الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَكَنَّى بكُنيَتِى فلا يَتَسَمَّى باسمِى"
(1)
.
ورُوِىَ ذَلِكَ أيضًا مِن وجهٍ آخَرَ عن أبي هريرةَ
(2)
رضي الله عنه، واختُلِفَ عَلَيه فيها، وأَحاديثُ النَّهىِ على الإطلاقِ أكثَرُ وأَصَحُّ طَريقًا، واللهُ أعلَمُ.
بابُ ما جاءَ مِنَ الرُّخصَةِ في الجَمعِ بَينَهُما
19356 -
أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارِىُّ، أخبرَنا محمدُ بنُ بكرٍ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا عثمانُ وأبو بكرٍ ابنا أبى شَيبَةَ قالا: حدثنا أبو أُسامَةَ، عن فِطرٍ، عن مُنذِرٍ، عن محمدِ ابنِ الحَنَفيَّةِ قال: قال عليٌّ: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إن وُلِدَ لِى مِن بَعدِكَ ولَدٌ أُسَمّيه باسمِكَ وأُكَنّيه بكُنيَتِكَ؟ قال:"نَعَم". لَم يَقُل أبو بكرٍ: قُلتُ: قال: قال عليٌّ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
(3)
.
19357 -
وأخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ السَّرِىِّ التَّميمِيُّ الحافظُ بالكوفَةِ، أخبرَنا أبو محمدٍ الحَسَنُ بنُ عليِّ بنِ جَعفَرٍ الصَّيرَفِيُّ، حدثنا أبو نُعَيمٍ، حدثنا فِطرٌ وهو ابنُ خَليفَةَ، عن
(1)
المصنف في الآداب (515)، والطيالسى (1856). وأخرجه أبو داود (4966) من طريق مسلم بن إبراهيم به. وأحمد (14357) من طريق هشام الدستوائى به. والترمذي (2842)، وابن حبان (5816) من طريق أبى الزبير به مختصرًا. وقال الترمذي: حسن غريب. وقال الألباني في ضعيف أبي داود (1056): منكر.
(2)
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 4/ 156، 5/ 136، والبزار (8247)، والطحاوي في شرح المعانى 4/ 337.
(3)
المصنف في الآداب عقب (516)، وأبو داود (4967). وأخرجه أحمد (730)، والترمذي (2843) من طريق فطر بن خليفة به. وقال: صحيح. وينظر ما سيأتي. وقال الذهبي 8/ 3897: فهو بهيئة المرسل، وقد صححه الترمذي. وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4155).
مُنذِرٍ الثَّورِيِّ قال: سَمِعتُ ابنَ الحَنَفيَّةِ يقولُ: كانَت رُخصَةً لِعَلِىٍّ قال: يا رسولَ اللهِ إن وُلِدَ لِى بَعدَكَ أُسَمّيه باسمِكَ وأُكَنّيه بكُنيَتِكَ؟ قال: "نَعَم"
(1)
.
وروِىَ مِن وجهٍ آخَرَ ضَعيفٍ عن محمدِ ابنِ الحَنَفيَّةِ، والحديثُ مُختَلَفٌ في وصلِهِ.
19358 -
وأخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارِيُّ، أخبرَنا محمدُ بنُ بكرٍ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا النُّفَيلِيُّ، حدثنا محمدُ بنُ عِمرانَ الحَجَبِيُّ، عن جَدَّتِه صَفيَّةَ بنتِ شَيبَةَ، عن عائشةَ رضي الله عنها قالَت: جاءَتِ امرأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَت: يا رسولَ اللهِ، إنِّي قَد ولَدتُ غُلامًا فسَمَّيتُه محمدًا وكَنَّيتُه أبا القاسِمِ، فذُكِرَ لِى أنَّكَ تَكرَهُ ذَلِكَ. فقالَ:"ما الَّذِى أحَلَّ اسمِى وحَرَّمَ كُنيَتِى؟ أو ما الَّذِى حَرَّمَ كُنيَتِى وأَحَلَّ اسمِى؟ "
(2)
.
قال الفَقيهُ رحمه الله: أحاديثُ النَّهىِ عن التَّكَنِّى بأَبِى القاسَمِ على الإطلاقِ أصَحُّ مِن حَديثِ الحَجَبِىِّ هذا وأَكثَرُ؛ فالحُكمُ لَها دونَه، وحَديثُ عليٍّ يَدُلُّ على أنَّه عَرَفَ نَهيًا حَتَّى سأَلَ الرُّخصَةَ له وحدَه، وقَد يَحتَمِلُ حَديثُ عائشةَ رضي الله عنها إن صَحَّ طَريقُه - أن يَكونَ نَهيُه وقَعَ في الابتِداءِ على الكَراهيَةِ
(1)
المصنف في الآداب (516). وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (843)، والتاريخ الكبير 1/ 182، والحاكم 4/ 278 من طريق أبى نعيم به.
(2)
المصنف في الآداب (517)، وأبو داود (4968). وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/ 155 من طريق النفيلى به. وأحمد (25040، 25747)، والطبراني في الأوسط (1057) من طريق محمد بن عمران الحجبى به. وقال الذهبي 8/ 3898: الحجبي روى عنه أيضًا وكيعٌ، وما رأيته في الضعفاء ولا في الثقات، لكن حديثه منكر. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (1057).
والتَّنزيهِ لا على التَّحريمِ، فحينَ تَوَهَّمَتِ المَرأَةُ أنَّه على التَّحريمِ بَيَّنَ أنَّه على غَيرِ التَّحريمِ، والأوَّلُ أظهَرُ، واللَّهُ أعلمُ.
وقَد قال حُمَيدُ بنُ زَنجويَه في كِتابِ "الأدب" سأَلتُ ابنَ أبى أوَيسٍ: ما كان مالكٌ يقولُ في الرَّجُلِ يَجمَعُ اسمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وكُنيَتَه؟ فأَشارَ إلَى شَيخٍ جالِسٍ معنا فقالَ: هذا محمدُ بنُ مالكٍ، سَمَّاه محمدًا وكَنَّاه أبا القاسِمِ. وكانَ يقولُ: إنَّما نُهِىَ عن ذَلِكَ في حَياةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَراهيَةَ أن يُدعَى أحَدٌ باسمِه أو كُنيَتِه فيَلتَفِتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فأَمَّا اليَومَ فلا بأسَ بذَلِكَ.
قالَ حُمَيدُ بنُ زَنجُويه: إنَّما كَرِهَ أن يُدعَى أحَدٌ بكُنيَتِه في حَياتِه، ولَم يَكرَهْ أن يُدعَى باسمِه؛ لأنَّه لا يَكادُ أحَدٌ يَدعو باسمِه، فلَمّا قُبِضَ ذَهَبَ ذَلِكَ، ألا تَرَى أنَّه أذِنَ لِعَلِىٍّ إن وُلِدَ له ابنٌ بَعدَه أن يَجمَعَ له الاسمَ والكُنيَةَ، وأَنَّ نَفَرًا مِن أبناءِ وُجوهِ الصَّحابَةِ جَمَعوا بَينَهُما؛ مِنهُبم محمدُ بنُ أبى بكرٍ، ومُحَمَّدُ بنُ جَعفَرِ بنِ أبي طالِبٍ، ومُحَمَّدُ بنُ سَعدِ بنِ أبي وقّاصٍ، ومُحَمَّدُ بنُ حاطِبٍ، ومُحَمَّدُ بنُ المُنتَشِرِ.
قال الشيخُ: وهَذا التَّخصيصُ بحَياتِه، والاستِدلالُ لمن جَمَعَ بَينَهُما بَعدَ وفاتِه، مِنَ النَّوعِ الَّذِى كان يقولُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: لا حُجَّةَ في قَولِ أحَدٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)
، واللهُ أعلَمُ.
(1)
الأم 5/ 68.