الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له .. فقال: يا بريدة .. أتبغض عليًا؟ فقلت؛ نعم .. قال: لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك" (1) ويقصد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الجارية التي اغتسل علي من أجلها .. بعد أن أخذها من الخمس .. فغضب بريدة من صنعه واستكثرها عليه .. أما علي رضي الله عنه فقد استلم مهمته الجديدة وبدأ بإدارة الأمور بكفاءة .. وحصل المسلمون على بعض الغنائم فأرسل علي منها للنبي صلى الله عليه وسلم .. فقسمها بين بعض أصحابه وحضر تلك القسمة متطرف من:
جذور الخوارج
يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها .. فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء .. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً .. فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال: يا رسول الله اتق الله قال: ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله، ثم ولى الرجل قال خالد ابن الوليد: يا رسول الله .. ألا أضرب عنقه؟ قال: لا لعله أن يكون يصلي .. فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم .. ثم نظر إليه وهو مقف فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز حناجرهم
(1) صحيح البخاري 4 - 1581.
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .. لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود" (1) فقتال هؤلاء الخوارج من واجبات إمام المسلمين حتى تنكسر شوكتهم وينعدم تأثيرهم على أمن دولة الإِسلام .. عندما يتحولون إلى مجرد أفكار متطرفة تعرض على الكتاب والسنة .. لكنها لا تعرض على السيف إلا في حالة تحولها إلى سرايا أو قوة تتحرك على وجه الأرض لشق جاعة المسلمين وزعزعة أمنهم وأمن دولتهم .. وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وخطه لأمته .. فهو لم يكفره ولم يقتله بل ولم يمسه بأذى لأنه لا يمثل تهديدًا في ظل توجه الدولة بكليتها بكتاب الله وسنة رسوله .. إنما بين انحرافه وانحراف أمثاله .. وهذا الصنف من المسلمين قد لا ينقصهم الإخلاص وحسن النية لكنهما لا يكفيان لتبرير أقوالهم وأفعالهم المتطرفة ..
وإذا كان علي أرسل للنبي صلى الله عليه وسلم بذهب (تبر) من اليمن .. فإن أحد الصحابة الذين رافقوا عليًا إلى اليمن لم يبعث هدية لزوجته بل بعث لها بطلقتها الثالثة ثم استشهد رضي الله عنه هناك .. وأثناء تأيمها حدثت بعض المشاكل حول حقها في الحصول على مصروفها من دخل زوجها الذي طلقها .. وهل للمطلقة ثلاث طلقات حق في الحصول على النفقة والسكن من مال زوجها المتوفى أم لا؟ "فاطمة بنت قيس تقول: أرسل إليَّ زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياش بن أبي ربيعة بطلاقي وأرسل معه بخمسة آصع تمر وخمسة آصع شعير .. فقلت: أما لي نفقة إلا هذا ولا أعتد في منزلكم قال: لا .. فشددت علىّ ثيابي وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كم طلقك؟ قلت: ثلاثًا قال: صدق ليس لك نفقة [فانطلق خالد بن الوليد في نفر فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته
(1) البخاري 4 - 1581.
ثلاثًا فهل لها من نفقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليست لها نفقة وعليها العدة .. وأرسل إليها أن لا تسبقيني بنفسك وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك .. ثم أرسل إليها أن أم شريك يأتيها المهاجرون الأولون فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك] اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم فإنه ضرير البصر تلقى ثوبك عنده فإذا انقضت عدتك فآذنين " (1)
"قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حللت فآذنيني فآذنته فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما معاوية فرجل ترب لا مال له .. وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء .. ولكن أسامة بن زيد فقالت بيدها هكذا أسامة أسامه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت: فتزوجته فاغتبطت"(2)
لكن قبل حفل الزفاف وأثناء فترة العدة سمعت فاطمة أشياء خطيرة حملها وافد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ..
هذا الوافد المحمل بالأخبار وغرائب الأسفار التي لا يصدقها أحد لولا إقرار النبي صلى الله عليه وسلم له .. وقد كان في قدوم هذا المسافر نسفًا لشكوك تدور في أذهان بعض الصحابة حول رجل مخيف وغريب وغامض .. كان بعض الصحابة يعتقد أن هذا الرجل هو المسيح الدجال الذي حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه ..
ذلك الدجال اليهودي الذي أخبر عنه الأنبياء وحذروا منه أممهم .. ذلك الدجال الذي سيعيث يومًا من الأيام فسادًا في الأرض وسيخوض
(1) صحيح مسلم 2 - 1119 والزيادة لمسلم 2 - 1115.
(2)
صحيح مسلم 2 - 1119.