الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحطمه فوق رؤوسهم فأصبحوا خائفين خجلين من أنفسهم ومن الشوارع والأطفال والرجال والنساء وحتى من نخيل المدينة وجدرانها .. أما المؤمنون فيذكرهم إلههم بحال نبيهم عندما كان شريدًا طريدًا هو وأبو بكر في غار ثور .. وكيف تحقق له نصر الله عليهم .. وها هم الذين كانوا يطاردونه يتأهبون لغزو الروم خلفه جنودًا مخلصين .. وسوف يأتي اليوم الذي يتأهب الروم خلفه عليه الصلاة والسلام أو خلف من يخلفه ولكن حسابات المنافقين لا تتغير أبدًا ..
نهض الصحابة خلف نبيهم في معركة تمحيص النوايا وتميز الإيمان .. ولإن كانت خيبر تحمل بصمة لعلي رضي الله عنه فإن بصمة عثمان كانت الأبرز على غزوة تبوك .. لكن ما الذي حدث لعلي هذه المرة .. إنه ليس ضمن المسافرين هل هو الرمد مرة أخرى ..
علي يتخلف عن تبوك
فقد سار النبي صلى الله عليه وسلم مغادرًا المدينة "ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد .. واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا وعدوًا كثيرًا فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ يريد الديوان .. فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي الله .. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال .. وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه"(1) ثم خرجوا وقبل خروجهم توقف وتوقف معه علي رضي الله عنه معاتبًا ومتوسلًا أن يصحبه في هذا السفر الذي يحتاج إلى
(1) حديث صحيح رواه البخاري 4 - 1602.
علي وأمثاله رضي الله عنه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف عليًا .. فقال: أتخلفني والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي"(1).
كان عليه السلام يثمن كل مجهود وكل مجتهد .. وكان لا يغفل أي دور يقوم به أحد من أصحابه فلئن كان بقاء علي في المدينة يعني في نظر علي الغياب عن ساحة الوغى فإنه في نظر النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بدور هارون عندما توجه موسى نحو جبل الطور وهو دور لا يقل عن دور أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم .. وقد كان عليه السلام يعين في كل غزوة رجلًا من أصحابه خليفة له على المدينة - العاصمة واليوم هو دور علي .. لكن عليًا هنا تميز عن سابقيه بقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك استحق أن يكون بمنزلة هارون لأن هارون كان خليفة وأخًا لموسى في الوقت نفسه ..
يقوله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى تبوك خلَّف علي بن أبي طالب فأتاه بالجرف يحمل سلاحه فقال: يا رسول الله .. أتخلفني بعدك ولم أتخلف عنك في غزاة قط؟ قال: يا علي .. ارجع .. فقال: يا رسول الله .. إن المنافقين يزعمون أنك إنما خلفتني إلا استثقالًا بي .. قال: يا علي .. أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ارجع فاخلفني في أهلي وأهلك"(2).
وهو تميز يضع لكل فرد من أفراد الأمة مساحة يطلق فيها إبداعاته
(1) حديث صحيح رواه البخاري 4 - 1602.
(2)
سنده قوي رواه ابن إسحاق ومن طريقه الدورقي في مسند سعد 1 - 139: حدثني محمد ابن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أبا سعد بن أبي وقاص يقول وهو سند قوي إبراهيم تابعى ثقة من رجال الشيخين التقريب 1 - 35 وتلميذه ثقة أيضًا التقويب 2 - 173.