الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي: إن الصلاة جامعة"(1) ويقول أبو بكر: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد فدخلنا فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس فقال صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم"(2) كانت صلاة الكسوف ركعتين لكن كيف كانت:
صفة صلاة الكسوف
هي ركعتان لكن باختلاف بسيط عن الركعات المعتادة .. فالصلاة العادية المكونة من ركعتين كالفجر والجمعة وكذلك النوافل تكون الركعة الواحدة عبارة عن قراءة الفاتحة وبعض القرآن ثم الركوع ثم الرفع من الركوع ثم السجود ثم الرفع من السجود والجلوس ثم السجود مرة ثانية هذا باختصار ما تتكون منه الركعة الواحدة أي ركوع واحد وسجدتين ..
أما في صلاة الكسوف فتتكون كل ركعة من ركوعين وسجودين .. أي أن المصلي يقوم فيقرأ الفاتحة وبعض القرآن ثم يركع ثم يرفع من الركوع ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن ثم يركع ثانية ثم يرفع من الركوع ثم يسجد ثم يرفع من السجود ويجلس ثم يسجد ثانية ثم يقوم ليفعل مثل ذلك في الركعة الثانية .. أي أن عدد الركوعات يساوي عدد السجودات .. تقول عائشة رضي الله عنها: "خسفت الشمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه فكبر فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) صحيح البخاري 1 - 354.
(2)
صحيح البخاري 1 - 353.
قراءة طويلة .. ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا .. ثم قال سمع الله لمن حمده .. فقام ولم يسجد وقرأ قراءة طويلة هي أدني من القراءة الأولى .. ثم كبر وركع ركوعًا طويلًا وهو أدني من الركوع الأول .. ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد .. ثم سجد .. ثم قال في الركعة الأخيرة مثل .. ذلك فاستكمل أربع ركعات في أربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف .. ثم قام فأثني على الله بما هو أهله .. ثم قال: هما آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة" (1)
فهذه الآية تذكر الإنسان الغافل وتوظف ما نام من مشاعره تجاه خالقه ورازقه وإلهه .. ففي خضم الحياة وسعير المادة والركض خلفها يغفل الإنسان أحيانًا ويتبلد إحساسه تجاه موقعه من خالقه وفضله عليه .. ففي تلك الصلاة إيقاظ له .. وفي تلك الصلاة قام النبي صلى الله عليه وسلم بحركة غريبة ليست من الصلاة فسأله الصحابة عنها وذلك بعد أن "قال صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئًا في مقامك ثم رأيناك كعكعت قال صلى الله عليه وسلم: إني رأيت الجنة فتناولت عنقودًا ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا .. وأريت النار فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع .. ورأيت أكثر أهلها النساء .. قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن .. قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط"(2)
ووصفه هذا لا يشمل النساء جميعًا بل قال: إن نسبتهن أكثر من
(1) صحيح البخاري 1 - 355.
(2)
صحيح البخاري 1 - 357.
نسبة الرجال نظرًا لصفة الجحود التي تتميز بها هذه النسبة من النساء تجاه أفضال الغير عليها .. حتى أن هذه النوعية من النساء وفي لحظة عتاب أو غضب يسيرة تنسف كل أفضال الآخرين خاصة الزوج دون مبرر بل دون أن يكون هناك داع لذكر تلك الأفضال والتطرق لها .. وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من هذه الصفة التي تقترب من صفة المنافق الذي إذا خاصم فجر .. في هذه الأثناء كانت أسماء ذات النطاقين في طريقها نحو بيت أختها عائشة .. تقول رضي الله عنها: "أتيت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين خسفت الشمس .. فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها إلى السماء وقالت: سبحان الله .. فقلت: آية؟ فأشارت: أي نعم. فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب فوق رأسي الماء .. فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثني عليه ثم قال: ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار .. ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبًا من فتنة الدجال يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن فيقول: محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا .. فيقال له: نم صالحًا فقد علمنا إن كنت لموقنا .. وأما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته"(1) وتقول أسماء: "إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف فقال: دنت مني النار حتى قلت أي رب وأنا معهم؟ فإذا امرأة تخدشها هرة قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعًا"(2) وكأن صلاة الكسوف هذه توقظ مشاعر المؤمنين على هذا
(1) صحيح البخاري 1 - 358.
(2)
صحيح البخاري 2 - 833.