الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنافقين على هذه النجاحات التي صارت تحققها دولة الإسلام في فترة قياسية من أعمار الأمم .. وقد حدث بين أحد المهاجرين والأنصار خلاف حاول المنافقون استثماره لإشعال سعير الفتنة داخل هذا الجيش المسلح عل هذه الأسلحة تجد أغمادًا لها داخل أجساد المؤمنين وذلك بعدما تعالى
صراخ الجاهلية داخل معسكر المؤمنين
وكانت بداية هذا النزاع مزاحًا ثقيلًا من أحد المهاجرين المرحين حيث قام بضرب أخيه الأنصاري برجله أو بيده في مؤخرته فلم يتحمل الأنصاري هذا المزاح الثقيل .. يقول جابر رضي الله عنه: "غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريًا فغضب الأنصاري غضبًا شديدًا حتى تداعوا وقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين"(1) ويقول أيضًا: "اقتتل غلامان .. غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجر أو المهاجرون يال المهاجرين .. ونادى الأنصار يال الأنصار فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا دعوى أهل الجاهلية قالوا: لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر قال: فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا إن كان ظالمًا فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلومًا فلينصره"(2).
بهذه العدالة والحكمة تقتل الفتنة مهما كانت كبيرة .. انصر أخاك ظالمًا بمنعه من الظلم وانصره مظلومًا بالدفاع عنه .. لكن عبد الله بن أبي ابن سلول لم تعجبه تلك الحكمة ولا تلك العدالة فقرر أن يثير مزابل
(1) صحيح البخاري 3 - 1296.
(2)
صحيح مسلم 4 - 1998.
النفاق التي طال ركودها في وجه المؤمنين لعل وعسى أن تقوم حرب أهلية داخل المدينة يتم فيها طرد النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين لتعود الأصنام والجاهلية والخرافة فيتوج ابن سلول ملكًا عليها .. يقول جابر رضي الله عنه: "سمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال دعوى جاهلية قالوا: يا رسول الله .. كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال: دعوها فإنها منتنة .. فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال فعلوها أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقام عمر فقال: يا رسول الله .. دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه .. وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة ثم إن المهاجرين كثروا بعد"(1)
فأغاضت كثرتهم صدور المنافقين وتبنى زعيمهم مشروعًا لطردهم من المدينة وهو لا يستطيع ذلك مهما فعل والدولة الإسلامية أقوى من أن تتأثر بقول منافق .. لكن هذا القول يخلق نوعًا من العصبية المقيتة التي قد تستشري في المستقبل وتفسد قلوب كثير من الناس وتنحرف بنواياهم وجهودهم نحو زوايا ضيقة وحفر صغيرة جربها العرب آلاف السنوات قبل محمد صلى الله عليه وسلم فما تقدموا شبرًا واحدًا ..
وقد وصل هذا التهديد لمسامع البى صلى الله عليه وسلم فقدم لأصحابه ولخلفائه وللزعماء من بعده درسًا في التعامل مع أقوال الخصوم من رعاياهم مهما كانوا .. وحطم عليه السلام أي حجة تبرر فيها السلطة التنكيل بمن تشاء لمجرد أنهم قالوا كلامًا يصادم سياستها أو يحتج على ممارسة من ممارساتها .. فها هي السلطة ممثلة بالنبي صلى الله عليه وسلم تكذب مؤمنًا وهي تعلم أنه صدوق لأنه لم
(1) صحيح البخاري 4 - 1861.