الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من بلغ بسهم في سبيل الله فهو له عدل محرر (1) فبلغت يومئذ بستة عشر سهما فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فهو له درجة في الجنة .. ومن شاب شيبة في الإِسلام كانت به نورًا يوم القيامة .. وأيما رجل مسلم أعتق رجلًا مسلمًا فإن الله عز وجل جاعل وفاء كل عظم من عظامها محرر من النار وأيما امرأة مسلمة أعتقت فإن الله عز وجل جاعل وفاء كل عظم من عظامها محرر من النار" (2)
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجفف منابع الرق حول أسوار الطائف بل داخل أسوار الطائف بعد أن فشلت الأسهم فلم تُجْدِ شيئًا ورد أهل الطائف عليها فاستشهد صحابيان جليلان وسقطا دون أسوار الطائف المنيعة. بما حدا بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى استخدام أساليب جديدة في حربه مع مشركي الطائف .. من هذه الأساليب أسلوب نقل الحرب إلى داخل أسوار الطائف دون تكبد خسائر أو حتى أدنى مشقة وذلك عن طريق التحريض على التمرد والعصيان العام وذلك بتقديم إغراءات لمن يقوم بـ ..
التمرد والفرار من أسوار الطائف
هذا العرض يستفيد منه أناس لهم ثقلهم في حرب المدن وهم الأرقاء .. وهو عرض يواصل تجفيف الرق داخل الطائف نفسها .. فمن هرب من ديار الشرك من العبيد إلى معسكر المسلمين فهو حر كما حدث
(1) أجر عتق رقبة
(2)
سند صحيح رواه الطيالسي 1 - 157حدثنا هشام عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي نجيح السلمي قال ورواه غير الطيالسي من الطريق نفسه .. وهشام الدستوائي ثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب 2 - 319 وشيخه إمام ثقة معروف وسالم تابعي ثقة: التقريب 1 - 279 وكذلك شيخه معدان 2 - 263.
قبل عامين في الحديبية .. وقد استجاب ثلاثة وعشرون من أرقاء الطائف فهربوا وتدلوا كالفرح من تلك الأسوار .. أبرزهم رجل يدعى أبو بكرة الذي "نزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف"(1) حصل المسلمون على بعض ما أرادوا وانقذف الرعب في قلوب المشركين وأدركوا أن الفتح إن لم يحدث اليوم فهو قادم لا محالة .. أما في معسكر المسلمين فالدولة الإِسلامية كانت تمارس أنشطتها خلف أسوار الطائف وكأن الدولة ليست في حالة حرب .. كان صلى الله عليه وسلم يمارس دوره التربوي حتى في ظروف الحرب فالقائد الناجح لا يتخلى عن مبادئه ومرتكزاته .. هي زاده وجراب زاده ..
كان صلى الله عليه وسلم يصحب زوجاته في تلك المعركة وبينما هو متوجه نحو خباء زوجته أم سلمة سمع كلمة أزعجته فبادر إلى إصلاحها وإصلاح قائلها وسامعها أيضًا .. فقد كان ضمن جيش المسلمين شخص لم يتحدد جنسه حتى الآن هل هو ذكر أم أنثى وكانوا يطلقون على هذا النوع من الناس لقب: (المخنث) وكان هذا الشخص جالسًا عند أم سلمة ويتحدث إلى أحد الصحابة بلهجة الرجال الذين يميلون إلى النساء .. كان يتكلم بطريقة فيها من قلة الذوق أمام النساء ما أغضب النبي صلى الله عليه وسلم حيث تقول "أم سلمة رضي الله عنها: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي مخنث فسمعه يقول لعبد الله ابن أمية يا عبد الله أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غدًا فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان"(2) فهو يصف امرأة بعينها ويسميها ويغري أحد المسلمين بجسدها الممتلئ حتى تثني بطنها من الإمام فأصبح أربعة أحزمة دهنية لدرجة أن بإمكانه رؤية أطراف تلك الأحزمة الدهنية
(1) صحيح البخاري 4 - 1573.
(2)
صحيح البخاري 4 - 1572.
من خلفها لأنها تطل من جوانبها .. أربعة من الجانب الأيمن ومثلها من الجانب الأيسر .. عندها "قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخلن هؤلاء عليكن"(1) .. فهذا الشخص يبدو أنه خبير بالطائف أو من أهلها وبدلًا من أن يكشف للمسلمين نقاط ضعف فيها تؤدي إلى فتحها .. أشغل نفسه بكشف العورات وإثارة غرائز المجاهدين .. ويبدو أنه يجهل أحكام الجهاد الصارمة وحرمة أعراض الأعداء حتى في حالة السبي وأن هناك أحكامًا للنصر يرجع فيها للنبي صلى الله عليه وسلم .. فليس هناك إباحية أو همجية أو اغتصاب في غمرة الانتشاء بالنصر .. هناك انضباط وخوف من الله .. فالمسلم لم يخرج طلبًا للنساء ولا للمال والشهرة بل خرج طلبًا للموت في سبيل الله أن تكون كلمة الله هي العليا .. أما من يتهور في انتهاك الحرمات بدعوى أن أولئك النساء كافرات فهو يرتكب حماقة وجريمة خلقية تستحق اللعن .. ولما حاول أحد المسلمين فعل ذلك مع امرأة حامل غضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبًا كاد الرجل أن يحترق به وذلك لما "أتى بامرأة مجح على باب فسطاط فقال: لعله يريد أن يلم بها فقالوا: نعم .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد هممت أن ألعنه لعنًا يدخل معه قبره .. كيف يورثه وهو لا يحل له كيف يستخدمه وهو لا يحل له"(2)
لم يفلح ذلك الشخص بنصيحته بل خسر ثقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .. وخسر توقعاته بفتح الطائف فقد طالت مدة الحصار ولم تفلح جهود المسلمين في اقتحامها .. لذلك قرر صلى الله عليه وسلم العودة إلى الجعرانة حيث تقبع الغنائم والسبي لكن بعض الصحابة تضايق من العودة دون دخول الطائف في الإِسلام مما جعلهم يعترضون على العودة ويصرون على القيام بـ
(1) صحيح البخاري 4 - 1572.
(2)
صحيح مسلم 2 - 1065.