الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عنه وطريقة قتله في ميزان محمَّد الإنسان لا النبي جعلته لا يطيق النظر إلى وجه قاتل حمزة ذلك الوجه الذي سيجدد أحزانه وينشط أوجاعه ..
وبعد إسلام ثقيف ووحشي
..
بعد تلك الدروس وغيرها وبعد أيام ودعوا نبيهم صلى الله عليه وسلم متجهين نحو الطائف .. ولما وصلوا إلى حيث رواحلهم التي يحرسها الشاب عثمان بن العاص طلبوا منه التحرك وعدم الدخول إلى المدينة .. لكن ذلك الشاب كان يحمل في قلبه أشياء لا يستطيع أحد أن يحملها أو يترجمها عنه .. يقول رضي الله عنه: إن قومه ثقيف "خرجوا فقالوا: انطلق بنا قلت: أين؟ فقالوا: إلى أهلك .. فقلت. ضربت من أهلي حتى إذا حللت بباب النبي صلى الله عليه وسلم أرجع ولا أدخل عليه وقد أعطيتموني من العهد ما قد علمتم قالوا: فاعجل فإنا قد كفيناك المسألة لم ندع شيئًا إلا سألناه عنه .. فدخلت .. فقلت: يا رسول الله: ادع الله يفقهني في الدين ويعلمني .. قال: ماذا قلت فأعدت عليه القول فقال: لقد سألتني شيئًا ما سألني عنه أحد من أصحابك اذهب فأنت أمير عليهم وعلى من تقدم عليه من قومك وأُمَّ الناس بأضعفهم"(1) ثم أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بوصية هامة:
تحريم اتخاذ مؤذن يطلب أجرًا على أذانه
قال صلى الله عليه وسلم لعثمان "أنت إمامهم فاقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا"(2)
(1) حديث صحيح مر معنا أوله عند قدوم وفد ثقيف.
(2)
سنده صحيح أحمد 4 - 21وغيره من طريق سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص .. فسعيد بن إياس ثقة التقريب 1 - 291 وأبو العلاء كان ثقة فاضلًا =
فالتطويل على الناس في الصلاة ليس دليل علم بل دليل جهل إذا كان فيهم الضعيف والمريض .. واتخاذ الأجر على الأذان ينقل الأذان من قائمة العبادات إلى قائمة الحرف والمهن والوظائف الدنيوية .. وقد يفقد صاحبها ذلك الحلم الرائع الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة عندما يكون "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة"(1) وهذا ما يبحث عنه عثمان الذي يواصل حديثه الممتع فيقول "فخرجت حتى قدمت عليه مرة أخرى فقلت يا رسول الله اشتكيت بعدك"(2)
فـ"شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل باسم الله ثلاثًا .. وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وحاذر"(3) وشكا له أمرًا آخر يجده في صلاته "فقال يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي .. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثًا .. قال: ففعلت ذلك .. فأذهبه الله عني"(4)
ومثل هذا الشيطان الذي عرض لعثمان في صلاته شياطين آخرون يعرضون لكل مسلم يصلي وبطريقة غاية في الخبث .. فهم يشغلون المصلي بالطريقة التي يحبها المصلى نفسه .. فهو يأتي التاجر أثناء صلاته بقائمة من
= كبير القدر سير أعلام 4 - 494 أما مطرف بن عبد الله فتابعي كبير ثقة التقريب 2 - 253.
(1)
صحيح مسلم 1 - 290.
(2)
هو آخر حديث عثمان السابق.
(3)
صحيح مسلم 4 - 1728.
(4)
صحيح مسلم 4 - 1728.
المشاريع الاقتصادية الناجحة ويذكره بما له وما عليه ويثير خوفه على ماله .. ويقدم لمن تستهويه النساء ألبومًا بالصور والأساليب الجديدة للقنص .. أما العلماء فهو يحاورهم في بحوثهم ومراجعهم وآخر ما توصلوا إليه بل يناقش بعضهم بأمور الصلاة نفسها ويشغلهم بصلاة من حولهم وكيف يرتكبون أخطاء فيها .. أما العباد والزهاد الذين لا يحتمل أن الشيطان يستطيع التغلغل إلى صلاتهم فهو يقدم لهم النصح والإرشاد والوعظ أيضًا أثناء صلاتهم ويحثهم على القيام بأداء النوافل بعد الصلاة والتصدق وبر الوالدين وصلة الرحم بل ويذكرهم بعناوين الأقارب الذين لم يروهم منذ فترة وفي النهاية يسلم المصلي وقد أدرك أنه كان في رحلة مثيرة مع الشيطان ..
أما قصة عثمان مع الشيطان فيقول عنها: "قلت: يا رسول الله إني أجد في نفسي شيئًا قال: أدنه فجلسني بين يديه ثم وضع كفه في صدري بين ثديي ثم قال تحول فوضعها في ظهري بين كتفي ثم قال: أم قومك فمن أم قومًا فليخفف فإن فيهم الكبير وإن فيهم المريض وإن فيهم الضعيف وإن فيهم ذا الحاجة وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء"(1) وكان "آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أممت قومًا فأخف بهم الصلاة"(2) فـ"آخر ما فارقه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صليت بقوم فخفف بهم حتى وقت لي اقرأ باسم ربك الذي خلق""وأشباهها من القرآن"(3) وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي يقول عنها أنس
(1) صحيح مسلم 1 - 341.
(2)
صحيح مسلم 1 - 342.
(3)
سنده قوي رواه أحمد 4 - 218 واللفظ له والآخر لـ ابن سعد 5 - 508 عن عبد الله بن عثمان بن خثيم قال حدثني داود بن أبي عاصم عن عثمان بن أبي العاص وداود تابعي ثقة: التقريب 1 - 232 وتلميذه عبد الله صدوق من رجال مسلم: التقريب 1 - 432.