الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألقيناه وأخذنا الآخر فإذا لم نجد حجرًا جمعنا جثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبناه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا منصل الأسنة فلا ندع رمحًا فيه حديدة ولا سهمًا فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه شهر رجب ..
كنت يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم غلامًا أرعى الإبل على أهلي فلما سمعنا بخروجه فررنا إلى النار إلى مسيلمة الكذاب) (1)
وإذا كان وفد مسيلمة قد تميز بالوقاحة والكذب فإن الحقيقة التي جاء بها الإِسلام كفيلة بإحراق كذابهم وإحراق من صدقه واحدًا واحدًا .. الحقيقة التي لا يصمد أمامها أي منتحل أو معاند لها .. وكان من بين الوفود القادمة رجل من النصارى يدعى عدي بن حاتم الطائي .. هذا الرجل الذي هرب من بلاده خوفًا من جيش الإِسلام وتوجه نحو الشام حيث الكنائس .. لكن تلك الكنائس زادت غربته فعاد إلى رشده وطرح على نفسه أسئلة تغنيه عن الهرب لو طرحها في وقت أبكر .. أسئلة محرجة أخجلته خاصة وهو ابن رمز الكرم العربي في الجاهلية ..
قدوم عدي بن حاتم
دعونا نستمع إلى عدي وهو يقص حكايته وحكاية هروبه وعودته للحق .. فيقول:
"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بعث فكرهته أشد ما كرهت شيئًا قط فانطلقت حتى كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم .. فقلت: لو أتيت هذا الرجل فإن كان كاذبًا لم يخف علي وإن كان صادقًا اتبعته .. فأقبلت فلما قدمت المدينة استشرف لي الناس وقالوا: جاء عدي بن حاتم .. جاء
(1) صحيح البخاري 4 - 1591.
عدي بن حاتم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لي: يا عدي بن حاتم أسلم تسلم قلت: إن لي دينًا قال: أنا أعلم بدينك منك، أنا أعلم بدينك منك .. مرتين أو ثلاثًا .. ألست ترأس قومك؟ قلت: بلى .. قال: ألست تأكل المرباع (1)؟ قال: قلت: بلى .. قال: فإن ذلك لا يحل لك في دينك .. قال عدي: فتضعضعتُ (2) لذلك .. ثم قال: يا عدي بن حاتم .. أسلم تسلم فإني قد أظن .. أنه ما يمنعك أن تسلم خصاصة تراها من حولي وتوشك الظعينة أن ترحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت .. ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز وليفيضن المال .. حتى يهم الرجل من يقبل منه ماله صدقة (3) قال عدي بن حاتم: فقد رأيت الظعينة ترحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت .. وكنتُ في أول خيل أغارت على المدائن على كنوز كسرى بن هرمز وأحلف بالله لتجيئن الثالثة إنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لي" (4) هكذا حولت الحقيقة هذا الرجل النصراني المتشائم المغتصب حق غيره إلى ثقة بالله ورسوله بعد أن كان مزيجًا من الشكوك والتساؤل المحير .. يحلف ثقة ويتحرك ثقة ويعد من حوله ثقة .. فإذا لم يثق بالحقيقة فبم تكون ثقته .. لا سيما وقد اعتنق النصرانية كخلاص من الوثنية ولم
(1) أي أنه كان يغتصب من قومه ربع أرباحهم وغنائمهم دون حق.
(2)
ضعفت.
(3)
أي إن الرجل لا يجد من يأخذ الصدقة منه.
(4)
سنده قوي رواه الحاكم 4 - 564 من طريق هشام بن حسان عن محمَّد بن سيرين وابن أبي شيبة 7 - 342 من جرير بن حازم عن محمَّد بن سيرين ابن حبان 15 - 71 من طريق أيوب عن محمَّد عن أبي عبيدة بن حذيفة قال كنت أسأل عن حديث عدي بن حاتم وهو إلى جنبي لا آتيه فأسأله فأتيته فسألته فقال وأبو حذيفة ثقة .. روى عنه محمَّد بن سيرين ويوسف بن ميمون وخالد بن أبي أمية الكوفي وحصين بن عبد الرحمن السلمى ويزيد أبو خالد الواسطي تهذيب التهذيب 12 - 177 ووثقه العجليّ توثيقًا لفظيًا فقال في: معرفة الثقات 2 - 413 أبو عبيدة بن حذيفة كوفي تابعي ثقة وابن سيرين غني عن التعريف.