخَبَثُ".
رواه البخاريّ
(2)
.
33 - ارتفاع الأسافل:
ومن أشراطها ارتقاع أسافل النَّاس عن خيارهم، واستئثارهم بالأمور دونهم، فيكون أمر النَّاس بيد سفهائهم وأراذلهم ومَن لا خير فيهم، وهذا من انعكاس الحقائق، وتغيُّر الأحوال، وهذا أمرٌ مشاهَدٌ في هذا الزمن، فترى أن كثيرًا من رؤوس النَّاس وأهل العقد والحل هم أقلُّ النَّاس صلاحًا وعلمًا، مع أن الواجب أن يكون أهل الدين والتقى هم المقدَّمون على غيرهم في تولِّي أمور النَّاس؛ لأنّ أفضل النَّاس وأكرمهم هم أهل الدين والتقوى؛ كما قال تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
ولذلك لم يكن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يولي الولايات وأمور النَّاس إِلَّا مَنْ هم
(1)
"مسند أحمد"(12/ 12 - شرح أحمد شاكر)، وقال:"إسناده صحيح". و"مستدرك الحاكم"(4/ 435)، وقال:"لهذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
(2)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الفتن، باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"ويل للعرب من شر قد اقترب"(13/ 11 - مع الفتح).
أصلح النَّاس وأعلمهم، وكذلك خلفاؤه من بعده، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ؛ منها ما رواه البخاريّ عن حُذيفة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأهل نجران:"لأبعَثَنَّ إليكم رجلًا أمينًا حَقَّ أمين"، فاستشرف لها أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فبعث أبا عبيدة"
(1)
.
وهذه بعض الأحاديث الدالَّة على ارتفاع أسافل النَّاس، وأن ذلك من أمارات السّاعة:
فمنها ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستأتي على النَّاس سنون خدَّاعة؛ يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب فيها الصادق، ويؤتَمَنُ فيها الخائن، ويُخَوَّن فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَة". قيل: وما الرُّوَيْبِضَة
(2)
؟ قال: "السفيه يتكلَّم في أمر العامَّة"
(3)
.
وفي حديث جبريل الطويل قوله: "ولكنْ سأحَدِّثُكَ عن أشراطها
…
(1)
"صحيح البخاريّ"، كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصادق، (13/ 232 - مع الفتح).
(2)
(الرويبضة): جاء تفسيره في متن الحديث، وأنّه السفيه، والرويبضة تصغير الرابضة، وهو العاجز الّذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، والتافه الخسيس الحقير.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 185).
(3)
"سنن الإمام أحمد"(15/ 37 - 38 - شرح وتعليق أحمد شاكر)، وقال:"إسناده حسن، ومتنه صحيح".
وقال ابن كثير: "لهذا إسناد جيد، ولم يخرجوه من هذا الوجه".
"النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 181) تحقيق د. طه زيني.
وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس النَّاس؛ فذاك من أشراطها"
(1)
.
وعن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِن أشراط السّاعة: أن يغلب على الدنيا لُكع ابن لكع، فخيرُ النَّاس يومئذ مؤمن بين كريمين"
(2)
.
وفي "الصّحيح": "إذا أُسْنِد الأمر إلى غير أهله؛ فانتظر السّاعة"
(3)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "من أشراط السّاعة:
…
أن يعلو التُّحوتُ الوعول"، أكذل لك يا عبد الله بن مسعود سمعتَه من حِبي؟ قال: نعم؛ ورب الكعبة. قلنا: وما التُّحوت؟ قال: فسول الرجال، وأهل البيوت الغامضة يُرْفَعون فوق صالحيهم. والوعول: أهل البيوت الصالحة
(4)
.
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الإِيمان، باب بيان الإِيمان والإِسلام والإِحسان، (1/ 163 - مع شرح النووي).
(2)
قال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات". "مجمع الزوائد"، (7/ 325).
(3)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الرقاق، باب رفع الأمانة، (11/ 332 - مع الفتح).
(4)
"مجمع الزوائد"(7/ 327). قال الهيثمي: "حديث أبي هريرة وحده في
الصّحيح بعضه، ورجاله رجال الصّحيح؛ غير محمّد بن الحارث بن سفيان، وهو ثقة". وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (13/ 15) من رواية الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة.
"لا تذهبُ الدُّنيا حتّى تفسير للكع
(1)
ابن لكع"
(2)
.
أي: حتّى يصير نعيمُها وملاذُها والوجاهة فيها له
(3)
.
وفي رواية للإِمام أحمد عن حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النّبيّ
صلى الله عليه وسلم قال: "لأ تقوم السّاعة حتّى يكون أسعدُ النَّاس بالدنيا لكع ابن لكع"
(4)
.
وفي "الصحيحين" عن حذيفة رضي الله عنه فيما رواه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قبض الأمانة: "حتّى يُقال للرجل: ما أجلده! ما أظرفه! ما أعقله! وما
(1)
(لكع): اللكع عند العرب: العبد، ثمّ استعمل في الحمق والذم، وهو اللئيم، وقد يطلق على الصغير، فإن أطلق على الكبيرة أُريد به صغير العلم والعقل.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(4/ 268).
(2)
"مسند الإمام أحمد"(16/ 284 - شرح وتعليق أحمد شاكر)، وقال:"أخرجه السيوطيّ في "الجامع الصغير"، ورمز له بأنّه حديث حسن". "الجامع الصغير"(2/ 200 - بهامشه كنوز الحقائق للمناوي).
وقال الهيثمي: "رجال أحمد رجال الصّحيح؛ غير كامل بن العلّاء، وهو ثقة". "مجمع الزوائد"(7/ 220).
وقال ابن كثير: "إسناده جيد قوي". "النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 181)، تحقيق د. طه زيني.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير"(6/ 142)(ح 7149).
(3)
انظر: "فيض القدير شرح الجامع الصغير"(5/ 394) لعبد الرؤوف المناوي.
(4)
"مسند الإمام أحمد"(5/ 389 - بهامشه منتخب كنز العمال)، ورمز له السيوطيّ في نا الجامع الصغير" بالصحة (2/ 202 - بهامشه كنوز الحقائق للمناوي).
وقال الألباني: "صحيح". انظر: "صحيح الجامع الصغير"(6/ 177)(ح 7308).