الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه؛ قال: سمعتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أُمَّتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة؛ قال: فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرُهم: صلِّ لنا. فيقول: لا؛ إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله لهذه الأمة"
(1)
.
4 -
وتقدَّم حديث حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط السّاعة الكبرى، وفيه:"ونزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم "
(2)
5 -
وروى الإِمام أحمد عن أبي هريرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الأنبياء إخوة لعَلَاّت، أمهاتهم شتَى ودينهم واحد، وإني أولى النَّاس بعيسى بن مريم؛ لأنّه لم يكن بيني وبينه نبيٌ؛ لأنّه نازلٌ، فإذا رأيتُموه؛ فاعرفوه"
(3)
.
*
الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام متواترة:
ذكرتُ فيما سبق بعض الأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه
= السّلام، (6/ 491 - مع الفتح)، و"صحيح مسلم"، باب نزول عيسى بن مريم حاكمًا، (2/ 193 - مع شرح النووي).
(1)
"صحيح مسلم"، باب نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم حاكمًا، (2/ 193 - 194 - مع شرح النووي).
(2)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 27 - 28 - مع شرح النووي).
(3)
"مسند أحمد"(2/ 406 - بهامشه منتخب الكنز).
والحديث صحيح. انظر: هامش "عمدة التفسير"(4/ 36)، تحقيق الشّيخ أحمد شاكر. وصدر هذا الحديث رواه: البخاريّ (6/ 478 - مع الفتح)، ورواه الحاكم في "المستدرك"(2/ 595)، وقال:"هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
السّلام، ولم أذكر جميع الأحاديث الوارده في نزوله؛ خشية أن يطول البحث، وقد جاءت هذه الأحاديث في الصحاح والسنن والمسانيد وغيره من دواوين السنة، وهي تدلُّ دلالة صريحة على ثبوت نزول عيسى عليه السلام في آخر الزّمان، ولا حجَّة لمَن ردَّها، أو قال: إنها أحاديث آحاد لا تقوم بها الحجة، أو: إن نزوله ليس عقيدة من عقائد المسلمين الّتي يجب عليهم أن يؤمنوا بها
(1)
؛ لأنّه إذا ثبت الحديث، وجب الإِيمان به، وتصديق ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لنا ردًّ قوله؛ لكونه حديث آحاد؛ لأنَّ هذه حجة واهية، سبق أن عقدتُ فصلًا في أول هذا البحث بيَّنْتُ فيه أن حديث الآحاد إذا صحَّ؛ وجب تصديق ما فيه، وإذا قلنا: إن حديث الآحاد ليس بحجة؛ فإننا نردُّ كثيرًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ما قاله عليه الصلاة والسلام عبثًا لا معنى له، كيف والعلّماء قد نصُّوا على تواتر الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام؟!
وسأذكر هنا طائفة من أقوالهم:
(1)
انظر كتاب "الفتاوى"(ص 59 - 82) للشيخ محمود شلتوت، طبع دار الشروق، ط. 8، عام 1395 هـ، بيروت؛ فإنّه رحمه الله أنكر فيه على مَنْ قال برفع عيسى عليه السلام ببدنه، وأيضًا أنكر نزوله في آخر الزّمان، ورد الأحاديث الواردة في ذلك، وقال: إنّه لا حجة فيها؛ لأنّها أحاديث آحاد!!
ومسألة رفع عيسى وهل هو ببدنه أو بروحه مسألة خلافية بين العلماء، ولكن الحق أنّه رفع ببدنه وروحه؛ كما ذهب إلى ذلك جمهور المفسرين؛ كالطّبريّ، والقرطبي، وابن تيمية، وابن كثير، وغيرهم من العلماء.
انظر: "تفسير الطّبريّ"(3/ 291)، و"تفسير القرطبي"(4/ 100)، و "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (4/ 322 - 323)، و"تفسير ابن كثير"(2/ 405).
قال ابن جرير الطّبريّ -بعد ذكره الخلاف في معنى وفاة عيسى -: "وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قولُ مَنْ قال: "معنى ذلك: إنِّي قابضك من الأرض، ورافعك إلى"؛ لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: ينزل عيسى بن مريم فيقتل الدَّجَّال"
(1)
.
ثمَّ ساق بعض الأحاديث الواردة في نزوله.
وقال ابن كثير: "تواترات الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إمامًا عادلًا وحكمًا مقسطًا"
(2)
.
ثمَّ ذكر أكثر من ثمانية عشر حديثًا في نزوله.
وقال صديق حسن: "والأحاديث في نزوله عليه السلام كثيرة، ذكر الشوكاني منها تسعة وعشرين حديثًا؛ ما بين صحيح، وحسن، وضعيف منجبر، منها ما هو مذكورٌ في أحاديث الدَّجَّال
…
ومنها ما هو مذكورٌ في أحاديث المنتظر، وتنضمّ إلى ذلك أيضًا الآثار الواردة عن الصّحابة، فلها حكم الرفع، إذ لا مجال لاجتهاد في ذلك".
ثمَّ ساقها وقال: "جميع ما سقناه بالغ حدَّ التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطِّلاع"
(3)
.
وقال الغُماري
(4)
: "وقد ثبت القول بنزول عيسى عليه السلام عن غير
(1)
"تفسيير الطّبريّ"(3/ 291).
(2)
"تفسير ابن كثير"(7/ 223).
(3)
"الإذاعة"(ص 160).
(4)
هو أبو الفضل عبد الله محمَّد الصديق الغماري، من علماء هذا العصر.
واحد من الصّحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلّماء من سائر المذاهب على ممر الزّمان إلى وقتنا هذا"
(1)
.
وقال: "تواتر هذا تواترًا لا شكَّ فيه، بحيث لا يصحُّ أن ينكره إِلَّا الجهلة الأغبياء؛ كالقاديانية ومَن نحا نحوهم؛ لأنّه نُقِل بطريق جمع عن جمع، حتّى استقرَّ في كتب السنة الّتي وصلت إلينا تواترًا بتلقِّي جيل عن جيل"
(2)
.
وقد ذكر من رواه من الصّحابة، فعد أكثر من خمسة وعشرين صحابيًّا، رواه عنهم أكثر من ثلاثين تابعيًّا، ثمّ رواه تابعو التَّابعين بأكثر من هذا العدد
…
وهكذا حتّى أخرجه الأئمة في كتب السنة، ومنها المسانيد؛ كـ "مسند" الطيالسي، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وعثمان بن أبي شيبة، وأبي يعلى، والبزار، والديلمي، ومن أصحاب الصحاح: البخاريّ، ومسلم، وابن خزيمة، وابن حبّان، والحاكم، وأبو عوانة، والإِسماعيلي، والضياء المقدسي، وغيرهم، ورواه أصحاب الجوامع، والمصنَّفات، والسنن، والتفسير بالمأثور، والمعاجم، والأجزاء، والغرائب، والمعجزات، والطبقات، والملاحم.
وممَّن جمع الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام الشّيخ محمّد أنور شاه الكشميري
(3)
في كتابه "التصريح بما تواتر في نزول المسيح"،
(1)
"عقيدة أهل الإسلإم فىِ نزول عيسى عليه السلام"(ص 12).
(2)
"عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام"(ص 5).
(3)
هو الشّيخ المحدث محمّد أنور شاه الكشميري الهندي، له عدة مصنفات، منها:"فيض الباري على صحيح البخاريّ" في أربعة مجلدات، و"العرف الشذي على =
فذكر أكثر من سبعين حديثًا.
وقال صاحب "عون المعبود شرح سنن أبي داود": "تواترت الأخبار عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم من السَّماء بجسده العنصري إلى الأرض عند قرب السّاعة، ولهذا هو مذهب أهل السنة"
(1)
.
وقال الشّيخ أحمد شاكر: "نزول عيسى عليه السلام في آخر الزّمان ممّا لم يختلف فيه المسلمون؛ لورود الأخبار الصحاح عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك، وهذا معلومٌ من الدين بالضَّرورة، لا يؤمن من أنكره"
(2)
.
وقال في تعليقه على "مسند الإِمام أحمد": "وقد لعب المجدِّدون أو المجرِّدون في عصرنا الّذي نحيا فيه بهذه الأحاديث الدالَّة صراحة على نزول عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزّمان، قبل انقضاء الحياة الدُّنيا، بالتأويل المنطوي على الإِنكار تارة، وبالإِنكار الصريح أخرى! ذلك أنّهم -في حقيقة أمرهم- لا يؤمنون بالغيب، أو لا يكادون يؤمنون، وهي أحاديث متواترة المعنى في مجموعها، يُعْلم مضمون ما فيها من الدين بالضرورة، فلا يجديهم الإِنكار ولا التّأويل"
(3)
.
وقال الشّيخ محمّد ناصر الدين الألباني: "اعلم أن أحاديث الدَّجَّال
= جامع التّرمذيّ"، وغيرهما، توفي (1352 هـ) رحمه الله في مدينة ديونيد.
انظر ترجمته في مقدمة كتاب "التصريح" للشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
(1)
"عون المعبود"(11/ 457) لأبي الطيب محمّد شمس الحق العظيم آبادي.
(2)
من حاشية "تفسير الطّبريّ"(6/ 460)، تخريج الشّيخ أحمد شاكر، وتحقيق محمود شاكر، مطبعة دار المعارف، مصر.
(3)
"حاشية مسند الإِمام أحمد"(12/ 257).
ونزول عيسى عليه السلام متواترة، يجب الإِيمان بها، ولا تغترً بمن يدَّعي فيها أنّها أحاديث آحاد؛ فإنهم جُهَّال بهذا العلم، وليس فيهم مَنْ تتبَّعَ طرقها، ولو فعل؛ لوجدها متواترة؛ كما شهد بذلك أئمة هذا العلم؛ كالحافظ ابن حجر.
ومن المؤسف حقًا أن يتجرَّأ البعض على الكلام فيما ليس من اختصاصهم، لا سيما والأمر دينٌ وعقيدة"
(1)
.
ونزول عيسى عليه السلام ذكره طائفة من العلماء في عقيدة أهل السنة والجماعة، وأنّه ينزل لقتل الدَّجَّال قبَّحه الله.
قال الإِمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "أصول السنة عندنا: التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة".
ثمّ ذكر جملةً من عقيدة أهل السنة، ثمّ قال:"والإِيمان أن المسيح الدَّجَّال خارجٌ مكتوبٌ بين عينيه (كافر)، والأحاديث الّتي جاءت فيه، والإِيمان بأن ذلك كائن، وأن عيسى ينزل فيقتله بباب لد"
(2)
.
وقال أبو الحسن الأشعري
(3)
رحمه الله في سرده لعقيدة أهل
(1)
"حاشية شرح العقيدة الطحاوية"(ص 565) بتخريج الشّيخ محمّد ناصر الدين الألباني محدث الشّام.
(2)
"طبقات الحنابلة"(1/ 241 - 243) للقاضي الحسن بن محمّد بن أبي يعلى، طبع دار المعرفة للنشر، بيروت.
(3)
هو الإِمام العلّامة أبو الحسن علي بن إسماعيل من ذرية أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل، نشأ في حجر زوج أمه أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في عصره، وقد =
الحديث والسُّنَّة: "الإِقرار بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يردُّون من ذلك شيئًا
…
ويصدِّقون بخروج الدَّجَّال، وأن عيسى يقتله".
ثمَّ قال في آخر كلامه:
"وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب"
(1)
.
وقال الطحاوي
(2)
: "ونؤمن بأشراط السّاعة؛ من خروج الدَّجَّال،
= تتلمذ عليه، واعتنق مذهبه ما يقارب من أربعين سنة، ثمّ هداه الله إلى مذهب أهل السنة والجماعة، فأعلمت أنّه على مذهب أحمد بن حنبل، وله مصنفات كثيرة بلغت خمسة وخمسين مصنفًا، وقد ذكرت الدكتورة فوقية حسين محمود في مقدمة تحقيقها لكتاب الإِبانة نحو مئة مصنف، ومن أشهرها:"مقالات الإِسلامبين"، و"كتاب اللمع"، و"الوجيز"، وغيرها، وكان آخر ما ألف كتاب "الإِبانة عن أصول الديانة"، توفي رحمه الله سنة (324 هـ).
انظر ترجمته في: كتاب "تبيين كذب المفتري" لابن عساكر (ص 34 - وما بعدها)، و"البداية والنهاية"(11/ 186)، و"شذرات الذهب"(2/ 303 - 305)، ومقدمة كتاب "الإِبانة"(ص 7 - 16) لأبي الحسن الندوي تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، ط. الأولى، نشر دار البيان، دمشق، (1401 هـ)، ومقدمة "الإِبانة" تحقيق د. فوقية حسين محمود، ط. الأولى، 1397 هـ، دار الأنصار، القاهرة.
(1)
"مقالات الإِسلامبين واختلاف المصلّين"(1/ 345 - 348)، تحقيق الشّيخ محمّد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الثّانية، (1389 هـ)، طغ مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.
(2)
هو الحافظ الفقيه المحدث أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الطحاوي الأزدي المصري، شيخ الحنفية في عصره في مصر، ونسبته إلى (طحا)؛ قرية بصعيد مصر، له مصنفات كثيرة، منه:"العقيدة الطحاوية"، وكتاب "معاني الآثار"، وكتاب "مشكل =