الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بخطرٍ عظيمٍ، وفساد كبير، والأمر لله من قبلُ ومن بعد.
19 - زخرفة المساجد والتَّباهي بها:
ومنها زخرفة المساجد، ونقشها، والتفاخر بها، فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم السّاعة حتّى يَتباهى النَّاس في المساجد"
(1)
.
وفي رواية للنسائي وابن خُزيمة عنه رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أشراط السّاعة أن يتباهى النَّاس في المساجد"
(2)
.
قال البخاريّ: "قال أنسٌ: يتباهَوْن بها، ثمّ لا يعمرونها إِلَّا قليلًا، فالتباهي بها: العناية بزخرفتها. قال ابن عبّاس: لَتُزَخْرِفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى"
(3)
.
وقد نهى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه عن زخرفة المساجد؛ لأنّ ذلك يَشْغَلُ النَّاس عن صلاتِهم، وقال عندما أمر بتجديد المسجد النبوي:"أكِنَّ النَّاسَ مِن المطر، وإيَّاك أن تُحَمِّرَ أو تُصَفَّرَ. فتفْتِنَ النَّاس"
(4)
.
(1)
"مسند أحمد"(3/ 134 - بهامشه منتخب كنز العمال).
قال الألباني: "صحيح". انظر: "صحيح الجامع"(6/ 174)(ح 7298).
(2)
"سنن النسائي"(2/ 32 - بشرح السيوطيّ).
قال الألباني: "صحيح". انظر: "صحيح الجامع"(5/ 213)(ح 5771).
و"صحيح ابن خزيمة"(2/ 282)(ح 1322 - 1323)، تحقيق د. محمّد مصطفى الأعظمي، وقال:"إسناده صحيح".
(3)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الصّلاة، باب بنيان المسجد، (1/ 539 - مع الفتح).
(4)
انظر: "صحيح البخاريّ"(1/ 539 - مع الفتح).
ورحم الله عمر؛ فإن النَّاس لم يأخذوا بوصيَّته، ولم يقتصروا على التحمير والتصفير، بل تعدَّوا ذلك إلى نقش المساجد كما يُنْقَشُ الثّوب، وتباهى الملوك والخلفاء في بناء المساجد، وتزويقها، حتّى أتوا في ذلك بالعجب، ولا زالت هذه المساجد قائمةٌ حتّى الآن؛ كما في الشّام ومصر وبلاد المغرب والأندلس وغيرها، وحتى الآن لا يزال المسلمون يتباهَوْن في زخرفة المساجد.
ولا شكَّ أن زخرفة المساجد علامة على التَّرف والتبذير، وعمارتها إنّما تكون بالطاعة والذكر فيها، ويكفي النَّاس ما يُكِنُّهُم مِن الحرِّ والقرِّ والمطر.
وقد جاء الوعيد بالدَّمار إذا زُخْرِفَتِ المساجد، وحُلِّيتِ المصاحف، فقد روى الحكيم التّرمذيّ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:"إذا زَوَّقْتُم مساجدكم، وحلَّيتُم مصاحفَكُم؛ فالدَّمار عليكم"
(1)
.
(1)
"صحيح الجامع الصغير"(1/ 220)(ح 599)، وقال الألباني:"إسناده حسن".
وذكر في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(م 3/ 337)(ح 1351) أنّه رواه الحكيم التّرمذيّ في كتاب "الأكياس والمغترين"(ص 78 - مخطوطة الظاهرية) عن أبي الدرداء مرفوعًا.
والحديث رواه ابن المبارك بتقديم وتأخير في كتاب "الزهد"(ص 275)(ح 797) بتحقيق حبيب الرّحمن الأعظمي.
وذكر الألباني إسناد ابن المبارك في "السلسلة"، وقال:"هذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولكن لا أدري إذا كان بكر بن سوادة (رواية عن أبي الدرداء) سمع من أبي الدرداء أم لا؟ ".=