الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من هو يا رسول الله؟ قال: هو أبو رغال .. فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه" (1)
ويبدو أن غزوة تبوك ستكون حافلة بالدروس لكن هل ستكون حافلة بالدماء .. غادر النبي صلى الله عليه وسلم وجيشه أرض ثمود:
نحو وادي القرى
وهي مدينة بين تبوك والمدينة وفيها مر النبي صلى الله عليه وسلم بحديقة امرأة مسلمة فكان هذا الحوار الذي يذكره أحد الصحابة فيقول "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرصوها فخرصناها وخرصها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق وقال أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله وانطلقنا حتى قدمنا تبوك"(2)
والخرص هو تقدير ما على النخل من رطب تمهيدًا لأخذ زكاته .. وكان تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لرطب المرأة أنه يبلغ عشرة أوسق أي ستمائة صاع لأن الوسق يساوي ستين صاعًا.
خرص النبي صلى الله عليه وسلم الرطب ثم غادر وادي القرى متوجهًا نحو تبوك في:
طريق مفروش بالمعجزات والدروس ..
فقد كان عليه السلام يجمع في طريقه ذلك ويقصر كعادته في أسفاره:
(1) صحيح رواه أحمد 3 - 296 ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير عن جابر وهذا السند على شرط مسلم لكن أبا البير مدلس وقد عنعن لكنه صرح بالسماع عند الفاكهي في أخبار مكة 2 - 251.
(2)
صحيح مسلم 4 - 1785.
يقول أنس رضي الله عنه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين"(1) وقد سئل عليه السلام عما يضعه المصلى أمامه كي لا يقطع أحد صلاته "سئل في غزوة تبوك عن سترة المصلى فقال كمؤخرة الرحل"(2)
أي العود الموجود في آخر المقعد الموجود في رحل البعير .. ويقول معاذ رضي الله عنه:
"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فكان يجمع الصلاة فصلى الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا .. حتى إذا كان يومًا أخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعًا
ثم قال: إنكم ستأتون غدًا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتي
فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء
فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل مسستما من مائها شيئًا قالا: نعم فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول .. ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلًا قليلًا حتى اجتمع في شيء وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء منهمر أو غزير حتى استسقى الناس .. ثم قال: يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانًا" (3).
(1) صحيح مسلم 1 - 481 وبعد كلمة أميال قال الراوي: شعبة الشاك أي أن الإمام شعبة شك.
(2)
صحيح مسلم 1 - 359.
(3)
صحيح مسلم 4 - 1784 وقد تحققت المعجزة الأخرى اليوم فتبوك اليوم من أكبر المناطق الزراعية.
نبي تقله المعجزات وتظله ويلهج بها لأجيال لم تخلق أصلاب آبائها بعد ..
وحين انتهى عليه السلام إلى تبوك توقف الجيش فلم يجد أحدًا ..
أين الروم
أين جيشهم الذي لا يقهر
أين دولتهم التي أولها في أقاصي أوروبا وآخرها ليس في تبوك
لا أحد على هذه الأرض سوى النبي وأصحابه والمعجزات .. نزل النبي صلى الله عليه وسلم وأقيم معسكر كبير جدًا .. وفي أحد مجالس النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه افتقد صاحبه كعب بن مالك وسأل عنه فكانت الإجابة نقدًا لاذعًا لكعب تفوه بها أحد الجالسين .. يقول كعب وهو يروي مأساته وأحزانه:
"ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفيه .. فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت .. والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا .. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم"(1)
فكعب من أهل العقبة وأحد والخندق وكل الغزوات .. وما فعله معاذ بن جبل رضي الله عنه من دفاع عن عرض أخيه الغائب هو استيعاب معاذ لمعنى الأخوة .. وامتثال لقوله عليه السلام "من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة"(2)
فالغائب له أعذاره ومبررات غيابه ولا مجال للقذف والتكهنات في
(1) صحيح البخاري 4 - 1604.
(2)
سنن الترمذيُّ 4 - 327 وهو صحيح انظر صحيح السنن للإمام الألباني رحمه الله.