الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنّه لا منافاة بين الحُمرة والأدْمَة؛ لجواز أن تكون أُدمته صافية
(1)
.
وأمّا ما جاء من إنكار ابن عمر لرواية أن عيسى أحمر؛ فهو مخالفٌ لما حفظه غيره، فقد روى أبو هريرة وابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه عليه السلام أحمر اللون.
وأمّا كونه في رواية سبط الشعر، وفي أخرى أنّه جعدٌ، والجعد ضد السبط، فيمكن أن يجمع بينهما بأنّه سبط الشعر، وأمّا وصفه بأنّه جعدٌ؛ فالمراد بذلك جعودةٌ في جسمه لا شعره، وهو اجتماع اللّحم واكتنازه
(2)
.
*
صفة نزوله عليه السلام
-:
بعد خروج الدَّجَّال، وإفساده في الأرض، يبعث الله عيسى عليه السلام، فينزل إلى الأرض، ويكون نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق الشّام، وعليه مهرودتان
(3)
، واضعًا كفَّيْهِ على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جمانٌ كاللؤلؤ، ولا يَحِلُّ لكافرٍ يجِدُ ريح نَفَسه إِلَّا مات، ونَفَسَهُ ينتهي حيث ينتهي طرفه.
ويكون نزوله على الطائفة المنصورة، الّتي تقاتل على الحق، وتكون مجتمعة لقتال الدَّجَّال، فينزل وقت إقامة الصّلاة، يصلّي خلف أمير
(1)
"الإشاعة"(ص 143).
(2)
انظر: "فتح الباري"(6/ 486).
(3)
(مهرودتان): روي بالدال المهملة والذال المعجمة، والمهملة أكثر، والمعنى: لابس مهرودتين؛ أي ثوبين مصبوغين بورس ثمَّ زعفران.
انظر: "شرح النوويّ لمسلم"(18/ 67)، و"لسان العرب"(3/ 435)، و"النهاية في غريب الحديث"(5/ 258).
تلك الطائفة.
قال ابن كثير: "هذا هو الأشهر في موضع نزوله أنّه على المنارة البيضاء الشرقية بدمشق، وقد رأيت في بعض الكتب أنّه ينزل على المنارة البيضاء شرقي جامع دمشق، فلعلّ هذا هو المحفوظ
…
وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى الّتي إلى جانب الجامع الأموي بدمشق من شرقيه، وهذا هو الإنسب والأبيق؛ لأنّه ينزل وقد أُقيمت الصّلاة، فيقول له إمام المسلمين: يا روح الله! تقدَّم. فيقول: تقدَّم أنت؛ فإنّه أُقيمت لك. وفي رواية: بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله هذه الأمة
(1)
"
(2)
.
وذكر ابن كثير أنّه في زمنه سنة إحدى وأربعين وسبع مئة جدَّد المسلمون منارة من حجارة بيض، وكان بناؤها من أموال النصارى الّذي حرقوا المنارة الّتي كانت مكأنّها، ولعلَّ هذا يكون من دلائل النبوَّة الظاهرة، حيث قيَّض الله بناء هذه المنارة من أموال النصارى، لينزل عيسى بن مريم عليها، فيقتل الخنزير، ويكسر الصلّيب، ولا يقبل منهم جزية، ولكن من أسلم وإلا قُتِل، وكذلك غيرهم من الكفار
(3)
.
ففي حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر خروج الدَّجَّال ثمَّ نزول عيسى عليه السلام قال صلى الله عليه وسلم: "إذا بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعًا كفيه على أجنحة
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب الإِيمان، باب بيان نزول عيسى بن مريم حاكمًا بشريعة نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، (2/ 193 - 194 - مع شرح النووي).
(2)
"النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 144 - 145)، تحقيق د. طه زيني.
(3)
انظر "النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 145).