المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الأدلة على قبول خبر الواحد: - أشراط الساعة - الوابل

[يوسف الوابل]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ أهمِّيَّةُ هذا البحث

- ‌ خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأوّل: أهميَّة الإِيمان باليوم الآخر وأثره على سلوك الإِنسان

- ‌أ - النشأة الأولى:

- ‌ب - المشاهد الكونية المحسوسة الدالة على إمكان البعث:

- ‌ج - قدرة الله الباهرة المتجلِّية في خلق الأعظم:

- ‌د - حكمته تعالى الظاهرة للعيان والمتجلية في هذه الكائنات لكل مَنْ أنعم النظر وجرَّد الفكر من التعصُّب والهوى:

- ‌المبحث الثّاني: أسماء يوم القيامة

- ‌المبحث الثّالث: حجِّيَّة خبر الآحاد في العقائد

- ‌ الأدلَّة على قبول خبر الواحد:

- ‌المبحث الرّابع: إخبار النّبيّ عن الغُيوب المستقبلة

- ‌المبحث الخامس: علم السّاعة

- ‌المبحث السّادس: قُرْب قِيام السَّاعة

- ‌الباب الأوّل: أَشْراط السَّاعَة

- ‌الفصل الأوّل: تعريف أشراط السّاعة

- ‌معنى الشرط:

- ‌معنى السّاعة في اللُّغة:

- ‌معنى السّاعة في الاصلاح الشرعي:

- ‌الفصل الثّاني: أقسام أشراط السّاعة

- ‌1 - أشراط صغرى:

- ‌2 - أشراط كبرى:

- ‌الفصل الثّالث: أشراط السّاعة الصغرى

- ‌1 - بعثة النّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - موت النّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - فتح بيت المقدس:

- ‌4 - طاعون عمواس

- ‌5 - استفاضة المال والاستغناء عن الصَّدقة:

- ‌6 - ظُهور الفتن:

- ‌أ - ظهور الفتن من المشرق:

- ‌ب - مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه:

- ‌ج - موقعة الجمل:

- ‌د- موقعة صفِّين:

- ‌هـ - ظهور الخوارج:

- ‌و - موقعة الحرَّة

- ‌ز- فتنة القول بخلق القرآن:

- ‌ح - اتِّباع سنن الأمم الماضية:

- ‌7 - ظهور مدَّعي النبوَّة:

- ‌8 - انتشار الأمن:

- ‌9 - ظُهورُ نارِ الحجازِ:

- ‌10 - قِتالُ التُّركِ

- ‌1).11 -قِتال العَجَم

- ‌12 - ضِياعُ الأمانَة

- ‌13 - قبض العلم وظهور الجهل:

- ‌14 - كثرة الشُّرَط وأعوانُ الظَّلَمة:

- ‌15 - انتشار الزِّنا:

- ‌16 - انتشار الرِّبَا:

- ‌17 - ظُهو ر المعازف(1)واستحلالها:

- ‌18 - كثرة شرب الخّمْرِ واستحلالها:

- ‌19 - زخرفة المساجد والتَّباهي بها:

- ‌2).20 -التَّطاول في البُنيان:

- ‌21 - ولادة الأمةِ لربَّتِها

- ‌2).22 -كَثرةُ القَتْل:

- ‌2).23 -تقارُب الزَّمان:

- ‌24 - تقارُب الأسواق:

- ‌25 - ظهور الشرك في هذه الأمة:

- ‌26 - ظهور الفحش(1)وقطيعة الرّحم وسوء الجوار:

- ‌2)27 -تشبُّب المشيخة:

- ‌28 - كثرة الشُّحِّ

- ‌2).29 -كثرة التجارة:

- ‌30 - كثرةُ الزَّلازل:

- ‌31 - ظهور الخسف والمسخ والقذف:

- ‌32 - ذهاب الصالحين:

- ‌33 - ارتفاع الأسافل:

- ‌34 - أن تكون التحيَّة للمعرفة:

- ‌35 - التماسُ العلم عند الأصاغر:

- ‌36 - ظُهور الكاسيات العاريات:

- ‌37 - صدق رؤيا المؤمّن:

- ‌38 - كثرة الكتابة وانتشارها:

- ‌39 - التهاون بالسنن الّتي رغَّب فيها الإسلام:

- ‌40 - انتفاخُ الأهلَّة:

- ‌41 - كثرة الكذب وعلإم التثبُّت في نقل الأخبار:

- ‌42 - كثرة شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق:

- ‌43 - كثرةُ النِّساء وقلَّة الرجال:

- ‌44 - كثرة موت الفجأة:

- ‌45 - وقوع التناكر بين النَّاس:

- ‌46 - عود أرض العرب مروجًا وأنّهارًا:

- ‌47 - كثرة المطر وقلَّة النبات:

- ‌48 - حسر الفرات(2)عن جبلٍ من ذهبٍ:

- ‌49 - كلام السِّباع والجمادات للإِنس:

- ‌50 - تمنِّي الموتِ من شدَّة البلاء:

- ‌51 - كثرة الروم(3)وقتالهم للمسلمين:

- ‌52 - فتح القسطنطينية

- ‌53 - خروج القحطاني:

- ‌54 - قتال اليهود:

- ‌55 - نفي المدينة لشرارها ثمّ خرابها آخر الزّمان:

- ‌56 - بعث الريح الطِّيبة لقبض أرواح المؤمنين:

- ‌57 - استحلال البيت الحرام، وهدم الكعبة:

- ‌الباب الثّاني: أَشراطُ السَّاعَةِ الكُبْرى

- ‌تمهيد

- ‌أوَّلًا: ترتيب أشراط السّاعة الكبرى:

- ‌ ثانيًا: تتابع ظهور الأشراط الكبرى:

- ‌الفصل الأوّل: المَهْدِي

- ‌ اسمه وصفته:

- ‌ مكانُ خروجِه:

- ‌ الأدلَّة من السنَّة على ظهوره:

- ‌ بعض ما في الصحيحين من الأحاديث فيما يتعلّق بالمهدي:

- ‌ تواتُر أحاديث المهدي:

- ‌ العلماء الذين صنَفوا كتبًا في المهدي:

- ‌ المنكِرون لأحاديث المهدي والرد عليهم:

- ‌ حديث "لا مهدي إِلَّا عيسى بن مريم" والجواب عنه:

- ‌الفصل الثّاني المسيح الدَّجّال

- ‌ معنى المسيح:

- ‌ معنى الدَّجَّال:

- ‌ صفة الدَّجّال والأحاديث الواردة في ذلك:

- ‌ هل الدَّجّال حيٌّ؟ وهل كان موجودًا في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌أحواله:

- ‌امتحان النّبيّ صلى الله عليه وسلم له:

- ‌وفاته:

- ‌هل ابن صيَّاد هو الدَّجَّال الأكبر

- ‌أقوال العلماء في ابن صيَّاد:

- ‌ابن صيَّاد حقيقة لا خرافة:

- ‌ مكان خروج الدَّجّال:

- ‌ الدَّجَّال لا يدخل مكّة والمدينة:

- ‌ أتباع الدَّجَّال:

- ‌ فتنة الدَّجَّال:

- ‌ الرَّدِّ على منكري ظهور الدَّجَّال:

- ‌ خوارق الدَّجّال أمورٌ حقيقة:

- ‌والرد على هؤلاء يتلخَّص في الآتي:

- ‌ الوقاية من فتنة الدَّجَّال:

- ‌ ذكر الدَّجَّال في القرآن:

- ‌ هلاك الدَّجَّال:

- ‌الفصل الثّالث: نزول عيسى عليه السلام

- ‌ صفة عيسى عليه السلام

- ‌ صفة نزوله عليه السلام

- ‌ أدلة نزوله عليه السلام

- ‌أ - أدلة نزوله من القرآن الكريم:

- ‌ب - أدلة نزوله من السنَّة المطهَّرة:

- ‌ الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام متواترة:

- ‌ الحكمة في نزول عيسى عليه السلام دون غيره:

- ‌ بماذا يحكم عيسى عليه السلام

- ‌ انتشار الأمن وظهور البركات في عهده عليه السلام

- ‌ مدة بقائه بعد نزوله ثمّ وفاته:

- ‌الفصل الرّابع: يأجوج ومأجوج

- ‌ أصلهم:

- ‌ صفتُهُم:

- ‌ أدلَّة خروج يأجوج ومأجوج:

- ‌أ - الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌ب - الأدلَّة من السنَّة المطهَّرة:

- ‌ سدُّ يأجوج ومأجوج:

- ‌الفصل الخامس: الخُسوفات الثّلاثة

- ‌ معنى الخسف:

- ‌ الأدلَّة من السنَّة المطهَّرَة على ظهور الخسوفات:

- ‌ هل وقعت هذه الخسوفات

- ‌الفصل السّادس: الدُّخان

- ‌أ- الأدلَّة من القرآن الكريم:

- ‌ب - الأدلَّة من السنة المطهَّرة:

- ‌الفصل السابع: طُلوعُ الشَّمسِ من مغرِبِها

- ‌ الأدلَّة على وقوع ذلك:

- ‌أ- الأدلَّة من القرآن الكريم:

- ‌ب - الأدلَّة من السنة المطهَّرة:

- ‌ مناقشة رشيد رضا في رده لحديث أبي ذر في سجود الشّمس:

- ‌ عدم قبول الإِيمان والتوبة بعد طلوع الشّمس من مغربها:

- ‌الفصل الثّامن: الدَّابَّة

- ‌ أدلَّة ظهورها:

- ‌أ- الأدلة من القرآن الكريم:

- ‌ب - الأدلَّة من السنة المطهَّرة:

- ‌ من أيِّ الدَّوابِّ دابة الأرض:

- ‌ مكان خروج الدَّابَّة:

- ‌ عمل الدَّابَّة:

- ‌الفصل التّاسع: النّار الّتي تحشر النَّاس

- ‌ مكان خروجها:

- ‌ كيفية حشرها للناس:

- ‌ أرض المحشر:

- ‌ هذا الحشر في الدُّنيا

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ الأدلة على قبول خبر الواحد:

لا مجال لتوهُّم خطإ الراوي، ومع ما جرت به العادة من أن الثقة الضابط لا يغفل ولا يكذب لا مجال لردِّ خبره لمجرَّد احتمال عقليٍّ تنفيه العادة.

*‌

‌ الأدلَّة على قبول خبر الواحد:

وإذ تبيَّنَ زيف ما بُنِيَ عليه عدم الأخذ بخبر الواحد في العقائد؛ فالأدلَّة الّتي توجِب الأخذ به كثيرةٌ، جاءت في الكتاب والسُّنَّة، ومنها:

أمّا الأدلَّة من الكتاب، فهي كثيرة، أذكر منها:

1 -

قولُه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [التوبة: 122].

فهذه الآية تحثُّ المؤمنين على التفقه في الدين، والطائفة تُطلق على الواحد فما فوق.

قال الإمام البخاريّ: "ويسمَّى الرَّجل طائفة؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (9)} [الحجرات: 9]، فلو اقتتل رجلان؛ دخلا في معنى الآية"

(1)

.

فإذا كان الرَّجل يُؤخذ بما يخبر به من أمور دينية؛ كان هذا دليلًا على أن خبره حجةٌ، والتفقه في الدين يشمل العقائد والأحكام، بل إن التفَقُّه في العقيدة أهم من التفقُّه في الأحكام

(2)

.

(1)

"صحيح البخاريّ"، كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، (13/ 231 - مع الفتح).

(2)

انظر: "العقيدة في الله"(ص 51).

ص: 47

2 -

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا (6)} [الحجرات: 6]، وفي قراءة:(فتثبَّتُوا)؛ من التثبُّت

(1)

.

ولهذا يدلُّ على الجزم والقطع بقبول خبر الواحد الثقة، وأنّه لا يحتاج إلى التثبُّت، لعدم دخوله في الفاسق، ولو كان خبره لا يفيد العلم؛ لأمر بالتثبُّت مطلقًا حتّى يحصل العلم

(2)

.

3 -

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (59)} [النِّساء: 59].

قال ابن القيم: "وأجمع المسلمون أن الردَّ إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته، والرجوع إلى سنته بعد مماته، واتَّفقوا على أن فرضَ هذا الردِّ لم يسقط بموته، فإن كان متواتر أخباره وآحادها لا تفيد علمًا ولا يقينًا؛ لم يكن للردِّ إليه وجهٌ"

(3)

.

وأمّا الأدلَّة من السنة؛ فهي كثيرة جدًّا، أقتصر على بعضٍ منها:

1 -

كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يبعث رسله إلى الملوك واحدًا بعد واحدٍ، وكذلك أمراءه على البلدان، فيرجع النَّاس إليهم في جميع الأحكام العمليَّة والاعتقاديَّة، فبعث أبا عُبيدة عامر بن الجرَّاح رضي الله عنه إلى أهل

(1)

انظر: "تفسير الشوكاني"(5/ 60).

(2)

"وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة"(ص 7) لمحدث الشّام محمّد ناصر الدين الألبانى.

(3)

"مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطَّلة"(2/ 352)، للإِمام ابن القيم.

ص: 48

نجران

(1)

، وبعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى أهل اليمن

(2)

، وبعث دِحْيَة الكلبي رضي الله عنه بكتاب إلى عظيم بُصرى

(3)

وغيرهم من الصّحابة رضي الله عنهم.

2 -

وروى البخاريُّ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: "بيَّنَّا النَّاس بقُباء في صلاة الصُّبح، إذ جاءهم آتٍ، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنْزِلَ عليه اللَّيلة قرآن، وقد أُمِرَ أن يستقبل الكعبة؛ فاستَقْبلوها، وكانت وجوههم إلى الشّام، فاستداروا إلى الكعبة"

(4)

.

ولا يُقال: إن هذا في حكم عمليٍّ؛ لأنّ العمل بهذا الحكم مبنيٌّ على اعتقاد صحة الخبر.

3 -

وعن عمر رضي الله عنه؛ قال: "وكان رجلٌ من الأنصار إذا غاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهِدْتُهُ؛ أتيتُه بما يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا غِبْتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد؛ أتاني بما يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم "

(5)

.

(1)

انظر: "صحيح البخاريّ"، كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، (13/ 232 - مع الفتح).

(2)

انظر: "صحيح البخاريّ"، كتاب الزَّكاة، باب وجوب الزَّكاة، (3/ 261 - مع

الفتح).

(3)

انظر: "صحيح البخاريّ"، كتاب أخبار الآحاد، باب ما كان يبعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأمراء والرسل واحدًا بعد واحد، (13/ 241 - مع الفتح)، رواه البخاريّ معلَّقًا.

(4)

"صحيح البخاريّ"، كتاب أخبار اللآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، (13/ 232 - مع الفتح).

(5)

"صحيح البخاريّ"، كتاب أخبار اللآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، (13/ 232 - مع الفتح).

ص: 49

فهذا واقع الصّحابة رضي الله عنهم يرينا أن الواحد منهم كان يكتفي بخبر الواحد في أُمور دينه؛ سواء ما كان منها اعتقاديًّا، أو عمليًّا.

4 -

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نضَّرَ اللهُ امرءًا سَمِعَ منَّا حديثًا، فحفظهُ حتَّى يُبَلِّغَهُ، فربَّ مُبَلَّغ أوعى من سامع"

(1)

.

وهذا أيضًا لا يقتصر على أحاديث الأعمال دون غيرها، بل هو عامٌّ متناولٌ لأحاديث الأعمال والأحكام الاعتقادية، فلو لم يكن الإِيمان بما يثبت عنه صلى الله عليه وسلم من عقائد بأخبار الآحاد واجبًا؛ لما كان لهذا الأمر من النّبيّ صلى الله عليه وسلم بتبليغ حديثه مطلقًا معنى، بل لبيَّنَ الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك مقصورٌ على أحاديث الأعمال دون غيرها.

هذا؛ والقول بأن أحاديث اللآحاد لا تثبت بها عقيدة قولٌ مبتَدَعٌ محدَثٌ لا أصلَ له في الدين، ولم يقلْ به واحدٌ من السَّلف الصالح رضوان الله تعالى عليهِم، ولم يُنْقَلْ عن أحدٍ منهم، بل ولا خطَرَ لهُم على بالٍ، ولو وُجِدَ دليلٌ قطعيٌّ يدلُّ على أن أحاديث اللآحاد لا تثبُتُ بها عقيدةٌ؛ لعلّمه الصّحابة، وصرَّحوا به، وكذلك مَنْ بعدَهم من السَّلَف الصالح.

ثمّ إن هذا القول المبتَدَعَ يتضمَّن عقيدةً تستلزمُ ردَّ مئات الأحاديث

(1)

"مسند أحمد"(6/ 96)(ح 4157)، تحقيق وشرح أحمد شاكر.

وقد رواه الإمام أحمد بإسنادين صحيحين.

وانظر: كتاب "دراسة حديث (نضَر الله امرءًا سمع مقالتي) رواية ودراية"(ص 33 - وما بعدها) للشيخ عبدالمحسن بن محمّد العباد، طبع مطابع الرشيد بالمدينة المنوَّرة، الطبعة الأولى، (1401 هـ).

ص: 50

الصَّحيحة الثابتة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم

(1)

.

فالذين لا يأخذون بخبر الواحد في العقيدة يلزمهم أن يردُّوا كثيرًا من العقائد الّتي ثبتت بأحاديث اللآحاد، ومنها:

1 -

أفضلية نبيِّنا محمَّدٍ على جميع الأنبياء والمرسلين.

2 -

شفاعتُه العظمى في المحشر.

3 -

شفاعته صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من أمَّته.

4 -

معجزاته كلها ما عدا القرآن.

5 -

كيفيَّة بدء الخلق، وصفة الملائكة والجن، وصفة الجنَّة والنار؛ ممّا لم يذكر في القرآن الكريم.

6 -

سؤال منكَر ونكير في القبر.

7 -

ضغطة القبر للميِّت.

8 -

الصراط، والحوض، والميزان ذو الكفتين.

9 -

الإِيمان بأن الله تعالى كتب على كلّ إنسان سعادته أو شقاوته، ورزقه وأجله وهو في بطن أمه.

10 -

خصوصياته صلى الله عليه وسلم الّتي جمعها السيوطيّ في كتاب "الخصائص الكبرى"، مثل دخوله في حياته الجنَّة، ورؤيته لأهلها، وما أُعِدَّ للمتَّقين فيها، وإسلام قرينه من الجن.

(1)

انظر: رسالة "وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة"(ص 5 - 6)، وكتاب "العقيدة في الله"(ص 53) لعمر الأشقر.

ص: 51

11 -

القطع بأن العشرة المبشَّرين بالجنة من أهل الجنَّة.

12 -

عدم تخليد أهل الكبائر في النّار.

13 -

الإِيمان بكل ما صحَّ في الحديث في صفة القيامة والحشر والنشر ممَّا لم يردّ في القرآن الكريم.

14 -

الإِيمان بمجموع أشراط السّاعة؛ كخروج المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج الدجَّال، وخروج النّار، وطلوع الشّمس من مغربها، والدَّابة، وغير ذلك.

ثمّ إنّه ليست أدلَّة جميع هذه العقائد الّتي قالوا هي ثابتة بخبر الآحاد، ليست أدلَّتها أحاديث آحاد، بل منها ما دليله أحاديث متواترة، ولكن قلة علم هؤلاء المنكرين لحجَّيَّة خبر الآحاد؛ جعلهم يردُّون كلّ هذه العقائد، وغيرها من العقائد، الّتي جاءت بها الأحاديث الصحيحة

(1)

.

* * * * *

(1)

انظر: رسالة "وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة"(ص 36 - 39)، وكتاب "العقيدة في الله"(ص 54 - 55) لعمر الأشقر.

ص: 52