الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملك أيلة وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردًا وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم" (1) "كتب له ببحرهم" (2) أي أبقاه النبي صلى الله عليه وسلم ملكًا على أيلة .. ثم بعث بسرية إلى مكان آخر هو
دومة الجندل
" بعث إلى أكيدر صاحب دومة بعثًا"(3) وأوكل قيادة هذه السرية إلى الفارس والقائد الذي لا يهزم: خالد بن الوليد رضي الله عنه .. وريثما يعود خالد من مهمته دعونا نتجول داخل هذا المعسكر الذي حوله النبي صلى الله عليه وسلم من معسكر جيش إلى مدرسة يتعلم منها الجميع .. حيث "أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يومًا"(4) وفي إحدى تلك الليالي وبعد أن فرغ من صلاته قام
النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بخمس
خمس هبات من الله لنبيه ولهذه الأمة تفيض رحمة ورأفة بهم .. وعزاء لهذا الجيش الذي عانى الكثير ولم يسعد بلقاء العدو وقطف الشهادة .. يقول أحد المشاركين في هذه الغزوة:
(1) حديث صحيح رواه البخاري 2 - 539 وابن حبان 10 - 355 واللفظ الأول له.
(2)
حديث صحيح رواه البخاري 2 - 539 وابن حبان 10 - 355 واللفظ الأول له.
(3)
سنده حسن رواه النسائي 8 - 199 وغيره من طريق محمد بن عمرو عن واقد بن عمرو ابن سعد بن معاذ قال دخلت على أنس بن مالك حين قدم المدينة فسلمت عليه فقال ممّن أنت قلت أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال إن سعدًا كان أعظم الناس وأطوله ثم بكى فأكثر البكاء ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وواقد تابعي ثقة من رجال مسلم: التقريب 2 - 329 وتلميذه حسن الحديث من رجال الشيخين: التقريب 2 - 196.
(4)
سنده صحيح رواه أحمد 3 - 295 ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال: وابن ثوبان تابعي ثقة من رجال الشيخين: التقريب 2 - 182 وتلميذه مثله والبقية أئمة.
يقول عبد الله بن عمرو بن العاص: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم فقال لهم لقد أعطيت الليلة خمسًا ما أعطيهن أحد قبلي:
أما أنا فأرست إلى الناس كلهم عامة وكان من قبلي إنما يرسل إلى قومه.
ونصرت على العدو بالرعب ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لملئ منه رعبًا ..
وأحلت لي الغنائم آكلها وكان من قبلي يعظمون أكلها كانوا يحرقونها ..
وجعلت لي الأرض مساجد وطهورًا أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت وكان من قبلي يعظمون ذلك إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم ..
والخامسة هي ما هي قيل لي سل فإن كل نبي قد سأل فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله" (1) ويقصد بها شفاعته لأمته يوم القيامة حيث يقول "صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا" (2)
وقد أعطى الله للنبي صلى الله عليه وسلم أربع شفاعات يوم القيامة:
الأولى: هي الكبرى وهي التي يقبلها صلى الله عليه وسلم تلبية لنداء البشر جميعًا بعدما
(1) سنده قوي رواه أحمد 2 - 222 وغيره من طرق عن يزيد بن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه .. يزيد بن الهاد تابعي صغير وثقة مكثر: التقريب 2 - 367 وعمرو عن أبيه عن جده إسناد حسن معروف.
(2)
صحيح مسلم 1 - 182.
يعتذر الأنبياء للناس عن مخاطبة الجبار يوم القيامة .. يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون له: اشفع لذريتك فيقول: لست لها ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام فإنه خليل الله فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى عليه السلام فإنه كليم الله فيؤتى موسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى عليه السلام فإنه روح الله وكلمته فيؤتى عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فأوتى فأقول أنا لها"(1).
الثانية: شفاعته لأهل الكبائر من أمته يقول صلى الله عليه وسلم: "فأقول: أنا لها .. فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن يلهمنيه الله ثم أَخِرُّ له ساجدًا فيقال لي: يا محمد .. ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع .. فأقول: رب أمتي أمتي .. فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول أمتي أمتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها فأنطلق فأفعل ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل"(2)
(1) صحيح مسلم 1 - 189.
(2)
صحيح مسلم 1 - 183.
الثالثة: شفاعته لإخراج أناس من أهل النار من الذين ارتكبوا ذنوبًا كبيرة وكثيرة لكنها لم تصل إلى حد الشرك الأكبر .. وهي الشفاعة التي يختص بها الله سبحانه وتعالى .. يقول صلى الله عليه وسلم: "ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا فيقال لي: يا محمد .. ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال ليس ذاك لك أو قال ليس ذاك إليك ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وكبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله"(1)
الرابعة: شفاعته لعمه أبي طالب أن يخفف عنه من العذاب فيوضع على جمرتين على شكل نعلين من النار يغلى منهما دماغه يقول "أبو سعيد الخدري: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلى منه دماغه"(2)
كان الصحابة ينصتون إلى تلك الهبات الإلهية ويرجون الله شفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم .. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يواصل تعليمه وتثقيفه لأتباعه في أي مكان وأي زمان .. ها هو داخل خيمته الصغيرة التي تقصدها خطوات الصحابي عوف بن مالك وبعدما وصل قال رضي الله عنه: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك [في آخر السحر وهو في فسطاطه فسلمت عليه وقلت: أأدخل يا رسول الله؟ فقال: ادخل .. فقلت: كلي؟ فقال: كلك] .. وهو في قبة من أدم فقال عدد ستًا بين يدي الساعة:
موتى
(1) صحيح مسلم 1 - 183.
(2)
صحيح مسلم 1 - 195.
ثم فتح بيت المقدس
ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم
ثم استفاضة المال حتى يعطي الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا
ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته
ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا" (1) وهذا الحديث من معجزاته عليه السلام .. وأما دروسه لأمته في هذه الغزوة فلم تنته ها هو يواصل تعليم أصحابه أمرًا يتعلق بالنظافة والصلاة يعلمهم ..
دروسًا في المسح على مقدمة الرأس والعمامة والخفين
وكان رفيقه في تلك الليلة صاحبه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي يقول:
"أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك"(2):
"فقال: يا مغيرة خذ الإداوة .. فأخذتها ثم خرجت معه .. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توارى عني فقضى حاجته ثم جاء وعليه جبة شامية ضيقة الكمين فذهب يخرج يده من كمها فضاقت عليه فأخرج يده من أسفلها فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة"(3)
"فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إليَّ أخذت أهريق على يديه من الإداوة وغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل
(1) صحيح البخاري 3 - 1159 والزيادة صحيحة وهي عند الحاكم 3 - 630 وغيره.
(2)
حديث صحيح رواه مسلم 1 - 317.
(3)
حديث صحيح رواه مسلم 1 - 229.