الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهي الكمال وهي النموذج والناس تتأرجح صعودًا ونزولًا حولها .. وبينما كان ابن عمر مأخوذًا بتطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم كان المسجد يغص بالمؤمنين المزينين بنصر الله وفتح مكة وبالمشركين اللائذين ببيت الله من الموت .. وكان هؤلاء المشركون على أحر من الجمر ينتظرون
بيان النصر الأول
فقد تناثرت الأصنام وسيطر الجيش المؤمن على كل شيء فما هي لغة هؤلاء المنتصرين الجديدة وما هو مصير هؤلاء الخائفين داخل الحرم وخارجه .. أسئلة أجاب عنها النبي صلى الله عليه وسلم بعد خروجه من الكعبة مباشرة وسمعها أبو هريرة بذاكرة لا تعرف الصدأ .. يقول رضي الله عنه:
"حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بعضادتي الباب ثم قال يا معشر قريش ما تقولون قالوا نقول ابن أخ وابن عم رحيم كريم .. ثم عاد عليهم القول .. قالوا مثل ذلك "قال: يا معشر قريش ما تقولون؟ قالوا: نقول ابن أخ وابن عم رحيم كريم .. ثم قال: يا معشر قريش .. ما تقولون؟ قالوا نقول: ابن أخ وابن عم رحيم كريم"
قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم .. اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين فخرجوا [كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام] " (1)
إذا كان لعظمة محمَّد مقاييس فتلك هي مقاييسها .. لا انتقام للذات ولا للأهل والعشيرة .. لم يأخذ سبايا ولا أموالًا .. ترك كل شيء لله فمن
(1) حديث صحيح مر معنا رواه النسائي في الكبرى 6 - 382 والزيادة للبيهقي في الكبرى 9 - 118 من طريق سلام بن مسكين ثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة وسلام ثقة. التقريب 1 - 342 وكذلك شيخه وشيخ شيخه التابعى ابن رباح.
أجل الله دعا وحورب وحارب وانتصر .. وها هو يشرع أبواب الله لمن يريد الدخول فيها .. يشرعها بالعفو والصفح ونسيان الماضي بآلامه .. والبدء من جديد لإعادة تشكيل الأرض ومن عليها .. هرول المشركون الطلقاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم "فبايعوه على الإِسلام"(1)
هرول من في المسجد نحو النبي صلى الله عليه وسلم أما أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقد هرول خارجًا من المسجد يدفعه البر وتحمله الصلة .. ثم عاد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد "أتاه أبو بكر بأبيه يعوده .. فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه .. قال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه .. فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم فأسلم ودخل به أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه كأنه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا من شعره .. ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال: أنشد بالله وبالإسلام طوق أختي فلم يجبه أحد .. فقال: يا أخية احتسبي طوقك"(2) ثم أخذ أباه "فأمر به إلى نسائه قال: غيروا هذا بشيء"(3) .. أما عثمان بن عفان رضي الله عنه فقد تهادى نحو النبي صلى الله عليه وسلم وبصحبته رجل يسحب خجله وعاره معه .. ذلك الرجل الذي خان الأمانة والثقة ورضي بأكوام الحجارة .. لكن السيف أعاد له رشده وما شرد من صوابه .. عبد الله ابن أبي سرح يقدمه عثمان للنبي صلى الله عليه وسلم ذليلًا خائفًا تائبًا معتذرًا .. ويلخص أحد الصحابة مصيبته
(1) حديث صحيح مر معنا رواه النسائي في الكبرى 6 - 382 والزيادة للبيهقي في الكبرى 9 - 118 من طريق سلام بن مسكين ثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة وسلام ثقة. التقريب 1 - 342 وكذلك شيخه وشيخ شيخه التابعى ابن رباح.
(2)
حديث صحيح مر معنا رواه أحمد 6 - 349 وغيره.
(3)
صحيح مسلم 3 - 1663 أي غيروا لون الشيب الأبيض.