الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهناك أقوالٌ أخرى غير ما ذكرته، غالبها يدور على أن خروجها من الحرم المكِّي
(1)
، فالله أعلم بذلك.
*
عمل الدَّابَّة:
إذا خرجت هذه الدَّابَّة العظيمة؛ فإنها تسم المؤمّن والكافر.
فأمّا المؤمّن؛ فإنها تجلو وجهه حتّى يشرق، ويكون ذلك علامة على إيمانه.
وأمّا الكافر؛ فإنها تخطمه على أنفه؛ علامة على كفره والعياذ بالله.
وجاء في الآية الكريمة قوله تعالى: {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: 82].
وفي معنى هذا التكليم اختلفت أقوال المفسرين:
1 -
أن المراد: تكلمهم كلامًا؛ أي: تخاطبهم مخاطبة، ويدلُّ على هذا قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه:(تنبئهم).
2 -
تجرحهم، ويؤيد ذلك قراءة (تَكْلمهم)؛ بفتح التاء وسكون الكاف، من الكَلْم، وهو الجَرْح، وهذه القراءة مرويَّة عن ابن عبّاس رضي الله عنه؛ أي: تسمهم وسمًا
(2)
.
وهذا القول يشهد له حديث أبي أُمامة رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم
(1)
انظر: "التذكرة"(ص 697 - 698)، و"الإِشاعة"(ص 176 - 177)، و"لوامع الأنوار"(2/ 144 - 146).
(2)
انظر: "تفسير القرطبي"(1/ 237)، و"تفسير ابن كثير"(6/ 220)، و"تفسير الشوكاني"(4/ 152).
قال: "تخرج الدَّابَّة، فتسم النَّاس على خراطيمهم"
(1)
.
وروي عن ابن عبّاس انه قال: "كلًّا تفعل"؛ أي: المخاطبة والوسم.
قال ابن كثير: "وهو قولٌ حسن، ولا منافاة، والله أعلم"
(2)
.
وأمّا الكلام الّذي تخاطبهم به؛ فهو قولها: "إن النَّاس كانوا بآياتنا لا يوقنون".
وهذا على قراءة مَنْ قرأها بفتح همزة (إن)؛ أي: تخبرهم أن النَّاس كانوا بآيات الله لا يوقنون، وهذه قراءة عامة قراء الكوفة وبعض أهل البصرة.
وأمّا قراءة عامَّة قراء الحجاز والبصرة والشام؛ فبكسر همزة (إن) على الاستئناف، ويكون المعنى: تكلِّمُهم بما يسوؤهم، أو ببطلان الأديان سوى دين الإسلام
(3)
.
قال ابن جرير: "والصواب من القول في ذلك أنها قراءتان متقاربتا المعنى، مستفيضتان في قراءة الأمصار"
(4)
.
* * * * *
(1)
رواه الإِمام أحمد وسبق تخريجه.
(2)
"تفسير ابن كثير"(6/ 220).
(3)
انظر: "تفسير الطّبريّ"(20/ 16)، و"تفسير القرطبي،"(13/ 237 - 238)، و"تفسير الشوكاني"(4/ 152).
(4)
"تفسير الطّبريّ"(20/ 16).