الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زعيم اليمامة يحاول اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم
اسمه ثمامة بن أثال الحنفي سيد اليمامة وبني حنيفة يعلنها صريحة للنبي صلى الله عليه وسلم "ما وجه أبغض إلي من وجهك ولا دين أبغض إلي من دينك ولا بلد أبغض إلي من بلدك"(1) لم يقنع ثمامة بتلك المشاعر بل حاول تجسيدها على أرض الواقع حاول أن يشفي غليله وغليل قريش والأصنام بسفح دماء النبي صلى الله عليه وسلم لكن محاولته فشلت فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يمكنه منه .. يقول أبو هريرة رضى الله عنه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الله حين عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرض له أن يمكنه الله منه وكان عرض له وهو مشرك، فأراد قتله"(2) لكنه خاب .. أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان كعادته لا يكتفي بالدعاء فقط دون الأفعال .. فالتوكل عنده هو القيام بالعمل بطريقة صحيحة مع جعل النتائج كلها على الله .. وهذا بالضبط ما قام به للإمساك بهذا المشرك الذي ملأ الحقد قلبه فأعماه عن رؤية شمس التوحيد ونهاره .. ويبدو أنه كان مدفوعاً بمفكر اليمامة ومنظرها مسيلمة الكذاب الذي بدأ يستعد لإعلان نفسه نبياً ونداً للنبي صلى الله عليه وسلم .. في الوقت الذي كان صلى الله عليه وسلم يعد جيشاً ذكياً لـ:
غزو نجد
ويبدو أن هذه الغزوة مرت بمرحلتين الأولى مواجهة جماعية غنم فيها المسلمون الكثير .. حيث يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله
(1) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي في الدلائل 4 - 79: حدثني سعيد المقبري عن أبى هريرة وسعيد تابعي ثقة من رجال الشيخين: التقريب 1 - 297.
(2)
سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي في الدلائل 4 - 79: حدثني سعيد المقبري عن أبى هريرة وسعيد تابعي ثقة من رجال الشيخين: التقريب 1 - 297.
عنهما "بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قبل نجد فغنموا إبلًا كثيرة فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيرًا أو أحد عشر بعيرًا ونفلوا بعيرًا بعيرًا"(1)
ما المرحلة الثانية فتتلخص في القبض على سيد أهل اليمامة ثمامة بن أثال الحنفي الذي يستعد للانطلاق من بلاده متوجهًا نحو مكة لأداء العمرة عندما فاجأته الخيل وأسرته وأخذته معها إلى المدينة .. قصة مثيرة تحمل حكمًا وأحكامًا عندما "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا قبل نجد .. فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسرية من سواري المسجد .. فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي يا محمد خير إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال ما عندك يا ثمامة .. قال ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط ما شئت .. فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد فقال ماذا
عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت" (2) .. كان أبو هريرة ومن معه من المساكين يستمعون إلى هذا الحوار ويتمنون لو ينتهى الأمر إلى شيء يفرحهم يقول رضي الله عنه "فجعلنا -المساكن- نقول -بيننا- ما يصنع بدم ثمامة، والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة" (3) أما النبي صلى الله عليه وسلم فيرى أن الدنيا بحذافيرها لا تساوي شيئًا أمام هداية رجل أو امرأة فكيف بسيد اليمامة هذا .. "فقال
(1) حديث صحيح رواه مسلم 3 - 1368.
(2)
حديث صحيح سيأتي تخريجه بعد الحديث التالي.
(3)
حديث صحيح سيأتي تخريجه بعد الحديث التالي.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: عفوت عنك يا ثمامة" (1) "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل .. ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .. يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي .. والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي .. والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي .. وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر" (2) "فيسره رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته وعلمه فخرج معتمرًا" (3) بعد أن اعترف بذنبه واستحقاقه لعقوبة القتل .. لكن النبي صلى الله عليه وسلم أسره بكرمه وعفوه بعد أن أطلقه من أسر الحبال ..
رافع الطائي وثمامة الحنفي وبنو المصطلق وكثير من البشر قد لا يتأثرون بكثرة صلاة المسلم أو صيامه ولا بشكل لحيته وطول ثوبه بل قد يرونها -قبل أن يسلموا- نوعًا من تعذيب الذات من أجل الخلاص .. هذه النوعية من البشر لا تأبه بالعبادات قبل هدايتها .. هي منساقة خلف خلق جميل وتعامل راق .. مأخوذة بالدين المعاملة لا بالدين العبادة .. وهي طائفة لا تجد أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم للتعامل معها .. لا تجد أفضل من محمد يتهادى خلف كلمات ربه التي تقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا
(1) حديث صحيح سيأتي تخريجه بعد الحديث التالي.
(2)
حديث صحيح رواه مسلم 3 - 1386.
(3)
سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي في الدلائل 4 - 80 حدثني سعيد المقبرى عن أبي هريرة وأخبرني سعيد عن أبي عن أبي هريرة وهو سند صحيح انظر التخريج التالي.
غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (1){ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} (2) تعامل صلى الله عليه وسلم بهذا المستوى مع ثمامة فحقق قول الله سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (3) وقد حولت أخلاق محمد ثمامة إلى ولي حميم بعد أن كان عدوًا مبغضًا .. ودع ثمامة نبيه صلى الله عليه وسلم وأحبابه الجدد متجهًا إلى مكة بقلب آخر وشخصية أخرى وأهداف أرقى وأسمى .. وكأنه اغتسل بنهر حياة أخرى .. وتوجه نحو قريش بعد أن "اغتسل وصلى ركعتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد حسن إسلام أخيكم"(4)"فلما قدم مكة قال له قائل أصبوت فقال لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم"(5)"وأيم الذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة -وكانت ريف مكة- ما بقيت حتى يأذن فيها محمد صلى الله عليه وسلم وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش"(6) لقد "رجع فحال
(1) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقى في الدلائل 4 - 80 حدثني سعيد المقبرى عن أبي هريرة وأخبرني سعيد عن أبى عن أبى هريرة وهو سند صحيح انظر التخريج التالي.
(2)
النحل: 125.
(3)
سورة فصلت - 34.
(4)
سنده قوى رواه عبد الرزاق 6 - 9 أخبرنا عبيد الله وعبد الله ابنا عمر عن سعيد بن أبى سعيد المقبري عن أبي هريرة، سعيد تابعي ثقة معروف التقريب 1 - 297 وتلميذاه أحدهما ضعيف وهو عبد الله لكن أخاه ثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب 1 - 537.
(5)
حديث صحيح رواه مسلم 3 - 1386.
(6)
حديث صحيح رواه مسلم 3 - 1386.