الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الجِزيةِ
بابُ مَن لا تُؤخَذُ مِنه الجِزيَةُ مِن أهلِ الأوثانِ
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: قال اللَّهُ جلَّ ثناؤُه: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. وقالَ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}
(1)
[الأنفال: 39].
18662 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ محمدُ بن عبد اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، أنبأنا محمدُ بن عبد اللَّهِ بنِ عبد الحَكَم، أنبأنا ابنُ وهبٍ، أخبرَنِي يونُسُ بن يَزيدَ، عن ابنِ شِهابٍ، حَدَّثَنِي سعيدُ بن المُسَيَّبِ أن أبا هريرةَ أخبَرَه أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرتُ أن أُقاتِلَ النّاسَ حَتَّى يَقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. فمَن قال: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. عَصَمَ مِنِّي مالَه ونَفسَه إلَّا بحَقِّه، حِسابُه
(2)
على اللهِ"
(3)
. رَواه مسلمٌ عن أبي الطّاهِرِ وغَيرِه عن ابنِ وهبٍ، وأَخرَجَه البخاريُّ
(4)
مِن أوجُهٍ أُخَرَ عن الزُّهرِيِّ
(5)
.
18663 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ بنُ بِشْرانَ العَدلُ ببَغدادَ، أنبأنا أبو جَعفَرٍ
(1)
الأم 4/ 172.
(2)
ضبب عليها في الأصل، وكتب فوقها:"كذا". والذى تقدم وفي المصادر: "وحسابه".
(3)
تقدم في (16581، 18005).
(4)
بعده في م: "في الصحيح".
(5)
مسلم (21/ 33)، والبخارى (2946).
محمدُ بن عمرِو بنِ البَختَرِيِّ الرزازُ، حدثنا عباسُ بن محمدٍ، حدثنا يَعلَى بن عُبَيدٍ، حدثنا الأعمَشُ، عن أبي سُفيانَ عن جابِرٍ، وعن أبي صالِحٍ عن أبي هريرةَ رضي الله عنهما قالا: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللهُ. فإِذا قالُوها مَنَعوا مِنِّي دِماءَهُم وأَموالَهُم إلَّا بحَقِّها، وحِسابُهُم على اللَّهِ"
(1)
.
أخرَجَه مسلمٌ في "الصحيح" مِن حَديثِ حَفصِ بنِ غِياثٍ عن الأعمَشِ بالإِسنادَينِ جَميعًا
(2)
.
18664 -
أخبرَنا أبو محمدٍ عبدُ اللَّهِ بن يوسُفَ الأصبَهانِيُّ، أنبأنا أبو سعيدِ بنُ الأعرابِي، حدِثنا سَعدانُ بن نَصرٍ، حدثنا سفيانُ، عن عبد المَلِكِ بنِ نَوفَلٍ، عن رَجُلٍ مِن مُزَينَةَ يُقالُ له: ابنُ عِصامٍ، عن أبيه، أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا بَعَثَ سَريَّةً قال:"إذا سَمِعتُم مُؤَذِّنًا أو رأيتُم مَسجِدًا فلا تَقتُلوا أحَدًا"
(3)
.
18665 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، أنبأنا أبو الفَضلِ بنُ إبراهيمَ المُزَكِّي، حدثنا أحمدُ بن سلمةَ، حدثنا قُتَيبَةُ بن سعيدٍ، حدثنا لَيثٌ، عن عُقَيلى، عن الزُّهرِيِّ قال: أخبرَنِي عُبَيدُ اللهِ بن عبد اللهِ بنِ عُتبَةَ بنِ مَسعودٍ، عن أبي هريرةَ قال: لَمّا توُفِّيَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واستُخلِفَ أبو بكرٍ بَعدَه وكَفَرَ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ قال عُمَرُ بن الخطابِ لأبِي بكرٍ رضي الله عنهما: كَيفَ تُقاتِلُ النّاسَ وقَد قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أُقاتِلَ النّاسَ حَتَّى يَقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. فمَن
(1)
أخرجه النسائي (3987) من طريق يعلى بن عبيد به. وابن ماجه (3928) من طريق الأعمش بالإسناد الأول. وتقدم في (5206، 15941، 15942).
(2)
مسلم (21/ 35).
(3)
تقدم في (18285).
قال: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. عَصَمَ مِنِّي مالَه ونَفسَه إلَّا بحَقِّه، وحِسابه على اللهِ"؟. فقالَ أبو بكرٍ: واللَّهِ لأُقاتِلَنَّ مَن فرَّقَ بَينَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ؛ فإِنَّ الزَّكاةَ حَقُّ المال، واللَّهِ لَو مَنَعونِي عِقالًا كانوا يُؤَدّونَه إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقاتَلتُهُم على مَنعِهِ. قال عُمَرُ بنُ الخطابِ: فواللهِ ما هو إلَّا أن رأيتُ اللَّهَ قَد شَرَحَ صَدرَ أبي بكرٍ لِلقِتالِ فعَرَفتُ أنَّه الحَقُّ
(1)
. أخرَجاه في "الصحيح" عن قُتَيبَةَ
(2)
.
أخبرَنا أبو سعيدِ بن أبي عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ هو الأصَمُّ، أنبأنا الرَّبيعُ قال: قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: وهَذا مِثلُ الحديثينِ قَبلَه في المُشرِكينَ مُطلَقًا، وإِنَّما يُرادُ به واللَّهُ أعلمُ مُشرِكو أهلِ الأوثان، ولَم يَكُنْ بحَضرَةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولا قُربَه أحَدٌ مِن مُشرِكِي أهلِ الكِتابِ إلَّا يَهودُ بالمَدينَة، وكانوا حُلَفاءَ للأنصارِ
(3)
، ولَم تَكُنِ الأنصارُ استَجمَعَت أوَّل ما قَدِمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إسلامًا، فوادَعَت يَهودُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولَم تَخرُجْ إلَى شَئٍ مِن عَداوَتِه بقَولٍ يَظهَرُ ولا فِعلٍ حَتَّى كانَت وقعَةُ بَدرٍ، فتَكَلَّمَ بَعضُها بعَداوَتِه والتَّحريضِ عَلَيه، فقَتَلَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فيهِم، ولَم يَكُنْ بالحِجازِ عَلِمتُه إلَّا يَهودِيٌّ
(4)
أو نَصارَى قَليلٌ بنَجرانَ، وكانَتِ المَجوسُ بهَجَرَ وبِلادِ البَربَرِ وفارِسَ نائينَ عن الحِجاز، دونَهُم مُشرِكونَ أهلُ أوثانٍ
(5)
(1)
تقدم في (16808).
(2)
البخاري (7284، 7285)، ومسلم (20/ 32).
(3)
في النسخ عدا الأصل: "الأنصار".
(4)
في س، م:"يهود".
(5)
في النسخ عدا الأصل: "الأوثان".
كَثيرٌ
(1)
.
18666 -
أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بن الحَسَنِ القاضِي، أنبأنا أبو سَهلِ بنُ زيادٍ القَطّانُ، حدثنا عبدُ الكَريمِ بن الهَيثَم، حدثنا أبو اليَمان، أخبرَنِي شُعَيبٌ، عن الزُّهرِيِّ، أخبرَنِي عبدُ الرَّحمَنِ بن عبد اللهِ بنِ كَعبِ بنِ مالكٍ، أظُنُّه عن أبيه - وكانَ ابنَ أحَدِ الثَّلاثَةِ الَّذينَ تيبَ عَلَيهِم - أنَّ كَعبَ بنَ الأشرَفِ اليَهودِيَّ كان شاعِرًا، وكانَ يَهجو رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ويُحَرِّضُ عَلَيه كُفّارَ قُرَيشٍ في شِعرِه، وكانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المَدينَةَ وأَهلُها أخلاط؛ مِنهُمُ المُسلِمونَ الَّذينَ تَجمَعُهُم دَعوَةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومِنهُمُ المُشرِكونَ الَّذينَ يَعبُدونَ الأوثانَ، ومِنهُمُ اليَهودُ وهُم أهلُ الحَلْقَةِ
(2)
والحُصون، وهُم حُلَفاءُ لِلحَيَّينِ الأوسِ والخَزرَج، فأَرادَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حينَ قَدِمَ المَدينَةَ استِصلاحَهُم كُلِّهُم، وكانَ الرَّجُلُ يَكونُ مُسلِمًا وأَبوه مُشرِكٌ، والرَّجُلُ يَكونُ مُسلِمًا وأَخوه مُشرِكٌ، وكانَ المُشرِكونَ واليَهودُ مِن أهلِ المَدينَةِ حينَ قَدِمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤذونَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَصحابَه أشَدَّ الأذَى، فأَمَرَ اللهُ رسولَه والمُسلِمينَ بالصَّبرِ على ذَلِكَ والعَفوِ عَنهُم، ففيهِم أنزَلَ اللَّهُ جل ثناؤُه:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} إلى آخِرِ الآيَةِ [آل عمران: 186]. وفيهِم أنزَلَ اللهُ جلَّ ثناؤُه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا
(1)
الأم 4/ 172.
(2)
الحلقة: السلاح والدروع. غريب الحديث لأبي عبيد 3/ 200.
تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} [البقرة: 109]. فلَمّا أبي كَعبُ بن الأشرَفِ أن يَنزعَ
(1)
عن أذَى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَذَى المُسلِمينَ أمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَعدَ بنَ مُعاذٍ أن يَبعَثَ رَهطًا ليَقتُلوه، فبَعَثَ إلَيه سَعدُ بن مُعاذٍ محمدَ بنَ مَسلَمَةَ الأنصارِيَّ وأَبا عَبسٍ الأنصارِيَّ والحارِثَ ابنَ أخِي سَعدِ بنِ مُعاذٍ في خَمسَةٍ رَهطٍ. وذَكَرَ الحديثَ في قَتلِه، قال: فلَمّا قَتَلوه فزِعَتِ اليَهودُ ومَن كان مَعَهُم مِنَ المُشرِكينَ فغَدَوا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ أصبَحوا فقالوا: إنَّه طُرِقَ صاحِبُنا اللَّيلَةَ وهو سَيِّدٌ مِن سادَتِنا فقُتِلَ. فذَكَرَ لَهُم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي كان يقولُ في أشعارِه ويَنهاهُم به، ودَعاهُم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أن يَكتُبَ بَينَه وبَينَهُم وبَينَ المُسلِمينَ كِتابًا يَنتَهوا إلَى ما فيه، فكَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَينَه وبَينَهُم وبَينَ المُسلِمينَ عامًّا صَحيفَةً كَتَبَها رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تحتَ العَذقِ الَّذِي في دارِ بنتِ الحارِث، فكانَت تِلكَ الصَّحيفَةُ بَعدَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِندَ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رضي الله عنه
(2)
.
18667 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بن محمدِ الجَبّار، حدثنا يونُسُ بن بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ، حَدَّثَنِي محمدُ بن أبي محمدٍ مَولَى زَيدِ بنِ ثابِتٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ أو عِكرِمَةَ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّه قال: لَمّا أصابَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيشًا يَومَ
(1)
ينزع: يكف. ينظر التاج 22/ 239 (ن ز ع).
(2)
المصنف في الدلائل 3/ 196، 197. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 5/ 308 عن أبي اليمان به مختصرًا جدًّا. وأبو داود (3000) من طريق شعيب به. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2593).
بَدرٍ فقَدِمَ المَدينَةَ جَمَعَ اليَهودَ في سوقِ قَينُقاعَ فقالَ: "يا مَعشَرَ يَهودَ أسلِموا قبلَ أن يُصيبَكُم مِثلُ ما أصابَ قُرَيشًا". فقالوا: يا لامحمدُ يَغُرَّنَّكَ مِن نَفسِكَ أنَّكَ قَتَلتَ نَفَرًا مِن قُرَيشٍ كانوا أغمارًا
(1)
لا يَعرِفونَ القِتالَ، إنَّكَ لَو قاتَلتَنا لَعَرَفتَ أنَّا نَحنُ الناسُ، وأنَّكَ لَم تَلقَ مِثلَنا. فأَنزَلَ اللهُ عز وجل في ذَلِكَ مِن قَولِهِم:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ببَدرٍ، {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} إلَى قَولِه:{لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران: 13 - 14]
(2)
.
18668 -
وأخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباس، حدثنا أحمدُ، حدثنا يونُسُ، عن ابنِ إسحاقَ، حَدَّثَنِي عبدُ اللهِ بن أبي بكرِ بنِ حَزمٍ وصالِحُ بن أبي أُمامَةَ ابنِ سَهلِ بنِ حُنَيفٍ قالا: بَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ فرَغ مِن بَدرٍ بَشيرَينِ إلَى أهلِ المَدينَةِ زَيدَ بنَ حارِثَةَ وعَبدَ اللهِ بنَ رَواحَةَ، فلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ كَعبَ بنَ الأشرَفِ فقالَ: ويلَكُم
(3)
أحَقٌّ هذا؛ هَؤُلاءِ مُلوكُ العَرَبِ وسادَةُ الناسِ. يَعنِي قَتلَى قُرَيشٍ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ فجَعَلَ يَبكِي على قَتلَى قُرَيشٍ، ويُحَرِّضُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
الأغمار: جمع غمر بالضم، وهو الجاهل الذي لم يجرب الأمور. النهاية 3/ 385.
(2)
المصنف في الدلائل 3/ 173، 174. وأخرجه أبو داود (3001)، وابن جرير في تفسيره 5/ 239 من طريق يونس بن بكير به. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (647).
(3)
في س، م:"ويلك".
(4)
المصنف في الدلائل 3/ 187، 188.