الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرّابع: يأجوج ومأجوج
*
أصلهم:
قبل الحديث عن خروج يأجوج ومأجوج أرى من المناسب أن نتعرَّف على أصلهم، وماذا يعني لفظ (يأجوج) و (مأجوج)؟
يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان، وقيل: عربيان.
وعلى هذا يكون اشتقاقهما من أجَّت النّار أجيجًا: إذا التهبت. أو من الأُجاج: وهو الماء الشديد الملوحة، المحرق من ملوحته. وقيل عن الأجّ: وهو سرعة العدو. وقيل: مأجوج من ماج؛ إذا اضطرب. وهما على وزن يفعول في (يأجوج)، ومفعول في (مأجوج)، أو على وزن فاعول فيهما.
هذا إذا كان الاسمان عرببين، أمّا إذا كانا أعجميَّين؛ فليس لهما اشتقاق؛ لأنّ الأعجميَّة لا تُشْتَقُّ من العربيّة.
وقرأ الجمهور {يَأْجُوجَ} و {مَأْجُوجَ} ؛ بدون همز، فتكون الألفان زائدتين، وأصلهما (يجج)، و (مجج)، وأمّا قراءة عاصم؛ فهي الهمزة
الساكنة فيهما.
وكل ما ذُكِرَ في اشتقاقهما مناسب لحالهم، ويؤيد الاشتقاق من (ماج) بمعنى اضطرب قوله تعالى:{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99]، وذلك عند خروجهم من السد
(1)
.
وأصل يأجوج ومأجوج من البشر، من ذرية آدم وحواء عليهما السلام.
وقد قال بعض العلماء: إنهم من ذرِّية آدم لا من حواء
(2)
، وذلك أن آدم احتلم، فاختلط منيُّه بالتراب، فخلق الله من ذلك يأجوج ومأجوج.
وهذا ممّا لا دليل عليه، ولم يردّ عمَّن يجب قبول قوله
(3)
.
قال ابن حجر: "ولم نر لهذا عند أحدٍ من السلف؛ إِلَّا عن كعب الأحبار، ويردّه الحديث المرفوع: أنّهم من ذريَّة نوح، ونوحٌ من ذُرِّيَّة حواء قطعًا"
(4)
.
ويأجوج ومأجوج من ذريَّة يافث أبي الترك، ويافث من ولد نوح عليه السلام
(5)
.
(1)
انظر: "لسان العرب"(2/ 206 - 207)، و"ترتيب القاموس المحيط"(1/ 155 - 116)، و"فتح الباري"(13/ 106)، و"شرح النووي لمسلم"(18/ 3).
(2)
انظر: "فتاوى الإِمام النووي" المسمى "المسائل المنثورة "(ص 116 - 117 - ترتيب تلميذه علاء الدين العطار)، ذكره ابن حجر في "الفتح"(13/ 107)، ونسبه للنووي، فقال:"ووقع في فتاوى محيي الدين".
(3)
انظر: "النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 152 - 153)، تحقيق د. طه زيني.
(4)
"فتح الباري"(13/ 107).
(5)
انظر: "النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 153).
والذي يدلُّ على أنّهم من ذرِّيَّة آدم عليه السلام ما رواه البخاريّ عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول: لبَّيك وسعديك، والخير في يديك. فيقول: أخرج بعث النّار. قال: وما بعث النّار؟ قال: من كلّ ألف تسع مئه وتسعة وتسعين. فعنده يشيب الصغير، وتضع كلُّ ذات حمل حملها، وترى النَّاس سُكارى وما هُم بسكارى، ولكنَّ عذاب الله شديد". قالوا: وأيُّنا ذلك الواحد؟ قال: "أبشروا؛ فإن منكم رجلًا ومن يأجوج ومأجوج ألف"
(1)
.
وعن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وأنّهم لو أُرْسِلوا إلى النَّاس؛ لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحدٌ؛ إِلَّا ترك من ذرِّيَّتِه ألفًا فصاعدًا"
(2)
.
(1)
"صحيح البخاريّ"، كتاب الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، (6/ 382 - مع شرح الفتح).
(2)
"منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي"، كتاب الفتن وعلامات السّاعة، باب ذكر يأجوج ومأجوج، (2/ 219 - ترتيب الشّيخ أحمد عبد الرّحمن البنا)، ط. الثّانية، عام (1400 هـ)، المكتبة الإِسلامية، بيروت.
وروى الحاكم طرفًا منه في "المستدرك"(4/ 490)، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"، ورجاله ثقات".
"مجمع الزوائد"(8/ 6).
وقال ابن حجر: "أخرج عبد بن حميد بسند صحيح عن عبد الله بن سلام مثله".
"فتح الباري"(13/ 107).
وذكر ابن كثير رواية الطبراني لهذا الحديث، ثمَّ قال: "وهذا حديث غريب، وقد =