الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لن تحل لأحد كان قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار وإنها لن تحل لأحد بعدي .. فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدى وإما أن يقتل فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله .. فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الإذخر .. فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال: اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتبوا لأبي شاه" (1) وهو إذن منه صلى الله عليه وسلم لمشروع تدوين أقواله وأفعاله وتقريراته .. حتى لقد تحدث راوية الإِسلام أبو هريرة عن امتثال المأخوذين بالرواية فقال "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثًا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" (2)
وسط هذا الاسترخاء الجميل على سواحل الإِسلام وتحت أشعة شمسه الساحرة كان التوتر يسود مناطق قريبة من مكة وبالذات تلك المناطق التي تقطنها قبيلة هوازن الهادئة المسالمة .. والشجاعة أيضًا.
هوازن متواترة
فقد أربكتها الإشاعات التي ترددت حول جمع النبي صلى الله عليه وسلم لعشرة آلاف مجاهد وأثارت مخاوفها تلك الحشود .. كانت التخمينات قد ذهبت بهوازن بعيدًا فظنت أن النبي صلى الله عليه وسلم يقصدها بذلك الجيش الكاسح فاستعدت لنزاله استعدادًا انتحاريًا ولا أدري من الذي وسوس لها وهي القبيلة التي لم يشهد تاريخها أي تصرف يحسب ضدها .. وقد شاركتها هذا الخوف قبيلة
(1) صحيح مسلم 2 - 988.
(2)
صحيح البخاري 1 - 54.
ثقيف وهي قبيلة لم تقم بأي نشاط معاد للنبي صلى الله عليه وسلم سوى ذلك الموقف الذي صدر من بعض رجالها قبل الهجرة .. لكن المبادرة جاءت من هوازن فهي الآن "على بكرة أبيها بظعنها ونعمها وشائها هي في وادي حنين"(1) لم يبق منها ذكر ولا أنثى إلا توجه نحو وادي قريب من مكة يسمى وادي حنين .. وقد اختبأوا "في شعابه وأحنائه ومضايقه وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا"(2) كل هذا كان يجري في الوقت الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ينعمون بأجواء مكة الهادئة الجميلة .. ويقترب عيد الفطر فيخرج المسلمون زكاة الفطر للفقراء والمساكن في مكة ويواسونهم بطريقة ناعمة لم يتعودوا على رقتها من قبل .. ويأتي العيد فيصلي المسلمون العيد ويخطب النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين ثم يحتفل المسلمون بعيد الفطر في مكة ويرى الطلقاء كم هو جميل هذا العيد بالإِسلام وكم هو جميل هذا الإِسلام الذي طالما أغواهم العناد والشيطان بتشويهه .. ويرى الطلقاء هذه الاحتفالية الإِسلامية المدهشة فمكة صاخبة بالحركة والحب والتراحم أكثر من عشرة آلاف يفزون جميعًا خمس مرات يوميًا للصلاة ثم يرونهم بعد أداء الصلاة حول المسجد يتحادثون بود يتبايعون بأمانة ويقرضون دون ربا ويواسي بعضهم بعضًا ويقضون أوقاتًا ممتعة ومرحة
(1) سنده صحيح رواه في الآحاد والثاني 4 - 106 أو النسائي في الكبرى 5 - 273 وغيرهما من طريق: معاوية بن سلام عن جده أبي سلام عن أبي كبشة السلولي عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه فأبو كبشة تابعى كبير ثقة: التقريب 2 - 465 وتلميذه تابعي ثقة أيضًا من رجال مسلم: التقريب 2 - 372 ومعاوية ثقة من رجال الشيخين: التقريب 2 - 259.
(2)
سنده صحيح رواه ابن إسحاق - ابن هشام 5 - 110 حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: عبد الرحمن تابعي ثقة التقريب 1 - 475 وعاصم تابعي ثقة عالم بالمغازي من رجال الشيخين: التقريب 1 - 385.