الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البغلة .. ثم قبض قبضة من تراب من الأرض .. ثم استقبل به وجوههم فقال:
شاهت الوجوه
فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل" (1) وقد اختصر سلمة أحداثًا رآها غيره قبل أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم.
شاهت الوجوه
فالعباس كان هناك يرى ويقاتل ويروي تفاصيلًا فاتت سلمة فيقول "لزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه .. ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي .. فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار قال عباس وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكفها إرادة أن لا تسرع .. وأبو سفيان ابن الحارث آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي عباس ناد أصحاب السمرة .. فقال عباس وكان رجلًا صيتًا: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة .. فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا: يا لبيك يا لبيك .. فاقتتلوا والكفار والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار .. ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج .. فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج .. يا بني الحارث بن الخزرج .. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا حين حمي الوطيس
(1) صحيح مسلم 3 - 1402.
ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار
ثم قال: انهزموا ورب محمَّد
…
فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى .. فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى أحدهم كليلًا وأمرهم مدبرًا" (1) حتى انقشع الغبار فإذا ساحة الحرب أكوام من القتلى و"الأسرى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم" (2) أما الغنائم فهائلة لا تعد ولا تحصى .. إنها ثروة هوازن وما تملك كاملة وثروة من جاء معها من المشركين .. تحولت إلى أيدي المسلمين بعد أن كادت تضيع منهم ويضيع معها ما هو أثمن .. ليس هناك ألفاظ تعبر عما جرى مثل كلمات الله {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} .
.. وبعد أن هدأ كل شيء "التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب .. وكان ممّن صبر يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكان حسن الإِسلام .. حين أسلم وهو آخذ بثفر بغلته فقال من هذا؟ قال: أنا ابن أمك يا رسول الله"(3). يقول أبو قتادة:
ثم إن "الناس رجعوا وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه .. فقمت فقلت: من يشهد لي .. ثم جلست، ثم قال: من قتل
(1) صحيح مسلم 3 - 1398.
(2)
آخر حديث ابن إسحاق الصحيح الماضي.
(3)
آخر حديث ابن إسحاق الصحيح الماضي.
قتيلًا له عليه بينة فله سلبه .. فقمت فقلت: من يشهد لي .. ثم جلست .. ثم قال الثالثة مثله .. فقمت .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك يا أبا قتادة؟ فاقتصصت عليه القصة فقال رجل: صدق يا رسول الله وسلبه عندي فأرضه عني .. فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يعطيك سلبه .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق فأعطه. فبعت الدرع .. فابتعت به مخرفًا في بني سلمة .. فإنه لأول مال تأثلته في الإِسلام" (1)
هذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم في سلب المقتول وهي غير الغنائم .. فالغنائم تم توزيعها من قبل الله سبحانه الذي قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} أما السلب فهو أسلحة وأمتعة القاتل المشرك الشخصية وهو من حق من يقتله من المؤمنين أثناء المعركة وللسلب قيمة معنوية تحفيزية على الإقدام أثناء المعركة .. يقول صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه"(2)
ولما سمع الصحابة هذا الكلام منه صلى الله عليه وسلم جاء أبو طلحة لأخذ ما يستحق .. يقول أنس بن مالك رضي الله عنه "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: من قتل كافرًا فله سلبه .. فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلًا فأخذ أسلابهم"(3)
أما الغنائم الهائلة فلم يقسمها النبي صلى الله عليه وسلم حتى الآن فتوزيعها ليس في
(1) صحيح البخاري 3 - 1144.
(2)
صحيح مسلم 3 - 1371.
(3)
سنده صحيح رواه ابن أبي شيبة 7 - 419 حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك ورواه غيره من طرق عن حماد بن إسحاق بن أبي طلحة تابعي ثقة حجة: التقريب 1 - 59.