الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن نُخَلِّيَ بَينَهُم وبَينَ كَنائسِهِم يَقولونَ فيها ما بَدا لَهُم، وألَّا نُحَمِّلَهُم ما لا يُطيقونَ، وإن أرادَهُم عَدوٌّ قاتَلناهُم مِن ورائِهِم، ونُخَلِّيَ بَينَهُم وبَينَ أحكامِهِم، إلَّا أن يأتونا راضينَ بأَحكامِنا؛ فنَحكُمَ بَينَهُم بحُكمِ اللهِ وحُكمِ رسولِه، وإن غَيَّبوا عَنّا لَم نَعرِضْ لَهُم فيها. قال عمرٌو: صَدَقتَ. وَكانَ غَرَفَةُ له صُحبَةٌ
(1)
.
بابٌ: يُشتَرَطُ عَلَيهِم أن أحَدًا مِن رِجالِهِم إن أصابَ مُسلِمَةً بزِنًى، أوِ اسمِ نِكاحٍ، أو قَطَعَ الطَّريقَ على مُسلِمٍ، أو فتَنَ مُسلِمًا عن دينِه، أو أعانَ المُحارِبينَ على المُسلِميَن، فقَد نَقَضَ عَهدَه
قال الشّافِعِيُّ في رِوايَةِ أبي عبد الرَّحمَنِ البَغدادِيِّ عنه: لَم يَختَلِفْ أهلُ السّيرَةِ عِندَنا؛ ابنُ إسحاقَ، وموسَى بن عُقبَةَ، وجَماعَةُ مَن رَوَى السّيرَةَ، أن بَنِي قَينُقاعَ كان بَينَهُم وبَينَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم موادَعَةٌ وعَهدٌ، فأَتَتِ امرأةٌ مِنَ الأنصارِ إلَى صائغٍ مِنهُم ليَصوغَ لَها حُليًّا، وكانَتِ اليَهودُ مُعاديَةً لِلأنصار، فلَمّا جَلَسَتْ عِندَ الصّائغِ عَمَدَ إلَى بَعضِ حَدائدِه فشَدَّ به أسفَلَ ذَيلِها وجَنْبَها
(2)
وهِيَ لا تَشعُرُ، فلَمّا قامَتِ المَرأَةُ وهِيَ في سُوقِهِم نَظَروا إلَيها مُتَكَشِّفَةً
(3)
، فجَعَلوا يَضْحَكونَ مِنها ويَسخَرونَ، فبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فنابَذَهُم، وجَعَلَ ذَلِكَ مِنهُم نَقضًا لِلعَهدِ. وذَكَرَ حَديثَ بَنِي النَّضيرِ وما صَنَعَ
(1)
البخاري في التاريخ الكبير 7/ 110، ومن طريقه الدارقطني في المؤتلف والمختلف 3/ 1712، 1713.
(2)
في س، م:"وجيبها".
(3)
في م: "منكشفة".
عُمَرُ بن الخطابِ في اليَهودِيِّ الَّذِي استَكرَهَ المَرأَةَ فوَطِئَها
(1)
.
18745 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، حدثنا إسماعيلُ بن محمدٍ الشَّعرانيُّ، حدثنا جَدِّي، حدثنا إبراهيمُ بن المُنذِرِ الحِزامِيُّ، حدثنا محمدُ بنُ فُلَيحٍ، عن موسَى بنِ عُقبَةَ قال: قال ابنُ شِهابٍ: هذا حَديثُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ خَرَجَ إلَى بَنِي النَّضيرِ يَستَعينُهُم في عَقلِ الكِلابِيَّينِ: [وخَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في رِجالٍ مِن أصحابِه إلَى بَنِي النَّضيرِ يَستَعينُهُم في عَقلِ الكِلابيَّينِ]
(2)
، وكانوا زَعَموا قَد دَسُّوا إلَى قُرَيشٍ حينَ نَزَلوا بأُحُدٍ في قِتالِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فحَضّوهُم على القِتال، ودَلُّوهُم على العَورَة، فلَمّا كَلَّمَهُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في عَقلِ الكِلابيَّين، قالوا: اجلِسْ أبا القاسِمِ حَتَّى تَطعَمَ وتَرجِعَ بحاجَتِكَ، ونَقومَ فنَتَشاوَرَ ونُصلِحَ أمرَنا فيما جِئتَنا له. فجَلَسَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومَن مَعَه
(3)
مِن أصحابِه في ظِلِّ جِدارٍ يَنتَظِرُ أن يُصلِحوا أمرَهُم، فلَمّا خَلَوا - والشَّيطانُ مَعَهُم لا يُفارِقُهُم - ائتَمَروا بقَتلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لَن تَجِدوه أقرَبَ مِنه الآنَ، فاستَريحوا مِنه تأمَنوا في ديارِكُم، ويُرفَعْ عَنكُمُ البَلاءُ. فقالَ رَجُلٌ: إن شِئتُم ظَهَرتُ فوقَ البَيتِ ودَلَّيتُ عَلَيه حَجَرًا فقَتَلتُه. فأَوحَى اللهُ إلَيه، فأَخبَرَه بما ائتَمَروا مِن شأنِه، فعَصَمَه اللهُ فقامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كأَنَّه يُريدُ يَقضِي حاجَةً، وتَرَكَ أصحابَه في
(1)
معرفة السنن والآثار عقب (5535).
(2)
ليس في: س، م.
(3)
في س، م:"تبعه".
مَجلِسِهِم، وانتَظَرَه أعداءُ اللهِ فراثَ
(1)
عَلَيهِم، وأَقبَلَ رَجُلٌ مِن أهلِ المَدينَةِ فسأَلوه عنه، فقالَ: لَقِيتُه قَد دَخَلَ أزِقَّةَ المَدينَةِ. فقالوا لأصحابِه: عَجِلَ أبو القاسِمِ أن نُقيمَ أمرَنا في حاجَتِه التي جاءَ بها. ثُمَّ قامَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فرَجَعوا، ونَزَلَ القُرآنُ، واللَّهُ أعلمُ بالَّذِي جاءَ أعداءُ الله، فقالَ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المائدة: 11]. فلَمّا أظهَرَ اللهُ رسولَه على ما أرادوا به، وعَلَى خيانَتِهِم للهِ ولِرسولِه أمَرَ بإِجلائهِم وإِخراجِهِم مِن ديارِهِم، وأَمَرَهُم
(2)
أن يَسيرُوا حَيثُ شاءوا. إلَى آخِرِ الحديثِ
(3)
.
18746 -
أخبرَنا أبو زَكَريّا بنُ أبي إسحاقَ وأبو بكرِ بن الحَسَنِ القاضي وأبو سعيدِ بن أبي عمرٍو، قالوا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا بَحرُ بن نَصرٍ، حدثنا ابنُ وهبٍ، حَدَّثَنِي جَريرُ بن حازِمٍ الأزدِيُّ، عن مُجالِدٍ، عن عامِرٍ الشَّعبِيِّ، عن سُوَيدِ بنِ غَفَلَةَ، قال: كُنّا مَعَ عُمَرَ بنِ الخطابِ وهو أميرُ المؤمِنينَ بالشّام، فأَتاه نبَطيٌّ مَضروبٌ مُشَجَّجٌ مُستَعدِي، فغَضِبَ غَضَبًا شَديدًا، فقالَ لِصُهَيبٍ: انظُرْ مَن صاحِبُ هذا؟ فانطَلَقَ صُهَيبٌ، فإِذا هو عَوفُ بن مالكٍ الأشجَعِيُّ، فقالَ له: إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ قَد غَضِبَ غَضَبًا شَديدًا، فلَو أتَيتَ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ فمَشَى مَعَكَ إلَى
(1)
راث: أبطأ، والريث: الإبطاء. مشارق الأنوار 1/ 304.
(2)
في س: "أموالهم".
(3)
أخرجه المصنف في الدلائل 3/ 180 من طريق آخر عن موسى بن عقبة به.
أميرِ المُؤمِنينَ؛ فإِنِّي أخافُ عَلَيكَ بادِرَتَه. فجاءَ مَعَه مُعاذٌ، فلَمّا انصَرَفَ عُمَرُ مِنَ الصَّلاة، قال: أينَ صُهَيبٌ؟ فقالَ: أنا هذا يا أميرَ المُؤمِنينَ. قال: أجِئتَ بالرَّجُلِ الَّذِي ضرَبَه؟ قال: نَعَم. فقامَ إلَيه مُعاذُ بن جَبَلٍ، فقالَ له: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنَّه عَوفُ بن مالكٍ، فاسمَعْ مِنه ولا تَعجَلْ عَلَيه. فقالَ له عُمَرُ: ما لَكَ ولِهَذا؟ قال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، رأيتُه يَسوقُ بامرأةٍ مُسلِمَةٍ، فنَخَسَ الحِمارَ
(1)
ليَصرَعَها، فلَم تُصرَعْ، ثُمَّ دَفَعَها فخَرَّت عن الحِمارِ فغَشيَها
(2)
، ففَعَلتُ ما تَرَى. قال: ائتِنِي بالمَرأَةِ لِتُصَدِّقَكَ. فأَتَى عَوفٌ المَرأَةَ، فذَكَرَ الَّذِي قال له عُمَرُ، قال أبوها وزَوجُها: ما أرَدتَ بصاحِبَتِنا؟ فضَحتَها! فقالَتِ المَرأَةُ: واللهِ لأذهَبَنَّ مَعَه إلَى أميرِ المُؤمِنينَ. فلَمّا أجمَعَت على ذَلِكَ، قال أبوها وزَوجُها: نَحنُ نُبَلِّغُ عَنكِ أميرَ المُؤمِنينَ. فأَتَيا فصَدَّقا عَوفَ بنَ مالكٍ بما قال، قال: فقالَ عُمَرُ لِليَهودِيِّ: واللهِ ما على هذا عاهَدناكُم. فأَمَرَ به فصُلِبَ، ثُمَّ قال: يا أيُّها النّاسُ، فوا بذِمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فمَن فعَلَ مِنهُم هذا فلا ذِمَّةَ لَه. قال سُوَيدُ بن غَفَلَةَ: فإِنَّه لأوَّلُ مَصلوبٍ رأيتُه
(3)
.
تابَعَه ابنُ أشوَعَ عن الشَّعبِيِّ عن عَوفِ بنِ مالكٍ
(4)
.
(1)
نخس الحمار: طعنه. هدي الساري ص 193.
(2)
في س، م:"ثم تغشاها".
(3)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 47/ 40، 41 من طريق المصنف به. وابن زنجويه في الأموال (708) من طريق جرير بن حازم به.
(4)
أخرجه الطبراني 18/ 37 (64) من طريق ابن أشوع به.