المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وسكينة وخشوع مخضبة بالدموع والبكاء .. فتحول المسجد وبيت عائشة - السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة - جـ ٤

[محمد الصوياني]

فهرس الكتاب

- ‌زعيم اليمامة يحاول اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌غزو نجد

- ‌قريش تأكل الدم بسبب حصار اليمامة الاقتصادي

- ‌أبو سفيان في المدينة

- ‌ليلة المؤامرة على خزاعة عند نبع الوتير

- ‌الشعر يستغيث النصر لخزاعة

- ‌فتح مكة

- ‌حاطب ينذر قريشًا معركة فاصلة

- ‌مساءلة حاطب

- ‌أبو رهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌أبو سفيان يهرب من مكة المختنقة

- ‌الطفولة أيضًا في طريق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ماذا عن العباس بن عبد المطلب

- ‌عمر يريد قتل أبي سفيان بن حرب

- ‌إسلام أبي سفيان

- ‌النبي يمر أمام أبي سفيان

- ‌أين والد الصديق

- ‌هذا الأمان لا يشمل أربعة من مشركي قريش

- ‌ما مصير هؤلاء الأربعة الذين أهدر دمهم

- ‌الشعر يحدد مكان دخول النبي لفتح مكة

- ‌ثأر خزاعة من بني بكر

- ‌تحطيم الأصنام

- ‌من هذه العائلة وما هي قصة السدانة

- ‌لماذا رفض النبي دخول الكعبة

- ‌بيان النصر الأول

- ‌حب الأنصار ثم باقي البشر

- ‌أحداث في بيت أم هانئ

- ‌البيان رقم 2 للدولة الإِسلامية في مكة

- ‌قرر النبي صلى الله عليه وسلم البقاء في مكة

- ‌اكتبوا لأبي شاة

- ‌هوازن متواترة

- ‌الجريمة والواسطة

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل امرأة

- ‌غزوة حنين بين مكة والطائف

- ‌بعض الصحابة يريد تقليد المشركين

- ‌غطفان وغيرهم ينضمون إلى هوازن

- ‌ماذا أحضر المشركون معهم

- ‌وادي حنين وأرضها

- ‌القبض على جاسوس هوازن

- ‌كيف سارت المعركة على أرض حنين

- ‌الغنائم والرماة يهزمون المسلمين

- ‌ثم هرب بعدهم الأعراب

- ‌إسقاط راية المشركين

- ‌نزلت المعجزة

- ‌ شاهت الوجوه

- ‌حبس الغنائم في الجعرانة

- ‌إقامة الحد على شارب الخمر

- ‌حصار الطائف

- ‌غزوة أوطاس - وقتل دريد بن الصمة

- ‌التمرد والفرار من أسوار الطائف

- ‌آخر محاولة لفتح الطائف

- ‌العودة إلى الجعرانة

- ‌النبي يريد رد الغنائم على هوازن

- ‌توزيع الغنائم

- ‌قصة الأنصاري وخيوط الشعر

- ‌الاحتجاج على توزيع الغنائم

- ‌مولد أول الطوائف المتطرفة

- ‌هوازن كلها تدخل في الإسلام

- ‌وفاء نذر نذره عمر في الجاهلية

- ‌هل ستحصل هوازن على ما طلبته

- ‌مجموعة من الشباب يسخرون من الأذان

- ‌أداء العمرة

- ‌إعادة أدراع صفوان بن أمية

- ‌صفوان بن أمية في المدينة

- ‌مارية تلد ابنًا للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة بني جذيمة .. ومأساة عاشق وحبيبته

- ‌قصة عاشق حبيش

- ‌تجهيز جيش تبوك في ساعة العسرة

- ‌في مثل هذه الظروف يشرق عثمان بن عفان

- ‌عمر يحاول منافسة أبي بكر

- ‌بعض المنافقين يعتذر عن المشاركة في غزوة تبوك

- ‌عند الوداع بكى الرجال

- ‌علي يتخلف عن تبوك

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حالة غضب

- ‌ثلاثة رجال من الأغنياء يتخلفون

- ‌أبو خيثمة يلحق بالنبي

- ‌المنافقون لا تنفع معهم حتى المعجزات

- ‌الصيام في السفر الشاق

- ‌الوصول إلى ديار ثمود

- ‌خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نحو وادي القرى

- ‌مجاعة على أرض تبوك

- ‌إرسال رسالة إلى قيصر الروم

- ‌دومة الجندل

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بخمس

- ‌درس آخر في الصلاة

- ‌درس في الأحكام الجنائية

- ‌أمرًا مرعبًا سيحدث على أرض تبوك

- ‌المنافقون يسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته

- ‌صراخ الجاهلية داخل معسكر المؤمنين

- ‌حصار المهاجرين اقتصاديًا

- ‌محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الصبيان الذين تسابقوا نحو ثنية الوداع

- ‌صوت الدف في بيت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌صورًا مجسمة في بيت عائشة

- ‌الصحابة الثلاثة الذين غابوا عن تبوك

- ‌خالد بن الوليد يعود مصحوبًا بأكيدر

- ‌أين زينب .. أين أم كلثوم

- ‌فاطمة تريد أن تثبت ذلك لزوجها

- ‌ملفاق النفاق وأهله

- ‌عام الوفد

- ‌وفد الطائف (ثقيف)

- ‌وبعد إسلام ثقيف ووحشي

- ‌تحريم اتخاذ مؤذن يطلب أجرًا على أذانه

- ‌وفد جميل من المشرق

- ‌وفد البحرين

- ‌قدوم وفد تميم ووفد من اليمن

- ‌كل الصحابة كانوا يحدقون بوافد اليمن

- ‌الأشعريون في طريقهم إلى المدينة

- ‌النبي يثني على أهل اليمن

- ‌هدم كعبة اليمانية

- ‌قصة الرجلين اللذين طلبا إمارة اليمن

- ‌حجة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌وفد مزينة

- ‌وفد بني أسد

- ‌وفد بني محارب

- ‌أفضل وافد: ضمام بن ثعلبة

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يرسل خالدًا إلى اليمن

- ‌جذور الخوارج

- ‌ابن صياد وهل هو المسيح الدجال

- ‌قصة الدجال الحقيقي والجساسة

- ‌وفد اليمامة

- ‌كذاب اليمن الأسود العنسي

- ‌أبو رجاء العطاردى يعترف

- ‌قدوم عدي بن حاتم

- ‌وفد نصارى نجران

- ‌عبد الله بن سلول مريض

- ‌ابن سلول يطلب ثوب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قائمة بأسماء المنافقين

- ‌موت إبراهيم عليه السلام

- ‌الشمس قد كسفت يوم موت إبراهيم

- ‌صفة صلاة الكسوف

- ‌رمضان العام العاشر مختلفًا

- ‌قصة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌البداية كانت ترغيبًا

- ‌ثم دعوة للحج

- ‌مواقيت الحج المكانية

- ‌ملابس لا تجوز في الإحرام

- ‌محظورات الإحرام

- ‌أسماء المواقيت المكانية

- ‌توقف في واد يقال له وادي العقيق

- ‌ما معنى عمرة في حجة

- ‌متى غادروا المدينة والوصول إلى الميقات

- ‌الروحاء حيث الذكريات والوعود والتشريع

- ‌الاشتراط

- ‌حكم الهدي إذا جرح أو أصيب

- ‌تاريخ الوصول إلى مكة

- ‌التمتع

- ‌ماذا عن النساء في دورتهن

- ‌الاغتسال قبل دخول مكة

- ‌من أي مكان دخل مكة وفي أي وقت

- ‌ما هو أول شيء فعله

- ‌الطواف

- ‌هل هناك أدعية مخصوصة أثناء الطواف

- ‌بعد الطواف

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌السكن في الحجون

- ‌علي بن أبي طالب وأبا موسى يصلان من اليمن

- ‌جاء اليوم الثامن من ذي الحجة

- ‌وجاء اليوم التاسع (يوم عرفة)

- ‌التكبير والتلبية يوم عرفة

- ‌الخطبة يوم عرفة

- ‌صلاة الظهر والعصر في عرفة

- ‌الوقوف عن جبل عرفة

- ‌أي الأماكن من عرفة يجوز الوقوف بها

- ‌فضل يوم عرفة

- ‌أهمية الوقوف بعرفة بالنسبة للحجاج

- ‌مغادرة عرفة نحو مزدلفة

- ‌أهمية الوقوف بمزدلفة

- ‌التوجه نعو المشعر الحرام

- ‌إلى منى لرمي جمرة العقبة

- ‌مر بطريقه بوادى محسر

- ‌ حجم الحصى

- ‌توقف عن التلبية عند الرمي

- ‌عظمة هذا النبي يوم الرمي

- ‌نحو المذبح

- ‌سنته في نحر الإبل

- ‌سنته في ذبح الغنم

- ‌السماحة في مكان الذبح

- ‌التيسير في أمر لحوم الهدي

- ‌ماذا عن الذي لا يستطيع النحر

- ‌الحلق بعد النحر

- ‌خطب الناس يوم النحر

- ‌لا حرج

- ‌طواف الإفاضة

- ‌التوجه نحو بئر زمزم للشرب منه

- ‌العودة بعد الإفاضة إلى منى

- ‌سنته عليه السلام وطريقته في الرمي:

- ‌الاكتفاء بالرمي يومين فقط

- ‌هل المبيت في مني واجب على كل الحجيج

- ‌للرعاة أن يرموا بالليل

- ‌طواف الوداع واجب

- ‌ماذا عن المرأة الحائض وطواف الوداع

- ‌عائشة تريد أداء العمرة

- ‌شكوى زوجته صفية من جملها

- ‌حفصة تسب صفية

- ‌آثار سورة النصر

- ‌نعي مبكر

- ‌آخر خطبة للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌آلام سم اليهودية

- ‌وجاء يوم الخميس

- ‌عودة أسامة بن زيد

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يخرج للصلاة

- ‌جاء يوم الأحد

- ‌ودخل فجر يوم الإثنين

- ‌الموت

- ‌خرج أبو بكر في وقت أبي بكر

- ‌خطبة عمر

- ‌سقيفة بني ساعدة

- ‌وجاء يوم الثلاثاء

- ‌تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم وتكفينه

- ‌آخر المعجزات عند غسله

- ‌مزج الماء بالكافور

- ‌تطييبه عليه السلام

- ‌تكفينه صلى الله عليه وسلم

- ‌الصلاة عليه

- ‌دفنه ليلًا

الفصل: وسكينة وخشوع مخضبة بالدموع والبكاء .. فتحول المسجد وبيت عائشة

وسكينة وخشوع مخضبة بالدموع والبكاء .. فتحول المسجد وبيت عائشة إلى ساحة من النحيب والأنِين والرضا بقضاء الله والحمد للذي لا يحمد على مكروه سواه .. ولا أدري ما هي حال المكان بعد دخول أمهات المؤمنين وبقية النساء .. لا أدري ما هي حال الفقراء والمساكين وأهل الصفة وهم يصلون على كافلهم والحاني عليهم .. وكيف هي حال المدينة كلها في ذلك اليوم الثقيل المؤلم ..

انتهى الرجال والنساء والأطفال من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا الدنيا مساء وإذا الشمس قد غربت فلم يجدوا بدًا من:

‌دفنه ليلًا

في غرفه عائشة وذلك لأنه المكان الذي توفي فيه وقد سألوا أبا بكر عن ذلك فقالوا: "يا صاحب النبي صلى الله عليه وسلم هل يدفن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم قالوا: وأين يدفن؟ قال: في المكان الذي قبض الله فيها روحه فإنه لم يقبض روحه إلا في مكان طيبة"(1) وتقول عائشة رضي الله عنها: "لما مات النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: أين يدفن فقال أبو بكر: في المكان الذي مات فيه"(2) لكن الصحابة قد تحيروا من ذهولهم في كيفية شكل قبره هل يضرحون له أم يلحدونه .. تقول عائشة الحزينة عائشة التي فقدت دلال حبيبها وعنايته: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجل يلحد وآخر يضرح فقالوا: نستخير

(1) جزء من حديث سالم بن عبيد الصحيح.

(2)

سنده صحيح رواه ابن سعد 2 - 292 أخبرنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وأبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك ثقه ثبت من رجال الشيخين: التقريب وبقية السند صحيح على شرط مسلم 4 - 1836.

ص: 314

ربنا فبعث إليهما فأيهما سبق تركناه فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فألحدوا له" (1)

والضريح شق في الأرض أما اللحد فشق كذلك ولكن في أسفله وبالتحديد في جهة القبلة منه ميل في زاوية القبر يوضع فيها الميت على جنبه الأيمن تجاه القبلة .. ولما وصل الرجل الذي يلحد حفر لحدًا للنبي صلى الله عليه وسلم وعاونه بعض الصحابة .. كانت المساحي تحفر قلب عائشة ومن معها .. وتدمي قلوب المؤمنين الساهرين حول بيت نبيهم صلى الله عليه وسلم .. تقول عائشة رضي الله عنها: "ما شعرنا بدفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل"(2) .. وكان عدد الذين دخلوا القبر أربعة رجال أو أكثر .. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل وأسامة"(3) وقال أحد الصحابة "إنهم أدخلوا عبد الرحمن بن عوف فكأني أنظر إليهم في القبر أربعة"(4) .. وبعد أن أتموا حفر قبره الشريف ودخلوه

(1) سنده قوي رواه أحمد 3 - 139 وابن ماجه 1 - 496 من طريق المبارك بن فضالة حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك والمبارك صدوق لكنه مدلس لكنه صرح بالسماع من شيخه التابعي الثقة حميد الطويل وله شاهد قوي صحيح السند رواه ابن سعد بالسند السابق.

(2)

سنده قوي رواه عبد الرزاق 3 - 520 عن ابن جريج وغيره عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة عن عائشة .. عمرة تابعية ثقة أكثرت الرواية عن عائشة وأبو بكر بن محمَّد عمرو بن حزم وابنه ثقتان وابن جريج ثقة وقد توبع لأنه مدلس كما رواه ابن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر وفاطمة بنت محمَّد عن عمرة عائشة.

(3)

سنده صحيح رواه أبو يعلى 4 - 253 وعبد الرزاق 3 - 495 والبيهقيُّ 4 - 53 من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبى قال أخبرني ابن عباس وقال الشعبى حدثني أبو مرحب وهذا السند صحيح إسماعيل ثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب 1 - 68 والشعبي تابعى ثقة من أئمة التابعين.

(4)

سنده صحيح رواه أبو يعلى 4 - 253 وعبد الرزاق 3 - 495 والبيهقيُّ 4 - 53 من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال أخبرني ابن عباس وقال الشعبي حدثني أبو مرحب =

ص: 315

فرشوا على أرض القبر كساء أحمر يسمى قطيفة يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء"(1).

وبعد أن فرشت تلك القطيفة قال علي رضي الله عنه: "إنما يلي الرجل أهله"(2) ويبدو أن عبد الرحمن خرج مكسورًا من القبر فنزل بدلًا منه قثم بن العباس رضي الله عنهم جميعًا .. وحانت ساعة الوداع المريرة .. حان وضع الحبيب في قبره فلن تراه العيون بعد اليوم إلا يوم القيامة .. حانت ساعة النحيب المر في ليلة كان السهر والحزن هو الجليس لأهل المدينة .. حيث حمل النبي صلى الله عليه وسلم من فوق السرير فاستلمه علي ومن معه في القبر فأدخلوه في اللحد على جنبه الأيمن باتجاه القبلة ثم جعلوا اللِّبْنَ منصوبًا على اللحد .. وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يشهد المنظر ويقول لمن حوله: "ألحدوا لي لحدًا وانصبوا علي اللبن نصبًا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم"(3)

وبعد أن فعل علي ومن معه رضي الله عنهم ذلك خرجوا ليهيلوا التراب على القبر وكان آخر من خرج من القبر قثم بن العباس .. يقول علي رضي الله عنه: "أحدث الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن

= وهذا السند صحيح إسماعيل ثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب 1 - 68 والشعبي تابعي ثقة من أئمة التابعين.

(1)

صحيح مسلم 2 - 665.

(2)

سنده صحيح رواه أبو يعلى 4 - 253 وعبد الرزاق 3 - 495 والبيهقيُّ 4 - 53 من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال أخبرني ابن عباس وقال الشعبي حدثني أبو مرحب وهذا السند صحيح إسماعيل ثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب 1 - 68 والشعبي تابعي ثقة من أئمة التابعين.

(3)

صحيح مسلم 2 - 665.

ص: 316

عباس" (1) .. لكن المغيرة بن شعبة كان يرقب المشهد بألم .. كان يفرك دهاءه كي يمس النبي عليه السلام في قبره قبل أن يهال التراب عليه: "فلما وضع في لحده صلى الله عليه وسلم قال المغيرة: قد بقي من رجليه شيء لم يصلحوه قالوا: فادخل فأصلحه فدخل وأدخل يده فمس قدميه فقال: أهيلوا علي التراب فأهالوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف ساقيه ثم خرج فكان يقول: أنا أحدثكم عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم" (2).

ثم أهالوا التراب والدموع عليه وبكاه من في بيت عائشة ومن في المسجد ومن في الطرقات والمنازل .. بكوا ذلك النبي الذي كان أرحم الناس بهم وأحب الناس إليهم .. بكوا محمدًا الذي كانت مصيبة موته تخفف كل المصائب التي تمر بالمؤمنين .. محمدًا الذي فارق الحياة جسدًا لكنه بقي سنة ومنهجًا .. نهض الصحابة من عند قبره مثقلين بالكمد

(1) سنده صحيح رواه ابن إسحاق السيرة النبوية 6 - 87 حدثني أبي؛ إسحاق بن يسار عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل عن مولاه عبد الله بن الحارث عن علي وهو سند صحيح فوائد ابن إسحاق تابعى ثقة وكذلك مقسم وعبد الله بن الحارث مجمع على توثيقه انظر التقريب 1 - 408.

(2)

سنده صحيح رواه أحمد 5 - 81 وغيره من طريق عن حماد بن سلمة عن أبي عمران يعني الجوني عن أبي عسيب أو أبي عسيم قال بهز إنه شهد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأبو عسيب صحابي وأبو عمران الجوني اسمه عبد الملك بن حبيب وهو ثقة من كبار التابعين: التقريب 1 - 518 وحماد إمام ثقة معروف.

ص: 317

محملين بسنته وقرآن ربه وربهم .. نهض الصحابة بعد دفنه ولم يعكفوا عند قبره ولم يحولوا ذلك القبر إلى مزار مرصع بالجواهر مطلي بالذهب .. بل إن عائشة استمرت في السكن في بيتها ولم تفارقه .. أما الصحابة فلم يضيعوا أوقاتهم عند قبره بتلاوة الأشعار والمدائح والبكائيات الفارغة بل ولا بقراءة القرآن .. لقد علمهم عليه الصلاة والسلام كيف يصنعون الحياة .. كيف يشرقون كالشمس في عروق المستقبل والأجيال .. نهضوا من عند قبره فحملوا رسالته إلى العالم لينقذوه بها كما أنقدهم هو قبل ذلك بها .. فصلى الله عليه وسلم وجزاه عنا خير ما جزى نبيًا عن أمته وجمعنا به في جناته.

ص: 318