الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاته فأفزع ذلك المسلمين .. فأكثروا التسبيح فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال: أحسنتم .. أو قال: قد أصبتم .. يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها" (1).
لم يستفد الصحابة من دروس العبادة فقط كان هناك
درس في الأحكام الجنائية
فقد حدث بين بعض الرجال ما يحدث بين البشر من نزاع وسوء تفاهم قد يصل إلى الاشتباك بالأيدي أحيانًا .. وقد وصلت الأمور هذه المرة إلى الاشتباك فتضرر أحد الطرفين فذهب مشتكيًا للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يؤدي دور القائد والأخ والقاضي والمعلم وقبل ذلك النبي .. صحابي اسمه: يعلي بن منية "رضي الله عنه قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فحملت على بكر فهو أوثق أعمالي في نفسي .. فاستأجرت أجيرًا فقاتل رجلًا فعض أحدهما الآخر فانتزع يده من فيه ونزع ثنيته .. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأهدرها (2) فقال: أيدفع يده إليك فتقضمها كما يقضم الفحل"(3) فتعلم الصحابة أن خسائر المعتدي لا تعوض لاعتدائه ولأنه هو السبب فيها لا خصمه .. وإذا كان أحد الصحابة قد خسر أحد أسنانه فإن آخرًا كاد أن يفقد حياته عندما حذر عليه السلام أصحابه:
أمرًا مرعبًا سيحدث على أرض تبوك
ومعجزة أخرى ستحدث على أرض المعجزات - تبوك .. يقول أحد
(1) صحيح مسلم 1 - 317.
(2)
أي لم يعوضه.
(3)
صحيح البخاري 3 - 1086.
الذين شاهدوا تلك الحادثة: "قدمنا تبوك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستهب عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقم فيها أحد منكم فمن كان له بعير فليشد عقاله فهبت ريح شديدة فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيء"(1) أما كيف عرف هذا الصحابي بمكان أخيه فهذا ما سنعرفه بعد العودة للمدينة التي يبدو أنها قد اقتربت .. فبعد أن "أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يومًا"(2) قال أبو هريرة رضي الله عنه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا يوم تبوك فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: إن الله أذن لكم بهذا المسير وقد أذن لكم بالرجوع [والذي نفس محمد بيده لولا أنه ليس عندي سعة فأعطيكم ولا تطيب أنفسكم أن تقعدوا خلفي ما قعدت خلف سرية ولا بعث من المسلمين فلوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيى ثم أقتل ثم أحيى بعدها مرارًا .. جرح الرجل .. جرح في سبيل الله والله أعلم بمن يجرح في سبيله يأتي يوم القيامة كلون الدم وريح المسك"(3) فتأهب الجميع للعودة إلى المدينة ثم تحركوا .. وبعد أن انطلق الجيش وخلال الطريق وجد معاذ بن جبل رضي الله عنه نفسه أقرب الناس إلى
(1) صحيح مسلم 4 - 1785.
(2)
سنده صحيح رواه أحمد 3 - 295 ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال: وابن ثوبان تابعي ثقة من رجال الشيخين: التقريب 2 - 182 وتلميذه مثله والبقية أئمة.
(3)
سنده حسن رواه ابن أبي عاصم في السنة 1 - 177 حدثنا ابن مصفى حدثنا بقية بن الوليد ثنا الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن أبي مريم عن أبي هريرة .. قال الإمام الألباني رحمه الله: إسناده حسن وفي ابن مصفى كلام يسير وبقية من جهة تدليسه ولكنه صرح بالتحديث وأبو مريم هو الأنصاري الشامى وهو ثقة وهو كما قال رحمه الله .. وفي ترجمة محمد بن مصفى أنه مدلس لكنه صرح بالسماع هنا والزيادة عند الطبراني في مسند الشاميين 2 - 33 وهي صحيحة لأنها زيادة الثقة يزيد بن عبد ربه الجرجسي وقد تابع محمد بن مصفى في روايته.
النبي صلى الله عليه وسلم ووجدها فرصة لا يمكن تفويتها .. لذلك قدم استفسارًا يلح على مشاعره بشدة .. فقال رضي الله عنه:
"أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فلما رأيته"(1) و"وقد أصاب الحر فتفرق القوم حتى نظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقربهم مني فدنوت منه
فقلت: يا رسول الله أنبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار
قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة المكتوبة وتوتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان
قال: وإن شئت أنبأتك بأبواب الجنة .. قلت أجل يا رسول الله
قال: الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله .. ثم قرأ هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} قال: وإن شئت أنبأتك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه .. قلت: أجل يا رسول الله ..
قال: أما رأس الأمر فالإسلام .. وأما عموده فالصلاة .. وأما ذروة سنامه فالجهاد في سبيل الله
وإن شئت أنبأتك. بملاك ذلك كله .. فسكت .. فإذا راكبان يوضعان قبلنا فخشيت أن يشغلاه عن حاجتى قال: فقلت: ما هو يا رسول الله؟
(1) حديثٌ حسنٌ رواه ابن أبي شيبة 6 - 158 أحمد 5 - 237 عن شعبة عن الحكم قال سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل وسنده فيه ضعف من أجل الراوي عن معاذ لكن يشهد له ما بعده ففيه متابعة قوية له.