الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبل نزوله عليه السلام؛ فليس هذا نسخًا لحكم الجزية جاء به عيسى شرعًا جديدًا؛ فإن مشروعية أخذ الجزية مقيَّد بنزول عيسى عليه السلام بإخبار نبيّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم، فهو المبيِّن للنَّسخ
(1)
بقوله لنا: "واللهِ لينزلَنَّ ابنُ مريم حكمًا عدلًا، فليكسرَنَّ الصَّليب، وليقتلنَّ الخنزير، وليضَعَنَّ الجزية"
(2)
.
*
انتشار الأمن وظهور البركات في عهده عليه السلام
-:
وزمن عيسى عليه السلام زمن امن وسلام ورخاء، يرسل الله فيه المطر الغزير، وتخرج الأرض ثمرتها وبركتها، ويفيض المال، وتذهب الشحناء والتباغض والتحاسد.
فقد جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر الدَّجَّال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى عليه السلام ودعائه عليهم وهلاكهم، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: "ثمَّ يرسل الله مطرًا لا يُكِنُّ منه بيتُ مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزلفة
(3)
، ثمّ يقال للأرض أنبتي ثمرتك، ورُدِّي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون
(1)
انظر: "فتح الباري"(6/ 492).
(2)
"صحيح مسلم"، باب نزول عيسى عليه السلام حاكمًا، (2/ 292 - مع شرح لنووي).
(3)
(الزلفة): روي بفتح الزاي واللام والقاف وروي بالفاء، وكلها صحيحة، ومعناه كالمرآة شبه الأرض بها لصفائها ونظافتها.
انظر: "شرح النووي لمسلم"(18/ 69).
بقحفها، ويبارَك في الرِّسل
(1)
، حتّى إن اللقحة من الإِبل لتكفي الفئام من النَّاس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من النَّاس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من النَّاس"
(2)
.
وروى الإِمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "والأنبياء إخو لعَلَّات
(3)
؛ أمهاتهم شتَّى، ودينهم واحد، وأنا أولى النَّاس بعيسى ابن مريم؛ لأنّه لم يكن بيني وبينه نبيٌّ، وإنه نازل
…
فيهلك الله في زمانه المسيح الدَّجَّال، وتقع الأمنة على الأرض حتّى ترتع الأسود مع الإِبل، والنِّمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم"
(4)
.
وروى الإِمام مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لينزلَنَّ عيسى بن مريم حكمًا عادلًا
…
وليضعَنَّ الجزية، ولتُتْرَكنَّ القِلاص
(5)
فلا يُسعى عليها، ولتذهبن الشحناء والتباغض
(1)
(الرِّسل): بكسر الراء وإسكان السين هو اللبن.
انظر: "شرح النووي لمسلم"(18/ 69).
(2)
"صحيح مسلم"، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال، (18/ 63 - 70 - مع شرح النووي).
(3)
(إخؤ لعلّات): علات: بفتح العين المهملة، وتشديد اللام. وأولاد العلّات: الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد؛ أي: أن إيمان الأنبياء واحد وشرائعهم مختلفة.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(3/ 291)، و"تفسير الطّبريّ"(6/ 460)، تعليق محمود شاكر، وتخريج أحمد شاكر.
(4)
"مسند أحمد"(2/ 406 - بهامشه منتخب الكنز).
قال ابن حجر: "سنده صحيح". "فتح الباري"(6/ 493).
(5)
(القلاص): بكسر القاف، جمع قلوص بفتح القاف، وهي الناقة الشابة.=