الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 81 - 82].
فخالق السماوات والأرض على عظمهما قادرٌ على إعادة خلق الإِنسان الصغير؛ كما في قوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)} [غافر: 57].
د - حكمته تعالى الظاهرة للعيان والمتجلية في هذه الكائنات لكل مَنْ أنعم النظر وجرَّد الفكر من التعصُّب والهوى:
والحكيم لا يترك النَّاس سدى، ولا يخلقهم عبثًا؛ لا يؤمَرون، ولا يُنْهَوْن، ولا يُجْزَوْن على أعمالهم:
قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [المؤمنون: 115 - 116].
وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الدخان: 38 - 39].
فمن البيَّن أن مَنْ أدار نظره في عجائب هذه المخلوقات، وتدبَّر ما فيها من نظام وإحكام، فكل شيء خُلِق بمقدار، وكلُّ شيء خُلِق لغاية وأمدٍ في تحقيق هذه الغاية بما يكفل وجودها وقيامها إن هو سار على النهج الّذي أراده الله له.
إن النظر في هذا الكون الرحب ليرينا - إلى جانب شمول علمه تعالى وعظم قدرته - بالغَ حكمته، فلا يترك النَّاس يعتدي قويُّهم على ضعيفهم دون أن يكون له رادعٌ، ولا يترك لهؤلاء الذين ينحرفون عن الجادَّة دون أن يكون لهم من العقاب فيما وراء هذه الحياة ما هم جَديرون به، ولا
يترك هؤلاء الّذي كرَّسوا جهدهم ولم يدَّخروا وسعًا في العمل على مرضاة ربهم دون أن يجدوا من فضل الله وإنعامه عليهم في اليوم الآخر ما يعلمون معه أن ما ضحَّوْا به مِن متاع، وما تحمَّلوا مِن مشاقَّ في حياتِهم الدنيا، إنْ هو إِلَّا نزرٌ يسيرٌ بجانب ما يجدون من ثواب ونعيم في جنة فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
إن النَّاس لو تأمَّلوا سنن الله الكونيَّة وجليل حكمته تعالى، وعظيم عنايته بالإِنسان وتكريمه له؛ لدفعهم ذلك إلى الإِيمان باليوم الآخر، فحينئذ لا تطلُّ الأنانية بوجهها البغيض، ولا يكون تكالبٌ على الحياة الدُّنيا، بل التعاون على البرِّ والتَّقوى.