الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك فلا يأس في حياة الداعية .. استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الدخول عليه ولما دخل عرف فيه الموت ..
"دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي يعوده في مرضه الذي مات فيه فلما عرف فيه الموت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله إن كنت لأنهاك عن حب يهود فقال: أبغضهم أسعد بن زرارة فمه"(1) أي فماذا أفاد أسعد بن زرارة كرهه لليهود حيث مات في أول أيام الهجرة .. هذه الإجابة تكشف عن ضيق أفق هذا المنافق ونظرته المحدودة بين جدران الدنيا الفانية .. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعني أن حب اليهود هو الذي يجلب لك الموت فاليهود قد غادروا غير ماسوف عليهم .. بل كان يعنى أننى كنت أنهاك عن موالاتهم التي لا تفيدك في مثل هذه الساعة التي تكون فيها أحوج ما تكون لله ولرسوله وللحقيقة - الإِسلام .. لكنه الحسد والحقد الذي يتفنن في إحراق أصحابه .. كان ابن سلول مغرورًا متكبرًا حتى في أيام احتضاره .. لم يقل للنبي عليه السلام أي كلمة تشير إلى أسفه وندمه وتوبته .. ولكن بعد أن خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عنده استدعى ابنه وطلب منه أمرًا غريبًا
ابن سلول يطلب ثوب النبي صلى الله عليه وسلم
فبعد خروجه عليه السلام استدعى عبد الله بن سلول ابنه وقال له: "أي بني .. اطلب ثوبًا من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكفني فيه ومره فليُصلّ عليّ"(2)
(1) سنده صحيح رواه ابن إسحاق البداية والنهاية (السيرة) 5 - 34 ومن طريقه أبو داود 3 - 184 حدثني الزهريّ عن عروة عن أسامة بن زيد الزهرى تابعي ثقة رأس طبقته وعروة ابن الزبير بن العوام تابعى كبير وإمام ثقة معروف.
(2)
سنده صحيح رواه الطبراني في الكبر 11 - 438 والأوسط 6 - 16 من طرق عن بشر بن السري قال نا رباح بن أبي معروف المكي عن سالم بن عجلان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن ابن عبد الله بن أبي قال له أبوه: سعيد بن جبير من أئمة التابعين الثقات =
ويبدو أن الابن شعر بالإحراج أو نسي ذلك حتى وضع أبوه في قبره فتوجه نحو النبي صلى الله عليه وسلم: "فقال: يا رسول الله .. أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له"(1) يقول جابر رضي الله عنه: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه"(2)
وعندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على ابن أبي سلول وقف عمر بن الخطاب في وجهه بل جذبه من ثوبه معترضًا على الصلاة عليه .. شاهد عبد الله بن عمر ما حدث فقال:
"إن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله .. أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه وأستغفر له .. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه، فقال: آذني أصلي عليه فآذنه .. فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال: أليس نهاك أن تصلي على المنافقين .. فقال: أنا بين خيرتين .. قال: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم .. فصلى عليه .. فنزلت {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} (3) والآية التي نهت عن الصلاة على المنافقين بعد اليوم هي قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)} (4).
شاهد جابر ما حدث فقال مفسرًا ما حدث حول قميص النبي صلى الله عليه وسلم:
= وسالم بن عجلان الأفطس ثقة من رجال البخاري: التقريب 1 - 281 ورباح حسن الحديث من رجال مسلم 1 - 242 وبشر بن السري ثقة متقن: التقريب 1 - 99.
(1)
حديث صحيح رواه البخاري 1 - 427.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري 1 - 427.
(3)
صحيح البخاري 1 - 427.
(4)
سورة التوبة: 84.