الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من خصومة لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم من خلال تلك الخلافات حلولًا لأمته دون مثالية أو إسفاف ..
حفصة تسب صفية
ربما وجدت حفصة بنت عمر في أصل صفية اليهودي مكانًا جيدًا للوخز والإيلام وإشباعًا لغيرتها منها .. لكن صفية وجدت الإنصاف في كلمات زوجها العذبة الحانية .. يقول أنس رضي الله عنه: "بلغ صفية أن حفصة قالت: يا بنت يهودي .. فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي .. فقال: ما يبكيك؟
فقالت: قالت حفصة إني ابنة يهودي قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي فبم تفخر عليك ثم قال: اتقى الله يا حفصة" (1)
فأي نسب بعد هذا النسب لكنها الغيرة التي تلم بالمرأة والتي لا يجب أن تتحول إلى عداوة أو شحناء أو إضرار بالآخر .. وهو فن يجيده النبي صلى الله عليه وسلم ويتفنن في تشكيله لنساء الأمة ورجالها .. وهن معذورات فالرجل الذي يغرن عليه ليس كبقية الرجال .. إنه محمَّد صلى الله عليه وسلم الذي كانت عائشة من فرط حبا ووَلَهِهَا به تتحسس فراشه وهو نائم خشية أن يغادره. ذات ليلة كان نائمًا معها فاستيقظت فلم تجده .. فينتابها شعور تتحدث عنه فتقول: "افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه .. فتحسست ثم رجعت فإذا هو راكع أو ساجد يقول سبحانك وبحمدك لا
(1) سنده صحيح رواه عبد بن حميد 1 - 373 وغيره من طريق عبد الرزاق أنا معمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك وهو سند مشهور على شرط الشيخين.
إله إلا أنت .. فقلت: بأبي أنت وأمي إني لفى شأن وإنك لفى آخر" (1) إنه الحب الذي يذهل صاحبه ويذهل عائشة حتى كررت فعلها مرة أخرى ولكن بصورة أشد تأثرًا .. تقول رضي الله عنها: "ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: بلى .. قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع .. فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت فأخذ رداءه رويدًا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج .. ثم أجافه رويدًا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري .. ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام .. ثم رفع يديه ثلاث مرات. ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت .. فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال ما لك يا عائش حشيًا رابية؟ قلت: لا شيء قال: لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير. قلت: يا رسول الله .. بأبي أنت وأمي .. فأخبرته .. قال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي. قلت: نعم .. فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله .. قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله نعم
قال: فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي .. فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون" (2)
(1) صحيح مسلم 1 - 351.
(2)
صحيح مسلم 2 - 670.