الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في حديث عبد ألله بن عمرو أن ظهور هذه الريح يكون من الشّام كما سبق.
وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث ريحًا من اليمن، أبين من الحرير، فلا تدعُ أحدًا في قلبه مثقال ذرَّةٍ من إيمانٍ؛ إِلَّا قبضته"
(1)
.
ويُجاب عن هذا بوجهين:
1 -
يحتمل أنّهما ريحان: شامية، ويمانية.
2 -
ويحتمل أن مبدأها من أحد الإِقليمين، ثمّ تصل الآخر، وتنتشر عنده.
والله أعلم
(2)
.
57 - استحلال البيت الحرام، وهدم الكعبة:
لا يستحلُّ البيتَ الحرام إِلَّا أهلُه، وأهلُه هم المسلمون
(3)
، فإذا استحلُّوه؛ فإنّه يصيبهم الهلاك، ثمّ يخرج رجلٌ من أهل الحبشة؛ يقال له: ذو السويقتين، فيُخْرِبُ الكعبة، وينقضُها حجرًا حجرًا، ويسلبها حليتها، ويجرِّدها من كسوتها، وذلك في آخر الزّمان، حين لا يبقى في الأرض أحدٌ
(1)
"صحيح مسلم"، باب في الريح الّتي تكون قرب القيامة، (2/ 132 - مع شرح النووي).
(2)
"شرح النووي لمسلم"(2/ 132)، وانظر "أشراط السّاعة وأسرارها"(ص 88 - 89) للشيخ محمّد سلامة جبر، طبع مطبعة التقدم، عام (1401 ه)، القاهرة.
(3)
انظر: "فتح الباري"(3/ 462).
يقول: الله، الله، ولذلك لا يُعَمَّرُ البيتُ بعد هدمه أبدًا؛ كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة.
روى الإِمام أحمد بسنده عن سعيد بن سمعان؛ قال: سمعتُ أبا هريرة يخبر أبا قَتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يبايَع لرجل ما بين الركن والمقام، ولن يستحلَّ البيتَ إِلَّا أهله، فإذا استحلُّوه؛ فلا يُسأل عن هلكة العرب، ثمّ تأتي الحبشة، فيخربونه خرابًا لا يعمَّرُ بعده أبدًا، وهم الذين يستخرجون كنزه"
(1)
.
وعن عبد الله بن عمر؛ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يُخْرِبُ الكعبَةَ ذو السويقتين
(2)
من الحبشة، ويسلبها حليتها، ويجرِّدها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه: أُصيلع
(3)
، أُفيدع
(4)
، يضرب عليها بمسحاته
(1)
"مسند الإِمام أحمد"(15/ 35)، شرح وتعليق أحمد شاكر، وقال:"إسناده صحيح".
وقال ابن كثير: "لهذا إسناد جيد قوي". انظر: "النهاية/ الفتن والملاحم"(1/ 156)، تحقيق د. طه زيني.
وقال الألباني: "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجل الصحيحين؛ غير سعيد بن سمعان، وهو ثقة". انظر: "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(م 2/ 120)(ح 579).
(2)
(السويقتين): السويقة: تصغير الساق، وهي مؤنثة، فلذلك ظهرت التاء في تصغيرها، وإنّما صغر الساق؛ لأنّ الغالب على سوق الحبشة الدقة والحموشة.
"النهاية في غريب الحديث والأثر"(2/ 423).
(3)
(أصيلع): تصغير أصلع، وهو الّذي انحسر الشعر عن رأسه.
انظر: "النهاية" لابن الأثير (3/ 47).
(4)
(أفيدع): تصغير أفدع، والفدع بالتحريك زيغ بين القدم وبين عظم الساق، =
ومعوله".
رواه أحمد
(1)
.
وروى الإِمام أحمد والشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُخْربُ الكعبة ذو السويقتين من الحبشة"
(2)
.
وروى الإِمام أحمدَ والبخاري أيضًا عن ابن عبّاس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "كأني أنظر إليه: أسود، أفحج
(3)
، ينقضمها حجرًا حجرًا (يعني: الكعبة) "
(4)
.
وروى الإِمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول
= وكذلك يكون في اليد، وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها.
انظر: "النهاية" لابن الأثير (3/ 420).
(1)
"مسند أحمد"(12/ 14 - 15)(ح 7053)، شرح وتعليق أحمد شاكر، وقال:"إسناده صحيح".
(2)
"مسند أحمد"(18/ 103)(ح 9394)، شرح وتعليق أحمد شاكر، أكمله د. الحسيني عبد المجيد هاشم، و"صحيح البخاريّ"، كتاب الحجِّ، باب هدم الكعبة، (3/ 460 - مع شرح الفتح)، و"صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، (18/ 35 - مع شرح النووي).
(3)
(أفحج): في "القاموس": "فحج في مشيته؛ أي: تدانى صدور قدميه، وتباعد عقباه".
وقال ابن الأثير: "الفحج: تباعد ما بين الفخذين".
انظر: "ترتيب القاموس"(3/ 451)، و "النهاية"(3/ 415).
(4)
"مسند الإِمام أحمد"(3/ 315 - 316)(ح 2010) شرح أحمد شاكر، و"صحيح البخاريّ"، كتاب الحجِّ، باب هدم الكعبة، (3/ 460 - مع شرح النووي).
الله صلى الله عليه وسلم: "في آخر الزّمان يظهر ذو السويقتين على الكعبة - قال: حسبتُ أنّه قال:- فيهدمها"
(1)
.
فإن قيل: إن هذه الأحاديث تُخالف قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} [العنكبوت: 67]، والله تعالى قد حبس عن مكّة الفيل، ولم يمكِّن أصحابه من تخريب الكعبة، ولم تكن إذ ذاك قبلة، فكيف يسلِّط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟!
قيل جوابًا عن ذلك: "إن خراب الكعبة يقع في آخر الزّمان، قرب قيام السّاعة، حين لا يبقى في الأرض أحدٌ يقول: الله، الله، ولهذا جاء في رواية الإِمام أحمد السابقة عن سعيد بن سمعان قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يعمر بعده أبدًا"، فهو حرمٌ آمنٌ؛ ما لم يستحلَّه أهله.
وليس في الآية ما يدلُّ على استمرار الأمن المذكور فيها.
وقد حدث القتال في مكّة مراتٍ عديدة، وأعظم ذلك ما وقع من القرامطة
(2)
في القرن الرّابع الهجري، حيث قتلوا المسلمين في المطاف،
(1)
"مسند الإِمام أحمد"(15/ 227)(8080)، شرح أحمد شاكر، قال:"إسناده صحيح".
(2)
(القرامطة): طائفة من الباطنية تنتسب لرجل اسمه حمدان قرمط، من أهل الكوفة، ولهذه الطائفة الخبيثة في تاريخها الطويل المخزي أعمال شنيعة، ومن أعظمها ما وقع منهم سنة (317 هـ)، حيث هاجموا الحجاج يوم التروية، واستباحوا أموالهم ودماءهم، فقتلوا في رحاب مكّة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقًا كثيرًا، وهدموا قبة زمزم، وقلعوا باب الكعبة، ونزعوا كسوتها، وقلعوا الحجر الأسود، ونقلوه إلى بلادهم، ومكث عندهم اثنتان وعشرون سنة. =
وقلعوا الحجر الأسود، وحملوه إلى بلادهم، ثمّ أعادوه بعد مدة طويلة، ومع ذلك لم يكن ما حدث معارِضًا للآية الكريمة؛ لأنّ ذلك إنّما وقع بأيدي المسلمين والمنتسبين إليهم، فهو مطابقٌ لما جاء في رواية الإِمام أحمد من أنّه لا يستحلُّ البيت الحرام إِلَّا أهله، فوقع ذلك كما أخبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وسيقع ذلك آخر الزّمان؛ لا يُعَمَّرُ مرّة أخرى، حين لا يبقى على ظهر الأرض مسلم"
(1)
.
* * * * *
= انظر: "فضائح الباطنية" للغزالي (ص 12 - 13) تحقيق عبد الرّحمن بدوي، و "البداية والنهاية"(11/ 160 - 161)، ورسالة "القرامطة وآراؤهم الاعتقادية"(ص 222 - 223) لسليمان السلومي، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير بإشراف الشجخ محمّد الغزالي، عام (1400 هـ).
(1)
انظر: "فتح الباري) (3/ 461 - 462).