الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ مَن تُؤخَذُ مِنه الجِزيَةُ مِن أهلِ الكِتابِ وهُمُ اليَهودُ والنَّصارَى
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: قال اللَّهُ جلَّ ثناؤُه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}
(1)
[التوبة: 29].
18669 -
أخبرَنا أبو عليٍّ الحُسَينُ بن محمدٍ الرُّوذْبارِيُّ، أنبأنا أبو بكرٍ محمدُ بن بكرٍ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا محمدُ بن سُلَيمانَ الأنبارِيُّ، حدثنا وكيعٌ، عن سُفيانَ، عن عَلقَمَةَ بنِ مَرثَدٍ، عن سُلَيمانَ بنِ بُرَيدَةَ، عن أبيه قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا بَعَثَ أميرًا على سَريَّةٍ أو جَيشٍ أوصاه بتَقوَى اللهِ في خاصَّةِ نَفسِه وبِمَن مَعَه مِنَ المُسلِمينَ خَيرًا وقالَ: "إذا لَقِيتَ عَدوَّكَ مِنَ المُشرِكينَ فادعُهُم إلَى إحدَى ثلاثَ خِصالٍ - أو: خِلالٍ - فأَيَّتُهُنَ أجابوكَ إلَيها فاقبَلْ مِنهُم وكُفَّ عَنهُمُ، ادعُهُم إلَى الإسلام، فإِن أجابوكَ فاقبَلْ مِنهُم وكُفَّ عَنهُم، ثُمّ ادعُهُم إلَى التَّحَوُّلِ مِن دارِهِم إلَى دارِ المُهاجِرينَ، وأَعلِمْهُم أنَّهُم إن فعَلوا ذَلِكَ أنّ لَهُم ما لِلمُهاجِرينَ وأَنَّ عَلَيهِم ما على المُهاجِرينَ، فإِن أبَوا واختاروا دارَهُم فأَعلِمْهُم أنّهُم يَكونونَ مِثلَ أعرابِ المُسلِمينَ يَجرِي عَلَيهِم حُكمُ اللهِ الَّذِي كان يَجرِي على المُؤمِنينَ ولا يَكونُ لَهُم في الفَئِ والغَنيمَةِ نَصيبٌ إلَّا أن يُجاهِدوا مَعَ المُسلِمينَ، فإِن هُم أبَوا فادعُهُم إلَى إعطاءِ الجِزيَة، فإِن أجابوكَ فاقبَلْ مِنهُم وكُفَّ
(1)
الأم 4/ 175.
عَنهُم، فإِن أبَوا فاستَعِن باللَّهِ وقاتِلْهُم، وإِذا حاصَرتَ
(1)
أهلَ حِصنٍ فأَرادوكَ أن تُنزِلَهُم على حُكمِ اللَّهِ فلا تُنزِلْهُم؛ فإِنَّكُم لا تَدرونَ ما يَحكُمُ اللَّهُ فيهِم، ولَكِن أنزِلوهُم على حُكمِكُم، ثُمَّ اقضوا فيهِم بَعدُ ما شِئتُم"
(2)
.
18670 -
قال سفيانُ: قال عَلقَمَةُ: فذَكَرتُ هذا الحديثَ لِمُقاتِلِ بنِ حَيّانَ فقالَ: حَدَّثَنِي مسلم هو ابنُ هَيصَمٍ، عن النُّعمانِ بنِ مُقَرِّنٍ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثلَ حَديثِ سُلَيمانَ بنِ بُرَيدَةَ
(3)
.
18671 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو عبد اللَّهِ الصَّفّارُ، حدثنا أحمدُ بن مِهرانَ، حدثنا عُبَيدُ اللَّهِ بن موسَى، أنبأنا سفيانُ (ح) وأخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا الحَسَنُ بن عليِّ بنِ عَفّانَ، حدثنا يَحيَى بن آدَمَ، حدثنا سفيانُ الثورِيُّ، عن عَلقَمَةَ بنِ مَرثَدٍ، عن سُلَيمانَ بنِ بُرَيدَةَ، عن أبيه قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا بَعَثَ أميرًا على جَيشٍ أوصاه. وذَكَرَ الحديثَ، زادَ فيه: "وإِذا حاصَرتَ أهلَ حِصنٍ فأَرادوكَ على أن تَجعَلَ لَهُم ذِمَّةَ اللَّهِ وذِمَّةَ نَبيِّكَ فلا تَجعَلْ لَهُم ذِمَّةَ اللَّهِ وذِمَّةَ نَبيِّكَ، ولَكِنِ اجعَلْ لَهُم ذِمَّتَكَ وذِمَّةَ آبائكَ وذِمَمَ أصحابِكَ، فإِنَّكُم أن تُخفِروا
(4)
ذِمَمَكُم وذِمَمَ آبائِكُم أهوَنُ عَلَيكُم مِن أن تُخفِروا ذِمَّةَ اللَّهِ وذِمَّةَ رسولِه"
(5)
. ولَم يَذكُرْ
(1)
في س، م:"قاتلت".
(2)
المصنف في الصغرى عقب (3737)، وأبو داود (2612). وتقدم في (17822، 18007) من طريق وكيع.
(3)
أبو داود عقب (2612). وأخرجه ابن حبان عقب (4739) من طريق علقمة بن مرثد به.
(4)
أخفرت الرجل: نقضت عهده وذمامه. التاج 11/ 207 (خ ف ر).
(5)
تقدم في (18007).
إسنادَ حَديثِ مُقاتِلٍ. رَواه مسلمٌ في "الصحيح" عن أبي بكرِ بنِ أبي شَيبَةَ عن وكيعٍ دونَ إسنادِ مُقاتِلِ
(1)
، ورَواه عن إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عن يَحيَى بنِ آدَمَ وذَكَرَ فيه إسنادَ مُقاتِلٍ
(2)
.
18672 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أنبأنا أبو الفَضلِ بنُ إبراهيمَ، حدثنا أحمدُ بن سلمةَ، حدثنا عبدُ الوارِثِ بن عبد الصَّمَد، حَدَّثَنِي أبي، حدثنا شُعبَةُ، حَدَّثَنِي عَلقَمَةُ بن مَوثَدٍ أن سُلَيمانَ بنَ بُرَيدَةَ الأسلَمِيَّ حَدَّثَه عن أبيه قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا بَعَثَ أميرًا على جَيشٍ أو سَريَّةٍ دَعاه فأَوصاه في خاصَّةِ نَفسِه وبِمَن مَعَه مِنَ المُسلِمينَ. وذَكَرَ الحديثَ بزيادَتِه في مَتنِه
(3)
. رَواه مسلمٌ في "الصحيح" عن حَجّاجِ بنِ الشّاعِرِ عن عبد الصَّمَدِ
(4)
.
18673 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ بنُ بِشْرانَ ببَغدادَ، أنبأنا أبو الحَسَنِ عليُّ بنُ محمدٍ المِصرِيُّ، حدثنا رَوحُ بن الفَرَج، حدثنا يَحيَى بن بُكَيرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيثُ بن سَعدٍ، عن جَريرِ بنِ حازِمٍ، عن شُعبَةَ بنِ الحَجّاجِ. فذَكَرَه
(5)
.
18674 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنِي أبو محمدٍ المُزَنِيُّ (ح) وأخبرَنا أبو نَصرِ بنُ قَتادَةَ، أنبأنا أبو محمدٍ أحمدُ بن إسحاقَ الهَرَوِيُّ قالا: أنبأنا عليُّ بن محمدِ بنِ عيسَى، حدثنا أبو اليَمان، أخبرَنِي شُعَيبٌ، عن
(1)
مسلم (1731/ 2).
(2)
مسلم (1731/ 2، 3).
(3)
أخرجه النسائي في الكبرى (8680)، وابن الجارود في المنتقى (1042) من طريق عبد الصمد به.
(4)
مسلم (1731/ 4).
(5)
أخرجه أبو عوانة (6497)، وابن عدي 2/ 553 من طريق يحيى بن بكير به. وتقدم في (18100).
الزُّهرِيِّ، أخبرَنِي حُمَيدُ بن عبد الرَّحمَنِ أن أبا هريرةَ قال: بَعَثَنِي أبو بكرٍ فيمَن يُؤَذِّنَ يَومَ النَّحرِ بمِنًى ألَّا يَحُجَّ بَعدَ العامِ مُشرِكٌ، وألَّا يَطوفَ بالبَيتِ عُريانٌ. ويَومُ الحَجِّ الأكبَرِ يَومُ النَّحر، وإِنَّما قيلَ: الحَجُّ الأكبَرُ مِن أجلِ قَولِ النّاسِ: الحَجُّ الأصغَرُ. فنَبَذَ أبو بكرٍ رضي الله عنه إلَى النّاسِ في ذَلِكَ العام، فلَم يَحُجَّ في العامِ القابِلِ الَّذِي حَجَّ فيه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوَداعِ مُشرِكٌ، وأَنزَلَ اللهُ عز وجل في العامِ الَّذِي نَبَذَ فيه أبو بكرٍ إلَى المُشرِكينَ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} . إلَى قَولِه: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28]. فكانَ المُشرِكونَ يوافونَ بالتِّجارَةِ فيَنتَفِعُ بها المُسلِمونَ، فلَمّا حَرَّمَ اللهُ على المُشرِكينَ أن
(1)
يَقرَبوا المَسجِدَ الحَرامَ وجَدَ المُسلِمونَ في أنفُسِهِم مِمّا قُطِعَ عَنهُم مِنَ التِّجارَةِ التي كان المُشرِكونَ يوافونَ بها، فقالَ اللهُ تَعالَى:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} . ثُمَّ أحَل في الآيَةِ التي تَتبَعُها الجِزيَةَ، ولَم تَكُنْ، تُؤخَذُ قبلَ ذَلِكَ، فجَعَلَها عِوَضًا مِمّا مَنَعَهُم مِن موافاةِ المُشرِكينَ بتِجاراتِهِم فقالَ:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]. فلَمّا أحَلَّ اللهُ ذَلِكَ لِلمُسلِمينَ عَرَفوا أنَّه قَد عاضَهُم أفضلَ مِمّا كانوا وجَدوا عَلَيه مِمّا كان المُشرِكونَ يوافونَ به مِنَ التِّجارَةِ
(2)
.
(1)
بعده في م: "لا".
(2)
المصنف في المعرفة (5545) بالإسناد الأول. وأخرجه أبو داود (1946) مقتصرًا على ذكر حجة أبي بكر، والطبراني في مسند الشاميين (3067) من طريق أبي اليمان به. وتقدم في (9380) =
رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن أبي اليَمانِ إلَى قَولِه: حَجَّةَ الوَداعِ مُشرِكٌ. دونَ ما بَعدَه
(1)
، وأَظنُّهُ مِن قَولِ الزُّهرِيِّ.
18675 -
أخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أنبأنا عبدُ الرَّحمَنِ بن الحَسَنِ القاضِي، حدثنا إبراهيمُ بن الحُسَين، حدثنا آدَمُ بن أبي إياسٍ، حدثنا ورقاءُ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ في قَولِه:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلَى قَولِه: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} . قال: نَزَلَ هذا حينَ أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأَصحابُه بغَزوَةِ تَبوكَ
(2)
.
18676 -
وأخبرَنا أبو عبد اللَّهِ الحافظُ، أنبأنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا أحمد بن عبد الجَبّار، حدثنا يونُسُ بن بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ قال: فلَمّا انتهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى تَبوكَ أتاه يُحَنَّةُ
(3)
بن روبَةَ صاحِبُ أيلَةَ
(4)
فصالَحَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَعطاه الجِزيَةَ، وأَتاه أهلُ جَرباءَ
(5)
وأَذرُحَ
(6)
= مقتصرًا على حجة أبي بكر، وسيأتي في (18776).
(1)
البخاري (3177).
(2)
تفسير مجاهد ص 367. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1778 من طريق ورقاء به. وابن جرير في تفسيره 11/ 403، 407 من طريق ابن أبي نجيح به.
(3)
في الحاشية: "في المتن: يحنة. مضببًا عليه، وفي الحاشية: بخط الحافظ: صوابه: سحنة". اهـ. وينظر الإكمال 1/ 501، وصحيح مسلم بشرح النووي 12/ 114، وتاج العروس 24/ 466.
(4)
أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) مما يلي الشام. معجم البلدان 1/ 292.
(5)
في م: "جربا". واختلف في مدها وقصرها، وهي قرية بالشام. ينظر صحيح مسلم بشرح النووي 15/ 58، وفتح الباري 11/ 470، 472، وتاج العروس 2/ 146، 147 (ج ر ب).
(6)
أذرح: قرية بالشام. معجم البلدان 1/ 129.