الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول ما رأيت كاليوم قط نيرانًا ولا عسكرًا .. يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حمشتها الحرب .. يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها .. قال:
فعرفت صوته فقلت: يا أبا حنظلة .. فعرف صوتي .. فقال: أبو الفضل؟ فقلت: نعم .. قال: ما لك فداك أبي وأمي .. فقلت: ويحك يا أبا سفيان .. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله .. قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم أستأمنه لك .. فركب خلفي ورجع صاحباه" (1) إلى مكة أما العباس فكان خائفًا على صديقه أبي سفيان .. وكان خوفه في موضعه فقد رآه عمر بن الخطاب ففرح فرحًا شديدًا بتمكنه منه .. لكنه لا يستطيع أن يقدم على مس هذا التاريخ الطويل من الأذى والحرب على رسوله إلا بإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لذلك ركض نحوه طالبًا الإذن بتصفية أبي سفيان فلن يجد فرصة كهذه الفرصة ..
عمر يريد قتل أبي سفيان بن حرب
والعباس يريد إنقاذه حيث يقول رضي الله عنه: "فحركت به كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته .. حتى مررت بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: من هذا؟ وقام إليّ فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال:
(1) سنده صحيح وتخريجه في نهايته.
أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد .. ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة البطيء الرجل البطيء .. فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر فقال: يا رسول الله .. هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه .. قلت يا رسول الله: إني أجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت: لا والله لا يناجيه الليلة رجل دوني فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلًا يا عمر أما والله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا .. ولكنك عرفت أنه رجل من رجال بني عبد مناف .. قال: مهلًا يا عباس فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب به إلى رحلك يا عباس فإذا أصبح فائتني به .. فذهبت به إلى رحلي فبات عندي فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله.
قال: بأبي أنت وأمي ما أكرمك وأوصلك .. والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئًا .. قال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك هذه والله كان في نفسي منها شيء حتى الآن" (1) كان داخل أبي سفيان كتلة من العناد والزعامة والأوهام المتكلسة التي تعيق نظره إلى الحقيقة لكن حد السيف جعله يتخلص منها .. لأن السيف سيبيده معها
(1) تخريجه في نهايته.