الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 - ظهور الفحش
(1)
وقطيعة الرّحم وسوء الجوار:
روى الإِمام أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقومُ السّاعة حتّى يظهَرَ الفحشُ، والتفاحُشُ، وقطيعةُ الرّحم، وسوء المجاوَرَة"
(2)
.
وروى الطبرانيُّ في "الأوسط" عن أنس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أشراط السّاعة الفحشُ والتفحُّش وقطيعة الرّحم"
(3)
.
وللإِمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "إن بين يدي السّاعة
…
قطع الأرحام"
(4)
.
وقد وقع ما أخبر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فانتشر الفحش بين كثير من النَّاس؛ غير مبالين بالتحدُّث بما يرتكبون من معاصي، وما يترتَّب عليه من عقاب
(1)
(الفحش): قال ابن الأثير: "هو كلّ ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي، وكثيرًا ما ترد الفاحشة بمعنى الزِّنا، وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة في الأقوال والأفعال". "النهاية"(3/ 415).
(2)
"مسند أحمد"(10/ 26 - 31 - شرح أحمد شاكر)، وقال:"إسناده صحيح"، وذكر رواية الحاكم، وأطال الكلام عليها.
وانظر: "مستدرك الحاكم"(1/ 75 - 76)، وقد رواه بثلاثة أسانيد، وقال:"هذا حديث صحيح، فقد اتفق الشيخان على الاحتجاج بجميع رواته؛ غير أبي سبرة الهذلي، وهو تابعي كبير مبين، ذكره في المسانيد والتواريخ غير مطعون فيه"، وذكر له شاهدًا، ووافقه الذهبي على تصحيحه.
(3)
"مجمع الزوائد"(7/ 284)، وقال الهيثمي:"رجاله ثقات"، وفي بعضهم خلف، والأحاديث المذكورة تشهد له.
(4)
"مسند أحمد"(5/ 333 - شرح أحمد شاكر)، وقال:"إسناده صحيح".
شديد، وقطعت الأرحام، فالقريب لا يصل قريبه، بل حصل بينهم التقاطع والتَّدابر، فتمر الشهور والسنون وهم في بلد واحد، فلا يتزاورون، ولا يتواصلون، وهذا لا شكَّ أنّه من ضعف الإِيمان، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حثَّ على صلة الرّحم، وحذَّر من قطيعتها.
وقال: "إن الله خَلَقَ الخلق، حتّى إذا فرغ منهم؛ قامت الرّحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة؟ قال: نعم؛ أمّا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذاك لك".
ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا إن شئتُم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}
(1)
[محمّد: 22 - 24]
وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يدخلُ الجنَّة قاطع رحم"
(2)
.
وأمّا سوء الجوارة فحدِّث عنه ولا حرج، فكم من جارٍ لا يعرف نجاره، ولا يتفقَّد أحواله؛ ليمدَّ يد العون إليه إن احتاج! بل ولا يَكُفُّ شرَّه عنه.
وقد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن أذى الجار، فقال:"مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يؤذي جارَه"
(3)
.
(1)
"صحيح مسلم"، كتاب البرّ والصلة والآداب، باب صلة الرّحم وتحريم قطيعتها، (16/ 112 - مع شرح النووي).
(2)
"صحيح مسلم"(16/ 114 - مع شرح النووي).
(3)
"صحيح مسلم"، كتاب الإِيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف، (2/ 20 - مع شرح النووي).