الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بإنجاز فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من يحفر بئر رومة فله الجنة فحفرها عثمان .. وقال من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزه عثمان"(1).
عثمان يتحدث عن ذلك عندما أشرف على الناس من فوق داره ثم "قال أذكركم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جيش العسرة من ينفق نفقة متقبلة والناس مجهدون معسرون فجهزت ذلك الجيش قالوا نعم ثم قال أذكركم بالله هل تعلمون أن بئر رومة لم يكن يشرب منها أحد إلا بثمن فابتعتها فجعلتها للغني والفقير وابن السبيل قالوا اللَّهم نعم وأشياء عددها"(2). ومن المؤكد أن هناك من استجاب بسخاء لذلك النداء النبوي لا سيما وأن هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها للتبرع للجيش بينما كان في المعارك السابقة يدعو القادرين وأصحاب الرواحل للاستعداد .. ولعل عمر بن الخطاب كان في سباق .. لكن منافسه لم يكن يشعر به بقدر ما كان يشعر بنداء النبي صلى الله عليه وسلم.
عمر يحاول منافسة أبي بكر
يقول رضي الله عنه: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالًا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا فجئت بنصف مالي
(1) حديث صحيح رواه البخاري 3 - 1351.
(2)
سنده رواه الترمذيُّ 5 - 625 حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا عبيد الله بن عمر عن زيد هو بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: والسلمي تابعي كبير وثقة ثبت من رجال الشيخين: التقريب 1 - 108 وتلميذه تابعي ثقة مشهور وزيد ثقة من رجال الشيخين التقريب 1 - 272 وتلميذه عبيد الله بن عمرو ثقة انظر التقريب 1 - 537 (ملاحظة: ذكر الحافظ رحمه الله أنه من الثالثة وترجمته لا توحي بذلك والصواب أنه تابع تابعي لأنه يروي عن صغار التابعين كالأعمش وتلميذه ثقة أيضًا: التقريب 1 - 406 وهو من رجال الشيخين وتلميذه هو الإمام الدارمى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله .. فأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال: يا أبا بكر .. ما أبقيت لأهلك؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله .. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا" (1).
ولعل هؤلاء الثلاثة يجدون منافسة من رجل الأعمال الناجح المجاهد الرائع عبد الرحمن بن عوف الذي يقول: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثًا .. فقال عبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله .. إن عندي أربعة آلاف؛ ألفين أقرضهما الله وألفين لعيالي .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله لك فيما أعطيت .. وبارك لك فيما أمسكت .. فقال رجل من الأنصار: وإن عندي صاعين من تمر صاعًا لربي وصاعًا لعيالي"(2).
لكن يبدو أن المنافقين لم يعجبهم هذا التسارع الجميل بالنفس والمال نحو تبوك فقاموا بتعويض قصورهم بإطلاق الألفاظ الساخرة من المؤمنين يشفون بها تشوهات نفوسهم ويطفئون بها جمر الحقد في قلوبهم: "فلمز المنافقون وقالوا ما أعطى ابن عوف هذا إلا رياء وقالوا أو لم يكن الله غنيًا عن صاع هذا فأنزل الله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (3).
(1) سنده صحيح رواه الدارمى 1 - 480 أخبرنا أبو نعيم ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر وله طريق آخر عند البزار 1 - 263 حدثنا محمد بن عيسى نا إسحاق بن محمد الفروي نا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر.
(2)
سنده حسن رواه الطبري 10 - 195 والبزار من طريق أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه وهو حسن من أجل عمر حفيد ابن عوف وهو حسن الحديث إذا لم يخالف قال الحافظ في التقريب صدوق يخطئ 2 - 56 وللحديث شواهد في الصحيح وغيره.
(3)
هو آخر الحديث السابق تفسيره.